أكد سمو الشيخ مكتوم بن محمد بن راشد آل مكتوم نائب حاكم دبي ضرورة مواكبة صناعة النشر الصحفي للمستجدات والمتغيرات التي يشهدها العالم اليوم لاسيما وأن تلك التحولات تتسم بالسرعة ما يلقي على كاهل مؤسسات النشر مسؤولية أكبر ويفرض عليها البحث عن البدائل الكفيلة بتمكينها من القيام بالدور المتوقع منها كشريك في بناء المجتمع.
جاء ذلك بعد ان افتتح سموه مؤتمر الشرق الأوسط للرابطة العالمية للصحف وناشري الاخبار «وان افرا» الثامن امس، والذي يختتم اعماله اليوم تحت شعار "السماء ليست الحد .. استراتيجيات ناجحة للمؤسسات الإعلامية" بفندق جي دبليو ماريوت دبي بمشاركة نحو 200 من القيادات الإعلامية ورؤساء ومديري المؤسسات الصحفية والخبراء والمتخصصين في مجالات النشر التقليدي والإلكتروني المحليين والخليجيين والشرق اوسطيين والعالميين والمهتمين بالشأن الإعلامي.
ونوه سمو الشيخ مكتوم بن محمد بن راشد آل مكتوم بالدور الحيوي الذي تضطلع به دور النشر انطلاقا من الأهمية المتنامية لدور الصحافة كمرآة تعكس نبض المجتمع بالكلمة والصورة لتبرز ما يعتريه من طموحات وتحديات وترصد سبل التعاطي معها بكفاءة، مؤكداً سموه قيمة المؤتمر كمنصة للحوار البناء ووسيلة للوقوف على واقع الصناعة وسبل الارتقاء بها عبر تبادل الآراء والأفكار بين مختلف دور النشر في منطقة الشرق الأوسط.
وقام سموه عقب الجلسة الافتتاحية بجولة على المعرض التقني والاعلامي والصحافي المصاحب للمؤتمر صحب سموه خلالها جاكوب ماثيو رئيس الرابطة العالمية للصحف وناشري الأنباء «وان افرا» التي نظمت المؤتمر والمعرض.
وناقش المؤتمر على مدى جلساته امس عددا من القضايا الحيوية المتعلقة بصناعة النشر في مقدمتها فرص النمو في مجالات النشر للصحف والمجلات وسوق الإعلان المطبوع والبحوث والدراسات في مجال وسائل الإعلام المختلفة والمجلات والصحف الالكترونية والنشر الإعلامي في منطقة الشرق الأوسط، وتلقى سمو الشيخ مكتوم بن محمد بن راشد آل مكتوم نائب حاكم دبي هدية تذكارية من الرابطة قدمها له جاكوب ماثيو رئيس الرابطة العالمية للصحف وناشري الأنباء «وان افرا» وصالح الحميدان عضو مجلس إدارة الرابطة رئيس لجنة الشرق الأوسط، كما قام جاكوب ماثيو بتكريم الشركاء الرئيسيين للرابطة في المنطقة من الحضور.
شراكات عالمية
وقال جاكوب ماثيو رئيس الرابطة العالمية للصحف وناشري الأنباء «وان افرا» في الكلمة التي القاها إن دبي اصبحت مركزا للشركات متعددة الجنسيات التي تعمل بصناعة الصحافة والنشر كحلقة ضمن سلسلة من الانجازات التي حولت الامارة الى مركز عالمي ومقصد سياحي دولي واقتصاد قوي، واكد ان الصحف المطبوعة لن تتخلى عن مكانها بالرغم من التطورات السريعة والقوية التي حققتها الصحافة الإلكترونية وصحافة الوسائط الجديدة، مشيرا إلى أن المحتوى الجيد للصحافة المطبوعة سيفرض نفسه دائما بغض النظر عن الوسيط ويبقى المحتوى هو المحك الحقيقي للقدرة على البقاء.
واوضح ان الصحف المطبوعة في الدول النامية مازالت تسير بشكل حسن الا ان التطورات تتلاحق في هذه الدول موضحا ان توزيع الصحف زاد بنسبة 4% في دول الشرق الاوسط وشمال افريقيا الا ان التحولات التكنولوجية تتطور ايضا بحيث اصبحت التكنولوجيا الجديدة وسيلة لنشر الاخبار في الشرق الاوسط وآسيا وفي ذات الوقت خدمة الطباعة المتطورة.
واشار الى ان وسائل الاعلام اسهمت في التحول السياسي في العالم العربي واصبح عليها ان تلعب دورا مهما في مخاطبة تنوع المجتمعات والانظمة السياسية والمشاركة في التنمية المستدامة وتحقيق التقدم الاقتصادي والاجتماعي والثقافي وتعزيز المعلومات للمجتمع وخلق الظروف الملائمة لحرية الصحافة وخلق الحوار الوطني في المجتمعات العربية.
شكر وتقدير
ووجه صالح الحميدان عضو مجلس إدارة الرابطة رئيس لجنة الشرق الأوسط الشكر إلى سمو الشيخ مكتوم بن محمد بن راشد آل مكتوم لرعايته للمؤتمر وما لها من أثر في إثراء قيمة اللقاء كمنبر لتبادل الخبرات والتجارب الناجحة.
وقال إنه في ظل اتساع رقعة تأثير الإعلام بوسائله المختلفة على مناحي الحياة بكافة جوانبها وسرعة التغيرات والتطورات في بيئات صناعة الطباعة والإعلام والنشر عبر العالم ها نحن نجتمع اليوم ممثلين لأكبر المنظمات والشركات الناشرة للصحف في العالم، لتبادل الخبرات والتجارب والرؤى والدراسات الجديدة، وقراءة ما يخبئه المستقبل لهذا المجال، ونستشعر أهمية هذه الصناعة وهذه المناسبة، وأهمية الدور الذي تقوم به، «وان إفرا» في خدمة وتطوير صناعة النشر في المنطقة والعالم.
واوضح انه لا شك في أن الاستقرار الذي تنعم به منظومة مجلس التعاون الخليجي بفضل من الله هو القاعدة الرئيسية التي تقوم عليها كافة الأنشطة الاقتصادية، وفي هذا الجانب فهي توفر المناخ الصحي للشركات العاملة والمستثمرة في هذا المجال على مستوى العالم، ويأتي ذلك من خلال الحنكة والحكمة التي تتميز بها بلادنا حكومات وشعوبا، في التألق مع كل الظروف والمتغيرات والمراحل التي تفرضها طبيعة العصر ومتطلباته، وهي تسعى جاهدة لتوفير البنية التحتية للاستثمار وجذبه، وتوفير عناصر النجاح للمهتمين بصناعة النشر الصحفي من خلال تطوير النظم والمساعدة في دعم المبادرات وتقديم العون المعنوي والمادي اللازم لنجاح هذا النشاط.
واضاف إن الاستثمار الكبير في هذه الصناعة لا يمكن أن ينمو ويتطور إلا بالتخطيط العلمي، وإجراء الدراسات والبحوث، التي تتيح للمعنيين بهذه الصناعة الوقوف على معطيات المستقبل المتغير والمتسارع لمواكبة هذا التغير في الحدود التي تحمي الاستثمارات الكبيرة من الانهيار وتساعدها على النهوض والنمو العلمي المدروس.
وقال إن منظمة «وان افرا» تقوم بأحد أهم أدوارها في تقديم أحدث ما توصلت إليه التجارب العالمية في صناعة النشر الصحفي من خلال مثل هذه المؤتمرات. ولكون هذه الصناعة تعتمد على عناصر رئيسية وأخرى فرعية من حيث الشركات المعلنة والمسوقة. وكذلك الشركات التي تستثمر في صناعة المعدات والتقنيات الصناعية ولوازمها. وكذلك الجهات المعنية بالتدريب والتطوير الفني والتقني للموارد البشرية ومن خلال نظم التدريب وتناقل الخبرات.
وأشار إلى أن فرع المنظمة في الشرق الأوسط والذي يرأسه في هذه الدورة، كان لجهدهم جميعاً الأثر البارز في أن يصبح هذا المؤتمر قبل أن يبدأ من أنجح الملتقيات، إن لم يكن أنجحها من حيث المهتمين والمعلنين والمشاركين والوفود.
وتوقع الحميدان أن يكون الحوار غنيا بمشاركة نخبة من المتحدثين الدوليين من مختلف قارات العالم وما سيطرحونه من أوراق العمل والمحاضرات تستعرض وتحلل أحدث المستجدات في مجالات الإعلام بما في ذلك سبل تطوير الأداء الإعلامي بشكل عام.
تطوير الطباعة
تحدث مانفريد يرفيل نائب الرئيس التنفيذي ومدير الإنتاج التنفيذي «وان - إفرا»، عن الابتكار في الطباعة ودورها المهم في مواجهة التحديات المستقبلية للصحافة المطبوعة، وعرض مجموعة من الصحف التي نجحت في تطوير طباعتها بمصاحبة تطوير المحتوى والشكل ما حقق لها نجاحا باهرا وتناول مايك كوندون، مدير الإنتاج في أخبار الخليج شرح اساليب إحداث الفارق الطباعي باعتماد الجودة العالية والاستعمال السهل والفوائد والتحديات في مجال الطباعة مع التكنولوجيا. وناقشت الجلسة الاخيرة تجارب النادي الدولي لجودة الطباعة الملونة والرؤية التي توحد مضامين النشر، وقدم خلالها مدير أبحاث «وان إفرا» السابق ومؤسس نادي «روكسو» للجودة، وجهة نظره بشأن جودة الطباعة الملونة في أنحاء العالم. وتأسيس النادي الدولي، ما تم إنجازه، وما قد يحدث في المستقبل.
دبي والمنطقة تمتلك صناعة إعلامية غنية ومتنوعة
قال محمد عبدالله المدير التنفيذي لمدينة دبي للإعلام إننا نمتلك في هذه المنطقة صناعةً إعلاميةً غنيّةً ومتنوّعة تشمل وسائل إعلاميّة محليّة، وإقليمية، وعالميه، لا بد من الاقرار بما استطاعت تحقيقه خلال مسيرتها من نجاحات، مع تزايد التحدّيات التي تواجهها الصحافة المطبوعة نتيجة التنامي الهائل لدى نظيرتها الرقمية، تظل لدينا تجارب محلية ناجحة تستحق الاشادة بها. فالصحافة المكتوبة في منطقتنا، تبقى أداة حيوية موثوقة، ومحطّ تقدير في مجال التواصل الإخباري.
واشار الى انه بالنظر إلى مطبوعاتنا المحلية اليومية في الامارات نجد أنّ حضورها على الشبكة العنكبوتية مشجّع للغاية، اذ تقوم جميعها بنشر الإعلانات عن طريق الانترنت، ممّا يُظهِر الفرصة السانحة تجاريا لجني الأرباح.، كما أن ثلاثة أرباع هذه الصحف لديها نسخ إلكترونية تتيح الفرصة للقرّاء لتصفحها اينما وجدوا. وألمح الى مسعى آخر للمطبوعات المحلية لتحسين القياس واستهداف القراء، حيث عمد أكثر من نصف هذه الصحف إلى توفير خدمة تسجيل العضوية على الانترنت، ممّا يعني إمكانية استهداف القراء بكفاءة أكبر، كما أن أغلبها موجود على صفحات وسائل التواصل الاجتماعي، مما يدلّ مرّة أخرى على التقارب والتداخل ما بين المنصات التقليدية ومنابر التواصل الاجتماعي.
نمو في اعلانات الصحف الرقمية
على جانب آخر، قال انه من المُنتظر أن تشهدَ منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، التي ينطق سكّانها بلغة واحدة هي اللغة العربية، نموّا في اعلانات الصحف الرقمية فيها تبلغ نسبته 13%، خلال الاعوام الثلاثة القادمة، لكن أهمّ ما في الموضوع هو المحتوى المقدّم للجمهور، اذ اننا بحاجة إلى محتوى يجذب الإنفاق على الإعلانات، التي من دونها لن نجد المال الذي يدعم تقديم هذا المحتوى أصلًا.
وقال: "بوسع المنطقة أن تتصدر هذا المجال ويمكن للبيانات الدقيقة المتوفرة حاليا عن عدد القرّاء، وخصائصهم السكّانية، أن تساعد المعلنين في تحديد المجالات الأفضل للإنفاق، وبعض هذه المقاييس يمكن أن يُحدث ثورة في صناعة الإعلام لأنها ستنقلنا إلى مستوىً غير معهود من الشفافية».
وذكر أن المراحل المبكّرة من هذا التأثير في سوق التلفزيون ظهرت، حيث إن الآفاق المحتملة لحصول التغيير كبيرة للغاية ويمكن ان تطبق التجربة ذاتها مع الصحافة المطبوعة، ورأينا كثيرًا من الأفكار الجديدة التي تظهر في الغرب، لتُعتمد لاحقًا لدينا، وهذا الأمر يمكن أن يكون جيّدًا، ففي ظل العولمة الاقتصادية من المهم أن تواكب منطقتنا أحدث الاتجاهات.
وأوضح انه بوسع الاعلام المحلي والاقليمي تحديد الاتجاهات الخاصّة به أيضًا، بهذه الطريقة، يمكن ضمان قدرة اللغة العربية على مواصلة النمو في المجال الإعلامي، ففي الوقت الحالي، لا تتعدّى نسبة ما هو مُتاح عربيا بشكل رقمي الـ4%، كما ان بمقدورنا احتضان الإعلام الرقمي، بحيث يتكامل مع الإعلام المطبوع ولا ينافسه، والفرصة تكمن في إيجاد طريقة يمكن من خلالها دعم الكلمة المطبوعة بالوسائط الرقمية، عوضًا عن الاستغناء عنها بشكل كامل.
واضاف إن العالم الإلكترونيّ عَلَّمَنَا قيمة المواطن الصحفي، ومن خلال دمج هذين الاثنين ضمن التيّار العام السائد، بوسعنا تقريب المسافات ما بين المجتمع ووسائل الإعلام، واذا كان ذلك يمكن أن يضمن لنا محتوى بمستوى عالمي رفيع، فإن علينا التأكّد دائمًا من أن قِيَمَنا الثقافية لا تزال في صلب العمل الذي نقوم به. وعرض عبدالوهاب الفايز الرئيس التنفيذي لشركة السعودية للأبحاث والنشر تجربة الشركة ودورها في تطوير قطاع النشر بالمنطقة عبر تطبيق المعايير العالمية في قطاع النشر الصحفي وأثرها في الارتقاء بالأداء والخدمات إلى أعلى مستويات رضا المتلقي.