حذّر المستشار الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في اليمن جمال بن عمر من تنامي النزعة الانفصالية في جنوب اليمن وطالب الحكومة بإجراءات فورية لمعالجة المظالم بهدف استعادة ثقة الجنوبيين في وعود الاصلاحات، فيما وصل الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي الى مدينة الحديدة لاحتواء تداعيات العنف التي وقعت فيها وأدت الى مقتل ضابط وأحد الجنود.
وفي إحاطة إلى مجلس الأمن بشأن الوضع في اليمن، قال بن عمر إنه «لا يزال يتواصل مع القيادات الجنوبية». ووصف افتتاح مؤتمر الحوار الوطني في 18 مارس الماضي أنه «كان لحظة تاريخية لليمن. فالمجموعات التي كانت تخوض مواجهات مسلحة قبل عام فقط، تجتمع اليوم في القاعة ذاتها لمناقشة مستقبل مشترك لبلادها».
وأضاف بن عمر خلال جلسة مشاورات مجلس الأمن الدولي أول من أمس: «أن ذلك يمثل ابتعاداً كبيراً عن الأحداث المأسوية التي حصلت قبل عامين، في 18 مارس 2011، حين قتل 45 متظاهراً سلمياً وجرح 200».
ورغم تأكيد بن عمر أن ذلك يمثل محطة مهمة من المرحلة الانتقالية، لفت نظر المجلس إلى التحديات الكبيرة الباقية. وقال: «هناك اضطرابات في الجنوب. وتستقطب حركة العصيان المدني أعداداً كبيرة من الناس إلى الشوارع. وتتنامى الدعوة إلى الانفصال يوماً بعد يوم. لقد سئم الشعب في الجنوب بعد نحو عقدين من التمييز والقمع وعدم معالجة المظالم المشروعة، وبات يشكك في وعود الإصلاح».
قضية الجنوب
وقال المستشار الأممي: «كثير من اليمنيين يتفقون على حل القضية الجنوبية مفتاح لنجاح العملية الانتقالية في اليمن. وقد غابت بعض فصائل الحراك عن المؤتمر. بينما انضم آخرون بحذر، متوقعين أن يتعاطى المؤتمر مع مصالحهم بنزاهة واحترام، بما في ذلك مطالبات البعض بالانفصال». وأكد أنه لا يزال يتواصل مع قيادات جنوبية.
موضحاً أن تلك القيادات أكدت مراراً أن الوسيلة الوحيدة للحل هي عبر الحوار. وأضاف: «يسرني أن أبلغكم أن كثيرين أكدوا لي نبذهم العنف والتزامهم الحوار». وتابع القول: «يجب على الحكومة اليمنية اتخاذ إجراءات فورية لبناء الثقة في الجنوب لمعالجة المظالم المزمنة للجنوبيين المتعلقة بالمصادرة غير القانونية أو غير المشروعة للممتلكات والتسريح القسري من الجيش والخدمة المدنية».
كما أشار بن عمر إلى الأزمة الانسانية التي قال إنها مستمرة، وأضاف: «النداء الإنساني لهذه السنة لا يزال ينقصه 78 في المئة من حاجاته التمويلية. وقد أعادت الدول تأكيد التزامها دعم اليمن خلال اجتماع أصدقاء اليمن في مارس الماضي. لكن للأسف، لم يتم الإيفاء بكثير من التعهدات وآمل أن يفي المانحون بوعودهم».
وتابع: «للأسف، في الأسبوع الأول من مؤتمر الحوار، ازدادت الهجمات على البنية التحتية، حيث سجلت تسع هجمات على خطوط نقل الطاقة الكهربائية وخمس هجمات على أنابيب النفط. كما جرت محاولات اغتيال عدة في صنعاء تستهدف مسؤولين حكوميين، وفي حالة واحدة استهدف عضو في مؤتمر الحوار».
دستور وانتخابات
وأضاف بن عمر: «لا يزال الجدول الزمني تحدياً كبيراً، مع بقاء أقل من عام لإجراء المؤتمر، وعملية صياغة الدستور بما فيها الاستفتاء، والإصلاحات الانتخابية، والانتخابات العامة. وقد أعلنت إصلاحات لإعادة هيكلة القوات المسلحة وتوحيدها، لكنها لم تطبق بعد. ولا تزال التحضيرات لإعداد سجل جديد للناخبين في مراحلها الأولى. حيث أعلنت هيئة الانتخابات الأسبوع الماضي خطة جديدة لسجل إلكتروني للناخبين، سوف تتطلب توفير موارد عاجلة».
وختم بن عمر تقريره أمام مجلس الأمن بالقول: «مع ذلك كله، لا يزال اليمن المثال الوحيد في المنطقة لانتقال سلمي تفاوضي مبني على خارطة طريق شاملة وحوار وطني حقيقي. لقد فتح مؤتمر الحوار الوطني فصلاً جديداً في العملية الانتقالية، يخط صفحاته اليمنيون بأنفسهم. كل أمر متاح وتقرره إرادة الشعب اليمني. إنهم اليوم يصنعون مستقبلهم بأنفسهم».
عودة الرئيس
من جهة ثانية عاد الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي من روسيا مباشرة الى مدينة الحديدة المضطربة بهدف احتواء العنف المتفاقم هناك بعد مقتل ضابط وجندي على يد مسلحين من الحراك التهامي وتمرد أفراد في الأمن المركزي.
وقالت وكالة الانباء الرسمية «سبأ»: «الرئيس وصل الحديدة للاطلاع على أحوال المحافظة وتفقد أوضاع المواطنين. وسيلتقي بقيادة المحافظة والمجالس المحلية واللجنة الأمنية للوقوف أمام التجاوزات والاختلالات الأمنية التي شهدتها المحافظة مؤخراً والاطلاع على أسباب وقوعها والعمل على معالجة تلك الأوضاع وكذا طبيعة سير العمل الإداري والتنموي في المحافظة وتفقد المشاريع التنموية والخدمية الجاري تنفيذها حالياً بالمحافظة».
وقام هادي بتفقد كتيبة الإنزال البحري «بلقيس» وأشاد بمستوى الجاهزية والانضباط والجهوزية العالية التي يتحلى بها أفراد طاقم الكتيبة، واستمع الى شرحٍ من قائد الكتيبة العقيد بحري صالح عبد القادر عن طبيعة المهام التي يضطلعون بها في إطار مهامهم اليومية الاعتيادية.
زيارة موسكو
أكد الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي أن «زيارته إلى موسكو كانت ناجحة ومثمرة بكل المقاييس وسيكون لها نتائج إيجابية في القريب العاجل. حيث تم الاتفاق على عدد من القضايا المتصلة بتنشيط العلاقات المشتركة بين البلدين في مختلف المجالات الحيوية استثمارياً وتجارياً وثقافياً»، وأكد أنه «لمس خلال لقاءاته بالرئيس بوتين ورئيس الدوما ورئيس الوزراء الروسي ورجال الأعمال رغبة حقيقية لتطوير علاقات الشراكة بين البلدين في مختلف المجالات».
ونقلت وكالة الأنباء الرسمية «سبأ» عن هادي القول: «لقد وجدنا تفهماً كاملاً للظروف والوضع الاستثنائي الذي يعيشه اليمن إثر نتائج أحداث العام 2011، وقدمت الشكر والتقدير للمواقف السياسية البناءة التي اتخذتها القيادة الروسية في دعم المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية والتنسيق مع مجلس الأمن الدولي من أجل تجنيب اليمن ويلات الحرب الأهلية». البيان