أكد الرئيس السوداني عمر حسن البشير أمس خلال أول زيارة يقوم بها لجنوب السودان بعد انفصاله عن الشمال عام 2011 إن زيارته التي وصفها إعلام البلدين بـ «التاريخية» هي بداية لتطبيع العلاقات والتعاون عبر الحدود، بينما أكد مضيفه رئيس جنوب السودان سلفا كير ميارديت أنه اتفق مع البشير على تنفيذ وتفعيل كافة اتفاقيات التعاون بين الطرفين، تزامناً مع تأكيد وزير الداخلية السوداني إطلاق سراح جميع سجناء دولة الجنوب في سجون بلاده وأن الترتيبات جارية مع جوبا لإطلاق سراح السودانيين لديها.
وقال البشير في خطاب ألقاه في جوبا وقد وقف الى جواره سلفا كير ميارديت رئيس جنوب السودان إن زيارته بداية للتعاون وأنه أصدر توجيهاته للسلطات السودانية والمجتمع المدني بالانفتاح على «الأشقاء» في جمهورية جنوب السودان. وأضاف: «الأجواء الإيجابية التي أحدثها التوقيع على تنفيذ المصفوفة مهدت لهذه الزيارة التي تؤشر على بداية لتعاون بناء في طريق تطبيع العلاقات بين البلدين».
وأضاف البشير عقب محادثاته والوفد الوزاري الكبير المرافق له إلى جوبا: «إعادة استئناف ضخ النفط يعد نموذجا للتعاون المشترك، وتم الاتفاق والتعاون على كافة الترتيبات اللازمة حتى تضخ الدماء في شرايين الاقتصاد بالبلدين من أجل رفاهية شعبينا وفي هذا المقام أوجه كافة أجهزة الدولة بالسودان والمجتمع المدني للانفتاح على إخوانهم بجنوب السودان حتى يكون اتفاق التعاون واقعاً يمشي بين الناس» وتابع: «هذه الزيارة الناجحة بكل المقاييس تمثل نقلة في العلاقات بين البلدين وأوجه بفتح كل المعابر الحدودية الجاهزة للتواصل».
قضية أبيي
من جانبه قال رئيس جنوب السودان سلفا كير ميارديت: «هذه أول زيارة للرئيس البشير بعد استقلال جنوب السودان واتفقنا أنا والرئيس البشير على تنفيذ كافة اتفاقيات التعاون التي وقعت في شهر سبتمبر الماضي، واتفقنا سوياً ان بعض القضايا تحتاج لمزيد من النقاش ولم نتفق حولها بعد وتحتاج لحوار مثل ترتيبات الوضع النهائي لمنطقة أبيي وتشكيل مجلس منطقة أبيي وطالبنا ببدء تسديد نصيب أبيي من عائدات النفط المستخرج بالمنطقة وإعطاء الجنوب أيضاً نصيبه من نفط أبيي».
وأكد كير: «لم نتفق بعد حول وضع شركة (سودابت) البترولية ولكن اتفقنا على مواصلة الحوار لنصل لاتفاق كامل، كما اتفقنا على استتباب الأمن في المناطق منزوعة السلاح وجعل الحدود مرنة ومفتوحة للناس والبضائع».
إطلاق سجناء
في السياق، قالت وكالة الأنباء السودانية «سونا» إن لجنة ترتيبات فتح المعابر بين السودان ودولة جنوب السودان، شرعت في عقد اجتماعاتها للبحث في آليات الاتفاق النهائي بشأن المعابر، وقال وزير الداخلية السوداني إبراهيم محمود حامد، إنه «يتم الآن الترتيبات لافتتاح عدد من المعابر بين الدولتين بعد الاتفاق النهائي مع دولة الجنوب».
وفي ملف السجناء قال وزير الداخلية، إنه «تم إطلاق سراح السجناء الجنوبيين في السودان وأن الترتيبات جارية لإطلاق السجناء السودانيين في دولة الجنوب». وكان الرئيس السوداني عمر البشير وصل صباح أمس إلى جوبا على رأس وفد حكومي كبير ضم قرابة نصف الحكومة، حيث حملت الوفد السوداني الذي حطّ في عاصمة جنوب السودان ثلاث طائرات.
وعقد البشير جلسة محادثات مغلقة مع سلفا كير، أعقبها مؤتمر صحافي مشترك بين الرئيسين، ثم غادر البشير عائداً إلى الخرطوم التي وصلها مساء أمس. وتعد هذه الزيارة هي الأولى التي يقوم بها البشير إلى جوبا منذ استقلال جنوب السودان في يوليو 2011 لحضور الاحتفالات بالانفصال الرسمي لجنوب السودان.
مصدر رئاسي سوداني: لا ضغوط وراء زيارة البشير
نفى وزير الدولة برئاسة الجمهورية السودانية عمر حسن أمين وجود أي ضغوط أو إملاءات وراء الزيارة المهمة التي قام بها الرئيس السوداني عمر البشير لدولة جنوب السودان، مؤكداً في الوقت ذاته أن الاتجاه الواقعي في جوبا انتصر على اتجاهات أخرى.
ونفى أمين في تصريحات إذاعية أمس وجود أي ضغوط داخلية أو خارجية لزيارة البشير إلى جوبا وأشار إلى أن «الزيارة تعتبر الفرصة الأولى لعمل سياسي بين الطرفين بعد الاتفاق»، مؤكداً أن «الزيارة تمثل علامة ثقة كبيرة جداً ستحرك ثقة الجهة الأخرى للتيار الواقعي الموازي ولذلك سنشهد تحركا سريعا جداً في كافة الملفات .
وليس هذا من باب التمني ولكن من باب التحليل لاتجاهات الأمور». وأكد أمين أن الزيارة تمثل «عربوناً لتعزيز الثقة بين الطرفين»، موضحاً أنها تضم نصف الحكومة حملتهم ثلاث طائرات وتعد أكبر رحلة رئاسية خارجية بهذا الحجم.
وتابع الوزير السوداني: «لفترة من الفترات كانت هناك نشوة في الجنوب بعد الانفصال لدى التيار الايديولوجي الذي قام على فكرة السودان الجديد ويعتقد هذا التيار أن انفصال جنوب السودان هو المرحلة الأولى لتحقيق حلم السودان الجديد، هذا التيار هو ذاته الذي اختار أن يكون اسم الدولة الجديدة (جنوب السودان)، حتى يظل العنوان قائما للمشروع الايديولوجي القديم.
وهو نفسه الذي اختار أن يكون اسم الحزب مستمراً (الحركة الشعبية لتحرير السودان)، رغم أنه لم يعد هناك صلة بين السودان وجنوب السودان، وذات التيار هو الذي اختار اسم الجيش في الجنوب (الجيش الشعبي لتحرير السودان) وليس قوات جنوب السودان».
وأوضح أمين أن الذي استجد الآن في دولة جنوب السودان «بروز التيار الواقعي الذي يسعى نحو مصالح شعب جنوب السودان، وفي تأسيس دوله تحقق مصالحهم مما رجح كفة الميزان لهذا التيار». وأضاف أن «زيارة البشير تعتبر انتصاراً للواقعية التي تعني فتح الباب للتعامل والتعايش وتبادل المصالح».
قصف ومشرّدون
قال سكان في كادقلي عاصمة ولاية جنوب كردفان أمس إن شخصين قتلا وأصيب ثمانية آخرون بجروح نتيجة لتعرض المدينة لقصف يعتقد أنه من متمردي «الحركة الشعبية شمال السودان». إلا أن ناطقاً باسم الحركة نفى هذه المعلومات.
من جانب آخر، قال مسؤولون في الأمم المتحدة وتشاد إن نحو 50 ألف سوداني فروا إلى جنوب شرق تشاد خلال أسبوع بعد تجدد صراع قبلي في إقليم دارفور المضطرب. أ.ف.ب