فيما تستعد المحافظات العراقية، التي تشهد اعتصامات كبرى ضد سياسات رئيس الوزراء نوري المالكي، لانطلاق تظاهرات حاشدة اليوم، يترقبها العراقيون، تحت مسمى جمعة «عراقنا واحد»، تمركزت قوة عسكرية في مناطق شرق الفلوجة في محاولة لفض الاعتصامات في خطوة تشي بتسارع الحل الأمني، تزامناً مع إعلان اللجنة الوزارية المكلفة بمتابعة مطالب المتظاهرين التوصل إلى عدد من القرارات الخاصة بالموقوفين وملفات «هيئة المساءلة والعدالة- اجتثاث البعث سابقاً» تلبية لتلك المطالب، فيما كشفت مصادر مقربة من الحكومة اعتزام المالكي إجراء تغييرات في القيادات الأمنية العليا الأسبوع المقبل لمواجهة التظاهرات.
وقالت اللجان الشعبية في بيان أمس انه «من منطلق إيماننا بوحدة العراق أرضاً وشعباً، وتأكيداً على الأهداف التي سارت عليها انتفاضة الشعب، ومن خلال الاستعدادات المكثفة، ستنطلق تظاهرات حاشدة للتنديد بسياسات الحكومة، والمطالبة بإطلاق سراح المعتقلين والمعتقلات، وتنفيذ مطالب المتظاهرين». وأشار البيان إلى أن «التظاهرات ستقام بعد صلاة الجمعة في عموم البلاد في جمعة عراقنا واحد».
إلى ذلك، أفادت اللجنة الشعبية المنظمة للتظاهرات في محافظة الأنبار أن قوة عسكرية تمركزت في مناطق شرق الفلوجة، وأن تلك القوة تسلمت أوامر بفض الاعتصامات الشعبية في محافظة الأنبار. وقال عضو اللجان الشعبية خميس المهنا إن «قوة عسكرية تمركزت في مناطق شرق الفلوجة، وبدأت بممارسة أعمال استفزازية إزاء المتظاهرين، كونها تروم افتعال فوضى أمنية»، مستدركاً القول إن المتظاهرين «التزموا الحذر، ولم يبادروا القوات العسكرية بأي رد فعل».
لجنة وزارية
في السياق ذاته، ذكرت اللجنة الوزارية لمتابعة مطالب المتظاهرين التي شكلتها الحكومة المركزية في بيان ان «اللجنة اجتمعت برئاسة نائب رئيس الوزراء حسين الشهرستاني وبكامل أعضائها، واستضافت ممثلي مجلس القضاء الأعلى ورئيس هيئة المساءلة والعدالة».
وأضاف البيان أن «اللجنة بحثت ملف النزلاء الموقوفين وملف المساءلة والعدالة وتم التوصل إلى جملة من الإجراءات التي من شأنها أن تحدث تقدماً ملحوظاً لمعالجة هذه الملفات تتمثل، بتكثيف عمل لجان التحقيق الميدانية لمتابعة وحسم ملفات الموقوفين، وتخصيص عدد من ضباط التحقيق في وزارة الداخلية وتفريغهم للعمل مع المحاكم المختصة للإسراع بحسم ملفات الموقوفين بأقصى سرعة، والطلب من مجلس القضاء الأعلى حض وتوجيه القضاة لتفعيل الجواز القانوني القاضي بإمكانية شمول النساء الموقوفات بأحكام الكفالة الضامنة، لحين حسم الدعوى، والتأكيد على وزارة العدل بالتنفيذ الفوري لقرارات الإفراج الصادرة من المحاكم والإفراج عنهم من الأقسام الإصلاحية مباشرة».
وأشار بيان اللجنة أنها «أوصت مجلس الوزراء بالموافقة على تمديد مدة طلبات الإعادة إلى الوظيفة والإحالة على التقاعد وفق قانون المساءلة والعدالة لمن منعته الظروف الأمنية من التقديم ضمن السقف القانوني، والطلب من المحافظ ومجلس المحافظة تزويد اللجنة بقوائم تضم أسماء المشمولين بقانون المساءلة والعدالة لغرض إعادتهم إلى الوظيفة أو إحالتهم على التقاعد وفق القانون، والتوصية إلى مجلس الوزراء على تخويل وزارة العدل باستلام طلبات رفع الحجز عن العقارات المشمولة بموجب قرار مجلس الحكم رقم 88 لسنة 2003 لاتخاذ اللازم لرفع الحجز عن العقار الوحيد المخصص لأغراض السكن واستناداً لأحكام قانون التنفيذ».
تغييرات أمنية
وبالتوازي، ذكر بيان نشره الموقع الرسمي لوزارة البيشمركة أن رئيس الوزراء نوري المالكي «وضع خطة لتغيير كافة القيادات والمسؤولين رفيعي المستوى في المؤسسات الأمنية للجيش والشرطة خلال الأسبوع المقبل». وأشار إلى أن «هذه التغييرات تأتي لمواجهة التحديات التي برزت في الآونة الأخيرة، وخاصةً التظاهرات الأخيرة التي تشهدها العديد من المدن السنيّة العراقية». وبحسب رأي المراقبين السياسيين، فإن «إجراء هذه التغييرات في المؤسسات الأمنية، من قبل المالكي، يهدف إلى تقويته والسيطرة على التظاهرات، وقمع معارضيه بقوة السلاح».
انتحار سياسي
عد النائب السابق للمحكمة الجنائية العليا والخبير القانوني منير حداد أي هجوم على المتظاهرين السلميين «انتحاراً سياسياً»، محذراً رئيس الوزراء نوري المالكي من الأخذ بنصائح بعض العسكريين بضرب المتظاهرين «كونها تؤدي بالعراق الى الهاوية». وذكر حداد في تصريحات أمس ان «أي هجوم على المتظاهرين السلميين ينتج عن قتل مجموعة تعتبر ضمن الجرائم الدولية جريمة ضد الإنسانية، كالتي وجهت لرئيس النظام السابق صدام حسين في جريمة الدجيل»، مشيراً الى أن «القائد العام للقوات المسلحة وجميع القادة العسكريين وأصغر جندي سيحاكمون وفق تهمة الجرائم الدولية».