فيما دافع الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند عن طريقة تعامل الجزائر مع أزمة الرهائن، شدد وزير خارجيته لوران فابيوس ان قوات بلاده لا تنوي البقاء إلى الأبد في مالي.
وقال هولاند في تصريحات صحافية اثناء زيارة قام بها الى منطقة تول وسط العاصمة فرنسا ان «السلطات الجزائرية لم يكن امامها خيار سوى اقتحام مجمع الغاز الذي احتله متمردون».
وأضاف ان تفاصيل العملية التي شنها الجيش الجزائري لا تزال غير معروفة لكن عندما يكون هناك موقف يحتجز فيه رهائن على ايدي ارهابيين مستعدين للقتل فإن الجزائر تصرفت من وجهة نظري بالشكل الانسب، مشيرا إلى أنه «لم يكن بالإمكان التفاوض مع الخاطفين».
من ناحية اخرى، قال الرئيس الفرنسي ان قوات بلاده ستبقى في مالي «كل الوقت الضروري» للقضاء على الارهاب في هذا البلد الافريقي.
وأكد مجددا ان بلاده لا تسعى من خلال التدخل العسكري في مالي الى مصالح تجارية او اقتصادية «بل هي تهب لمساعدة صديق هو من بين الأفقر في العالم ويعاني من فلول الارهاب التي باتت تأخذ أشكالا اكثر خطورة».
وأشار الى الدعم الكبير الذي تحظى به بلاده من الدول الاوروبية والافريقية الى جانب مجلس الامن للتصدي للحركات الاسلامية المتشددة والحفاظ على وحدة وسيادة مالي.
لا بقاء
من جهته، شدد وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس على ضرورة «عدم التهاون في مواجهة الارهاب».
وقال فابيوس في مقابلة صحافية بثّتها ثلاث مؤسّسات صحافية كبرى ردا على سؤال عن عملية احتجاز الرهائن في الجزائر: «انهم قتلة، ينهبون ويغتصبون ويدمرون»، مؤكدا انه «صدم» لأن البعض «كان لديه شعور بأن الجزائريين هم من يجب التشكيك به، بينما الامر ينطبق على الارهابيين».
واكد الوزير الفرنسي ان «الارهابيين لن يفلتوا من العقاب». وقال فابيوس ان حصيلة عملية احتجاز الرهائن التي انتهت بتدخل الجيش الجزائري وأدت الى مقتل اكثر من عشرين رهينة «مرتفعة جدا». لكنه اضاف ان «الوضع كان رهيبا» ومن «السهل جدا» التحدث عما كان يجب القيام به. وأردف القول ان «الجزائريين يعرفون الى اي حد يعتبر الارهاب شرا مطلقا».
ونفى الوزير ان تكون بلاده امتنعت عن انتقاد الجزائر بسبب الإذن الذي اعطته للطائرات العسكرية الفرنسية التي تدخلت في مالي قبل اسبوع بالتحليق فوق الجزائر.
قال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس إنه سيتم نشر 5500 جندي إفريقي في هذا البلد. وأردف القول حول التدخل العسكري الفرنسي في مالي: «نحن لا نووي البقاء إلى الأبد». وأضاف أن بلاده ستكون في الصف الأمامي إلى حين تدخل البعثة الدولية خلال بضعة أسابيع. وأوضح الوزير الفرنسي أن أوروبا قررت بشكل طارئ تشكيل بعثة لتدريب الجيش المالي.
عرض تفاوض
في الأثناء، دعا مدبر عملية عين أمناس مختار بلمختار الملقب (خالد أبو العباس) كلاً من الجزائر وفرنسا للتفاوض لإطلاق رهائن ما يزالون في قبضته مقابل توقيف الحرب شمال مالي.
وظهر بلمختار في تسجيل مصور على موقع «صحراء ميديا» الموريتاني وعرف نفسه لأول مرة بأنه من تنظيم «القاعدة الأم» وذلك بعد شهور من انشقاقه عن تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي، حيث قال في التسجيل «إننا في تنظيم القاعدة نعلن عن تبنينا لهذه العملية الفدائية المباركة»، حسب تعبيره.
وعبر بلمختار في التسجيل الذي كتب أنه سجل 17 يناير 2012، عن استعداده للتفاوض شريطة وقف العملية العسكرية في مالي. وأوضح: «نحن على استعداد للتفاوض مع الدول الغربية والنظام الجزائري بشرط توقيف العدوان والقصف على الشعب المالي المسلم، خصوصاً إقليم أزواد واحترام خياره في تحكيم الشريعة».
في السياق، ذكرت صحيفة «صندي ميرور» أن وحدة من القوات البريطانية الخاصة تستعد لتوجيه «ضربة جراحية» ضد مختار بلمختار العقل المدبّر لعملية اختطاف الرهائن في منشأة نفطية بمنطقة عين أمناس جنوب شرق الجزائر. وذكرت الصحيفة أن جنوداً من فوج الاستطلاع في قوات النخبة البريطانية تم نقلهم مع وحدات من القوات الخاصة الأميركية إلى الجزائر لتحديد موقع بلمختار بعدما تردد بأن القوات الجزائرية قتلت أبو البراء الجزائري الذي كلّفه بلمختار بقيادة عملية عين أميناس.
العثور على 25 جثة لرهائن في عين أمناس
عقب ساعات قليلة من إعلان الحكومة الجزائرية توقعاتها بارتفاع عدد القتلى في مصنع الغاز بعين أمناس شرقي الجزائر، أفادت تقارير إخبارية بالعثور على 25 جثة غير محددة الهوية تعود إلى رهائن كانوا محتجزين في المصنع الغازي.
وأكد تقارير جزائرية انه تم العثور صباح أمس على 25 جثة غير محددة الهوية، لرهائن في مصنع الغاز بعين أمناس جنوب شرق الجزائر. واوضح التقرير ان الامر «يتعلق برهائن» بحسب مصادر امنية تحدث اليها.
وفي السياق، أفادت تقارير وشهود عيان بأن المتشددين المسلحين اعدموا عند اقتحامهم مصنع الغاز تسعة يابانيين. واوضح أحد شهود العيان ويدعى ابراهيم: «في المجمل قتل تسعة يابانيين».
وفي وقت سابق، توقعت الحكومة ارتفاع عدد القتلى في محطة الغاز عن 23 رهينة وهو العدد الذي تم الإعلان عنه في البداية. ونقلت وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية عن وزير الاتصال محمد السعيد قوله إنه يخشى من أن عدد القتلى سيرتفع، مضيفا إن العدد النهائي للقتلى سيعلن في الساعات المقبلة.
وقال إن التدقيق لا يزال جاريا لتحديد هوية بعض الجثث لم يتسن التعرف على أصحابها. وأضاف إن القوات الغازية لا تزال تواصل عملية إزالة الألغام التي زرعها المسلحون بالموقع مرجحا أن تنتهي العملية قريبا حتى يعود المصنع للاشتغال بصورة طبيعية.
وكشف السعيد أن المسلحين الـ32 بينهم ثلاثة جزائريين الذين قضت عليهم القوات الخاصة للجيش دخلوا منطقة عين أميناس من دول مجاورة وهم ينتمون لستة جنسيات من دول غرب إفريقيا وحتى من خارج إفريقيا.
ولفت الوزير الجزائري إلى أن بلاده تعرضت لعدوان خارجي استهدف ضرب استقرارها واقتصادها وجرها إلى التورط في حرب مالي، موضحا انه لم يكن أمام الجيش أي خيار سوى شن هجوم حاسم لإنقاذ مئات الأرواح ومنع تفجير المصنع الذي يعد منشأة اقتصادية استراتيجية لبلاده.
وقال إن الإرهابيين كانوا يعتزمون الفرار بالرهائن إلى مالي لاستخدامهم كورقة ضغط ضد هذا البلد مع تفجير المصنع ما كان سيشكل كارثة حقيقية.
واتهم محمد السعيد وسائل إعلام أجنبية لم يسمها بان تكون على صلة بالتنظيمات الإرهابية، مؤكدا أن التحقيقات هي التي ستكشف كل الحقيقة. وتمكنت الجزائر من تحرير 685 موظفا جزائريا و107 اجانب في عمليتها، كما ذكرت وزارة الداخلية.
وفي الأثناء، ذكرت تقارير محلية ان بعض الرهائن الغربيين المحررين نقلوا الى قاعدة لحلف شمال الاطلسي في سيجونيلا بصقلية ولا يزالون هناك. وكانت الطائرتان: سي17 وسي130 اللتان انطلقتا من قاعدة سلاح الجو الاميركي في رامشتاين بألمانيا تحملان ما بين 10 و20 من الرهائن المحررين.