استضاف معرض أبوظبي الدولي للكتاب ندوة حوارية جماهيرية ناقشت كتاب «الطريق إلى الاتحادية.. الملفات السرية للإخوان»، وقال مثقفون مصريون مشاركون فيها إن حكم الجماعة في مصر إلى زوال، وتوقعوا سقوطها خلال ثلاثة أشهر، وعللوا ذلك بفشلهم الذريع في إدارة مصر سياسياً واقتصادياً وأمنياً، وحذروا في الوقت نفسه من أن ما يجري حالياً من تفكيك مؤسسات الدولة المصرية يصب في مصلحة «الأخونة»، ونوهوا إلى أن الجماعة تخلت عن جميع شعاراتها عندما لوحت لها واشنطن بكرسي السلطة.
وكشف أحد المتحدثين، رداً على سؤال لـ«البيان»، وجود فئتين للجماعة، هما: التنظيم الدولي، والأخرى مكونة من المصريين في الخارج، وشدد متحدث آخر على ما قدمته دولة الإمارات لمصر وشعبها، ووصفه بـ«الكبير والعظيم».
وتوقع مؤلف الكتاب عبدالرحيم علي، المتخصص في دراسة حركات الإسلام السياسي، في مداخلته في ندوة مناقشة كتاب «الطريق إلى الاتحادية.. الملفات السرية للإخوان» التي أقيمت ضمن فعاليات معرض أبوظبي للكتاب، أن تسقط الجماعة «خلال ثلاثة أشهر ليس إلا»، وشدد على أن «اضطراب الأمور في مصر، والذي شمل مناحي الحياة منذ وصول الإخوان إلى الحكم، يؤكد أن الجيش المصري سيكون بجانب الشعب المصري في الشارع بعد ثوان معدودة من طلبه».
وقال مدير المركز العربي للدراسات الاستراتيجية إن تفكيك خلايا الجماعة في دول الخليج تم «بعد أن بدأت في تهديد أمن الدول من خلال نظرة الإخوان إلى دول الخليج باعتبارها مورداً مالياً كبيراً». وتوقع مؤلف الكتاب أن «المحاكمات العادلة قادمة، وأن هذا النظام إلى زوال في ظل ما يعانيه الشعب المصري من قمع وسحل وفقر».
وتحدث عبدالرحيم عن «الانهيار الحاصل الآن في الاقتصاد والسياسة ومحاولة الاستيلاء والسيطرة على الأعمدة الرئيسة للدولة وهدم الجيش المصري وجهاز الاستخبارات وهدم أمن الدولة تحت حجج كثيرة». وشدد على أن «كل المثقفين في مصر هم الآن في مواجهة عواصف إخوانية عاتية تريد اقتلاع العدالة في مصر لصالح جماعة الإخوان المسلمين التي تحكم مصر الآن».
فئتا «الإخوان»
ورداً على سؤال لـ«البيان»، قال علي إن «هناك فئتين للإخوان: فئة التنظيم الدولي، وهي تعني أن الإخوان يتشكلون من مواطني الدولة التي ينتمون إليها، والفئة الثانية هي المصريين في الخارج ويطلق عليهم (رابطة الإخوان في الخارج)، ومنهم الخلية الإخوانية المصرية التي تم القبض عليها في دولة الإمارات».
وأفاد بأن هذه الفئة «تتبع اثنين من قيادات الإخوان هما خيرت الشاطر ومحمود عزت، والشاطر «هو المسؤول الأول عن هذه الرابطة من حيث استقدام الأموال والتكليفات، وهو من يطرح عليهم آليه العمل في الدول المتواجدين فيها».
وثائق وتجارب
ولفت علي إلى أن كتاب «الطريق إلى الاتحادية.. الملفات السرية للإخوان» يتناول بالرصد والتحليل، وعلى مدار أكثر من ثمانين عاماً هي عمر الجماعة، «كيف انزلق الإخوان في مستنقع الانتهازية السياسية منذ البدايات على يد المؤسس حسن البنا، مروراً بالتعامل مع كافة الحكومات التي تولت الحكم في مصر، وحتى ثورة 25 يناير».
وأردف أن للجماعة «تاريخاً من الدم تلطخت به أيادي كل من تولوا المسؤولية، كان آخرها دماء الثوار الأبرار التي سالت أمام قصر الاتحادية والذين رجحوا كفة الرئيس محمد مرسي في الانتخابات الرئاسية، فإذا به يتنكر لهم».
وأفاد أن الكتاب، الذي تتجاوز صفحاته خمسمئة صفحة، يضم نحو «160 وثيقة سرية من وثائق الإخوان تنشر لأول مرة، وهي تحتوي على أجزاء رئيسة حول علاقة الإخوان بالولايات المتحدة، وكما رواها المرشد السابق مهدي عاكف، وكذلك النص الكامل لمذكرة وكيل الجماعة في فضيحة عبدالحكيم عابدين وتحقيقات اغتيال رئيس وزراء مصر في 1949 محمود فهمي النقراشي باشا، إلى جانب وثائق أخرى بين مؤسس الجماعة حسن البنا وشريكه في تأسيس التنظيم أحمد السكري».
وأضاف أن «الأطر التنظيمية الفكرية والحركية لجماعة الإخوان المسلمين شغلت حيزاً كبيراً في القسم الثاني من كتابه، عبر مجموعة من أهم الوثائق التاريخية المرتبطة بأحداث فصول الكتاب، مثل وثيقة وكيل الجماعة في فضيحة عبدالحكيم عابدين، ونص التحقيقات في قضية اغتيال النقراشي 1949، وقضية المنشية 1954، ومذكرة عاكف حول تقييمه لفرع الإخوان في واشنطن».
ونوه علي إلى أن «الإخوان المسلمين، منذ أن بدأ البناء العام 1928، عاصروا عهدين ملكيين وأربعة عهود جمهورية، وكان حرياً بهم أن يتعلموا الكثير، وأن يقفوا مع النفس وقفة تأمل تندرج تحت شعار النقد الذاتي»، مستطرداً: «لكن المشكلة المزمنة لدى الإخوان أنهم لا يتعلمون من تجاربهم، ويصرون على تكرار أخطائهم، ويوقنون دائماً أنهم على صواب، وأن الآخرين لا يعرفون إلا الخطأ والخطيئة».
تفكيك وأخونة
وقال الكاتب والسياسي مصطفى بكري إن «من أخطر الأمور في الساحة المصرية الآن هو تفكيك مؤسسات الدولة، ليس لصالح التطهير وإنما لصالح أخونة الدولة، لأنهم يعتقدون أن مؤسسات الدولة في عهد حسني مبارك كلها فاسدة، رغم أنهم التيار الوحيد الذي تآمر مع أمن الدولة والاستخبارات العام 2005، واتفقوا على دخول الانتخابات البرلمانية حينها لشق عصى المعارضة التي قررت عدم الدخول للانتخابات».
حب الإمارات
وأعرب بكري عن شكره وتقديره لأبناء دولة الإمارات العربية المتحدة برئاسة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، وإلى روح حكيم العرب الراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه.
وقال: «لا أحد يستطع بأي حال أن يتجاوز هذا السجل التاريخي للعلاقة المصرية الإماراتية، وهي علاقة بنيت على أسس صحيحة تاريخية قوامها بالأساس المصالح المشتركة، ولكن قبل هذا وذاك هي روابط الدم التي تربط أبناء الأمة العربية جمعياً».
ونوه بمواقف المغفور له بإذن الله الشيخ زايد رحمه الله عندما قال في حرب أكتوبر 1973 إن النفط العربي ليس أغلى من الدم العربي، وفتح خزانة الإمارات لمصر وسوريا دعماً للمجهود الحربي واقترض من البنوك الأجنبية لصالح حرب أكتوبر.
وأضاف: «هذا الرجل عندما قيل له ان هناك نقصا في الدماء في تبرعات الدماء للجرحى في حرب أكتوبر، أرسل طائرتين محملتين بتبرعات للدماء للجرحى في الحرب».
وقال: «ثقوا ان كل مصري يعرف دور شعب الإمارات ودور صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، وشيوخ الإمارات، ونحن ندرك تماماً أن ما يجري هو سحابة صيف، وان العلاقات الأبدية والتاريخية وعلاقة الدم بين الإمارات ومصر هي علاقة تتجاوز أي خلافات سياسية عابرة».
تراجع التأييد
وذكر بكري أن «نسبة كبيرة من الشعب المصري راجعوا أنفسهم في تأييد الإخوان بعد مرور أحد عشر شهراً من حكمهم عندما شاهدوا الرئيس محمد مرسي يقول كلاماً ثم يناقضه في اليوم الثاني، والوعود التي كان يقررها ثم يتخلى عنها في اليوم الثاني».
وضرب على ذلك أمثلة تتعلق بـ«عدم موافقة مرسي على الدستور إلا في حال التوافق عليه، وبعد 48 ساعة، طلب من الجمعية التأسيسية إصدار الدستور أياً كان الأمر، وأيضاً عندما أعلن أنه سيحترم المحكمة الدستورية التي ألقى أمامها القسم، قبل أن يعطي لأنصاره تعليمات بمحاصرة المحكمة لمنعها من إصدار حكمها ببطلان مجلس الشورى والجمعية التأسيسية».
حلم وحكم
وقال أستاذ العلوم السياسية ومدير المركز العربي للبحوث السيد ياسين إن «حلم جماعة الإخوان باسترداد الفردوس المفقود لا يخضع إلى قواعد منطقية، فليس في تراث الجماعة، الذي يتسم بالفقر الفكري المدقع، أية إشارة إلى كيفية اختيار الحاكم وآليات الانتخابات أو التعيين، وما وظيفته في ظل وجود عشرات الحكام المسلمين على رأس دولهم»، لافتاً إلى أنه «لا توجد إجابة عن هذه التساؤلات لأن الإجابة الصحيحة تفيد بأن ذلك لن يتم لهم إلا بالانقلاب على الدول العربية والإسلامية القائمة ولو باستخدام العنف».
3 مبادئ
ونوه إلى أن «المشروع السياسي للجماعة منذ نشأتها يقوم على عدد من المبادئ الأساسية والاستراتيجية»، منها ما صرح به المرشد العام للجماعة محمد بديع بعد حصولها على الأكثرية في انتخابات مجلس الشعب بعد الثورة من أن «تحقيق حلم البنا في استعادة الخلافة اقترب».
واستطرد أن المبدأ الثاني من مبادئ الجماعة هو «عدم الاعتداد بالمعرفة الغربية، وهو مشروع قائم ثبت فشله بكل المقاييس»، لافتاً إلى أن المبدأ الثالث هو «قبولهم بالديمقراطية الغربية لأنهم استشعروا بأن اعترافهم بالديمقراطية سيقودهم إلى السلطة».
إشادة بالإمارات وتعرية لـ«الإخوان»
أشاد مدير «مركز المحروسة للطباعة والنشر» فريد زهران بدولة الإمارات العربية المتحدة «التي تحتفي بالعلم والمعرفة وتحرص على إقامة هذا المعرض، ما يثري الحياة الثقافية العربية».
وقال في كلمة على هامش الندوة إن «كتاب الطريق إلى الاتحادية.. الملفات السرية للإخوان» يحاول أن يسهم في معركة سياسية دائرة حاليا وهي معركة الأمة ضد الأخونة، وبما يملك المؤلف من منهجية وقدرة على التحليل السياسي الموضوعي، فهو يقدم وصفاً دقيقا لأداء الإخوان المسلمين في العمل السياسي منذ نشأتهم وحتى الآن.
وأشار زهران إلى أن الباحث «قام أيضا بتسليط الضوء على مدى انتهازية الإخوان وكيف تحالفوا مع النقراشي باشا وجمال عبدالناصر وأنور السادات والمجلس العسكري، وكيف انقلبوا عليهم».
ونوه زهران إلى «بوادر زوال حكم الإخوان بسقوطهم في أربع انتخابات نقابية في مصر لم يحققوا فيها ما كانوا يستحوذون عليه أيام حكم مبارك، حيث فشلوا فشلاً ذريعاً في انتخابات نقابات الصحافيين والصيدلة والبيطريين واتحاد الطلاب، ما يعني أن الشعب المصري بكل فئاته لم يعد يثق في وعودهم». البيان