وجه رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان «إنــذاراً أخيراً» إلى المتظاهرين كي يخلوا على الفور حديقة غيزي في اسطنبول، مــشدداً على أن صبر حكومته قد نفد، وأكد إصراره على اقتراحه إجراء استفتاء شعبي على خطة تنمية ميدان تقسيم، والذي قوبل بالرفض من المعارضة التي اعتبرته غير قانوني، فيما أكدت وزارة الداخلية أن «احتلال» الحديقة ينبغي أن يتوقف سريعاً، في حين واصل مئات المتظاهرين اعتصامهم في ميدان تقسيم.
وقال أردوغان: «حافظنا على صبرنا حتى الآن، لكن صـبرنا بدأ ينفد. أوجه إنذاري الأخير: أيتها الأمهات والآباء، الرجاء سحب أبنائكم من هناك»، وذلك في كلمة في أنــقرة أمـام رؤساء البلدية المنتمين إلى حزبه «العدالة والتنمية» المنبثق من التيار الإسـلامي. وتـابع: «أدعو إخواني الـمدافعين عن البيئة: لا تجعلونا نشعر بالحزن لفترة أطول. دعونا ننظف حديقة غيزي لإعادتها إلى أصحابها الشرعيين، سكان اسطنبول».
استفتاء ورفض
وفي خطابه، أكد رئيس الوزراء التركي عزمه على استفتاء سكان اسطنبول حول المشروع المتعلق بساحة تقسيم وحديقة غيزي. وقال رداً على المتظاهرين الذين أكدوا أن الاستفتاء لن يكون قانونياً: «يمكن لبلدية استشارة سكانها على مستوى اقليم بيوغلو (حيث تقع الحديقة) او مدينة اسطنبول، ليس هناك أية عقبة قانونية».
وجاء ذلك، بعد ساعات من عرضه إجراء استفتاء شعبي بشأن مشروع تقسيم على عدد من ممثلي المتظاهرين الذين استقبلهم مساء أول من أمس. إلا أن اقتراحه لاقى رداً سريعاً من قبل ممثل المتظاهرين تيفون كهرمان الذي اعتبر أمس أن الاقتراح ليس قانونياً ولا مرغوباً فيه.
احتلال غيزي
في الأثناء، صرح وزير الداخلية التركي معمر غولير أمس أمام الصحافة في أنقرة أن «احتلال حديقة غيزي لا يمكن أن يدوم. منذ الأول من يونيو تحتل مجموعات مكاناً عاماً وتمنع الآخرين من الدخول إليه، يجب أن يتوقف كل ذلك قبل أن يسبب مزيداً من التوتر». وأضاف أن «هذا الوضع غير مقبول في ديمقراطية». وتابع: «اتخذنا الإجراءات الأمنية اللازمة. الشرطة مستعدة يومياً لإعادة النظام وضمان الأمن».
اعتصام
ميدانياً، واصل مئات المتظاهرين الأتراك المناهضين للحكومة اعتصامهم في ميدان تقسيم في اسطنبول أمس وأخذوا يرقصون ويغنون.
ومرت الليلة قبل الماضية في سلام، وأخذ الشبان يلعبون كرة القدم في الميدان فجر أمس بعد عدة أيام شهدت اشتباكات عنيفة بين الشرطة ومعارضين لأردوغان. لكن لم يتضح ما إذا كان العرض بإجراء استفتاء سيوقف الاحتجاجات.
تراجع شعبية رئيس وزراء تركيا عربياً بعد الاحتجاجات
قبل عامين احتشد الناس في عواصم عربية لاستقبال رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان انطلاقا من دعمه لانتفاضات الربيع العربي وكانت تركيا وقتها تبدو عازمة على توسيع تجارتها ونفوذها في أنحاء المنطقة.
لكن قمعه لاحتجاجات في الداخل أثارت استياء بعض من كانوا يؤيدونه وأصبحوا الآن لا يقدرونه ولا يرون فيه اختلافا عن الحكام المستبدين الذين أطاحوا بهم في دول عربية.
الا وانه في ظل وجود إسلاميين في السلطة في دول عربية ما زال بإمكان الزعيم التركي أن يحظى باستقبال حار. ففي تونس مهد انتفاضات الربيع العربي استقبلت حكومتها الإسلامية اردوغان الأسبوع الماضي بينما كانت شرطة تركيا تخوض معارك مع المحتجين في شوارع اسطنبول. لكن لم يكن هناك الكثير من الحماس لدى التونسيين الذين استقبلوه عام 2011 باعتباره نموذجا للإسلام والديمقراطية والرخاء معا في سلة واحدة.
وقال هيكل الجبالي وهو سائق عربة مترو في العاصمة التونسية «أردوغان مجرد ظاهرة عابرة.. بعد أن تحدث كثيرا عن حقوق الإنسان فإن احداث تقسيم كشفت وجهه الحقيقي.. إنه منافق. لن يكون نموذجا لنا أبدا».
وفي القاهـرة حيـث يخـشى ليبراليون من أن يفرض الرئيس «الاخواني» محمد مرسي الشـريعة قـال الناشط السياسي خالد داود إن مـعاداة اردوغان للعلمانيين في تركيا واستخدامه للقوة في الشوارع جعل الكثير من المصريين يغيرون رأيهم بعد أن كانوا يعتبرونه بطلا في ميدان التحرير عام 2011 عندما كان واحدا من أول زعـماء العالم الإسلامي الذين طالبوا الرئيس السابق حسني مبارك بالتنحي.
وفي بنغازي مهد الانتفاضة التي أطاحت بالزعيم الليبي الراحل معمر القذافي قال عادل الدريسي (27 عاما) وهو يعمل محاسبا «هذا خطأ» فهو يرى ان الاحتجاجات يمكن أن تكون إيذانا بنهاية حكم اردوغان.
إطلاق سراح
أطلقت السلطات التركية، أمس، سراح المراسلين الكنديين، ساسا بيتريسيك، وديريك ستوفل، اللذين كانت احتجزتهما أول من أمس في اسطنبول. وقال بيتريسيك في تغريدات على حسابه على موقع تويتر: لقد أصبحنا «حرّين»، في إشارة منه إلى إطلاق سراحه وستوفل. ثم أعرب في تغريدة أخرى عن شكره لـ«الدبلوماسيين الكنديين في تركيا على إطلاق سراحه وستوفل بسرعة..». وأضاف: «أمضيت بضع ساعات مع ثمانية شبان اعتقلوا لأسباب سخيفة، لدى إحضارهم صناديق الطعام إلى المحتجين».