توسعت المظاهرات المستمرة منذ الاثنين الماضي، احتجاجاً على مشروع يستهدف وسط ميدان التقسيم، لتشمل مدينتي أنقرة وأزمير، فيما أقر رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، بأن الشرطة بالغت في رد فعلها، لافتاً إلى أنه طلب من الشرطة فتح تحقيق في الاستخدام المفرط للقوة، داعياً المتظاهرين إلى التوقف عن مظاهراتهم التي تلحق الضرر بالزائرين والتجار، بينما دعا الرئيس عبد الله غول إلى تغليب المنطق، معتبراً أنّ الاحتجاجات وصلت إلى حد مقلق.
وتضامناً مع مظاهرات إسطنبول، توسعت الاحتجاجات لتشمل العاصمة أنقرة ومدينة أزمير الساحلية على بحر إيجه، فيما انطلقت دعوات في مواقع التواصل الاجتماعي على الإنترنت، لخروج مظاهرات مشابهة في أكثر من عشر مدن أخرى.
وأكد رئيس الوزراء التركي رجب أن الشرطة بالغت في رد فعلها في بعض الحالات عندما تدخلت لتفريق المتظاهرين المحتجين على مشروع بناء في متنزه في إسطنبول، وقال «حقيقة كانت هناك بعض الأخطاء، مثل استخدام عناصر الشرطة غاز الفلفل، وتصرفات مبالغ بها أثناء رد الشرطة»، مؤكداً أنه طلب من وزارة الداخلية فتح تحقيق لمحاسبة عناصر الشرطة المتورطين في قمع المتظاهرين. ومن جهتها، قالت وزارة الداخلية في بيان، إنه سيتم اتخاذ الإجراءات القانونية بحق رجال الشرطة الذين تصرفوا بشكل «غير متناسب».
وفي محاولة لامتصاص موجة الغضب، انسحبت الشرطة التركية من ساحة تقسيم، الأمر الذي دفع المحتجين إلى الساحة فرحين محتفلين بانتصارهم.
ودعا أردوغان إلى وقف فوري للمظاهرات الأعنف ضد الحكومة منذ سنوات، والتي بدأت بعض وسائل الإعلام العالمية بتسميتها الربيع التركي، في الوقت الذي اشتبك فيه محتجون مع شرطة مكافحة الشغب في إسطنبول لليوم الثاني، بالتزامن مع توسع المظاهرات إلى مدينتي أنقرة وأزمير، تضامناً مع محتجي إسطنبول.
طلب بالتوقف
وقال أردوغان في كلمة ألقاها في إسطنبول: «أطلب من المحتجين أن يوقفوا على الفور تظاهراتهم.. للحؤول دون إلحاق مزيد من الأضرار بالزائرين والمشاة والتجار»، مؤكداً أنه سيتخذ كل التدابير الضرورية لـ «لتأمين سلامة الناس وممتلكاتهم». لكنّه في أكّد أيضاً أنه لن يسحب مشروع إعادة بناء ثكنات عسكرية عثمانية، وكذلك مركز ثقافي وآخر تجاري في ساحة تقسيم، الذي تسبب في اندلاع التظاهرات. وقال: «سنبني الثكنة العسكرية» المنصوص عليها في المشروع، معتبراً أن «هذه القضية تستغل كمبرر لإذكاء التوتر».
وقال أردوغان في كلمة أذاعها التلفزيون، إنّ «كل أربعة أعوام نجري انتخابات، وهذه الأمة تختار.. أولئك من لا يقبلون سياسات الحكومة، بإمكانهم التعبير عن رأيهم في إطار القانون والديمقراطية... أطلب من المحتجين أن ينهوا على الفور مثل هذه التصرفات».
من جهته، قال الرئيس التركي عبد الله غول، في بيان نشره مكتبه، إنه «يتعين علينا جميعاً أن نتحلى بالنضج حتى يمكن للاحتجاجات التي وصلت إلى حد مقلق أن تهدأ» داعياً الشرطة إلى «التصرف بشكل متناسب» مع حجم الاحتجاج.
غاز الدموع
وأطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع ومدافع المياه لمنع المحتجين الذين كانوا يرددون: «التوحد ضد الفاشية» و«استقالة الحكومة» من الوصول إلى الميدان، حيث أصيب المئات في اشتباكات وقعت أول أمس الجمعة.
واشتبك محتجون أيضاً مع الشرطة في حي بشكتاش، بعد عبور جسر فوق البوسفور، في محاولة أخرى، على ما يبدو، للوصول إلى ميدان تقسيم.
وبدأت الاحتجاجات في متنزه جيزي قرب ميدان تقسيم في وقت متأخر من مساء يوم الاثنين الماضي، بعد قطع أشجار بموجب خطة حكومية لإعادة التنمية، ولكنها اتسعت إلى مظاهرة كبيرة ضد ما يصفونه بتسلط أردوغان وحزبه، العدالة والتنمية، ذي الجذور الإسلامية.
وقال مسعفون إن ما يقرب من ألف شخص أصيبوا في الاشتباكات في إسطنبول أول أمس، وهي أعنف مظاهرات مناهضة للحكومة منذ أعوام. وقال اتحاد الأطباء التركي إن نحو ستة متظاهرين فقدوا البصر بعد إصابتهم في العين بعبوات غاز.
قلق أميركي
وأبدت وزارة الخارجية الأميركية قلقها إزاء عدد الإصابات، في حين قالت منظمة العفو الدولية والبرلمان الأوروبي إنهما يشعران بالقلق إزاء استخدام الشرطة للقوة المفرطة. وقال وزير الداخلية معمر جولر إنه سيجري التحقيق في المزاعم باستخدام الشرطة للقوة المفرطة.