انهارت الهدنة الهشة التي دخلت حيز التنفيذ صباح أمس في سوريا ، مع بداية عيد الأضحى ، في مناطق عدة ، ووثقت لجان التنسيق المحلية 112 خرقاً ، ولو أن مستوى العنف لا يزال أدنى من الأيام الأخرى ، فيما تضاربت الأنباء عن مهاجمة الجيش الحر لتظاهرة كردية في حي الأشرفية بحلب ، وسقوط عدد من القتلى.
وقال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان في اتصال هاتفي مع وكالة «فرانس برس» بعد الظهر: «انهارت الهدنة في مناطق عدة» ، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن «مستوى العنف إجمالاً ، هو أقل مما كان عليه» خلال الأسابيع والأشهر الماضية ، و«كذلك عدد الضحايا الذي نأمل ألا يرتفع. كما أن النظام لم يستخدم بعد الطيران الحربي في القصف».
وبلغت حصيلة القتلى حتى مساء أمس 48 شخصاً ، سقطوا برصاص القوات الموالية للنظام ، بينهم تسعة من الأطفال والنساء. وذكرت لجان التنسيق المحلية أن عدد الخروقات للهدنة من جانب النظام ، ارتفع إلى 112 خرقاً موثقاً.
وأعلن الجيش السوري أن «مجموعات إرهابية مسلحة» ، قامت بخروقات لوقف إطلاق النار ، بالاعتداء على عدد من المواقع العسكرية في مناطق سورية مختلفة ، ما استدعى رداً من القوات السورية النظامية. في القاهرة ، قال نائب الأمين العام للأمم المتحدة أحمد بن حلي ، لوكالة «فرانس برس» ، «بحسب المؤشرات الأولية ، الهدنة تطبق ، ويمكن أن تؤدي إلى هدنة أطول ، وآلية قوات حفظ سلام من الأمم المتحدة».
مناطق الخروقات
ووقعت العمليات الأكثر حدة في محيط معسكر وادي الضيف في ريف إدلب ، الذي يحاصره الجيش الحر منذ أكثر من أسبوعين ، تاريخ استيلائهم على مدينة معرة النعمان القريبة والاستراتيجية ، وجزء من الطريق السريع الذي يربط دمشق بحلب قرب المدينة ، ما مكنهم من إعاقة إمدادات القوات النظامية إلى المنطقة. ويشارك في القتال ضد قوات النظام في هذه المنطقة ، عناصر جبهة النصرة الإسلامية المتطرفة ، التي أعلنت منذ الأربعاء الماضي رفضها للهدنة. وقال مقاتلون من الجيش الحر في بلدة شمالية قريبة من الحدود التركية ، إن واحداً منهم قتل برصاص قناصة في ساعة مبكرة اليوم ، وسمع صحافي من وكالة «رويترز» صوتاً يبدو كصوت أربع طلقات من طلقات الدبابات. وقال باسل عيسى ، الذي يقود مجموعة من مقاتلي المعارضة: «لا نعتقد أن وقف إطلاق النار سيصمد... لا عيد لنا نحن الثوار على خط الجبهة. العيد الوحيد الذي يمكن أن نحتفل به هو التحرير». وترافقت الاشتباكات مع قصف على قرى دير شرقي ، ومعر شورين ، وكفرسجنة القريبة ، مصدره القوات النظامية ، ما أسفر عن تهدم في بعض المنازل ، بحسب المرصد.
اشتباكات غير مسبوقة
في مدينة حلب ، نقل مراسل وكالة «فرانس برس» عن سكان أن الثوار حاولوا التقدم في اتجاه ثكنة المهلب في منطقة السريان ، لكن الجيش صدهم.
وتضاربت الأنباء بخصوص اشتباكات في حي الأشرفية ذي الغالبية الكردية بحلب ، وقال ناشطون إن مسلحين تابعين للجيش الحر ، هاجموا تظاهرة نظمها أهالي الحي ، للمطالبة بخروج المسلحين الذين ردوا بإطلاق النار ، حيث قتل خمسة أشخاص. وذكرت تقارير أخرى أن الجهة التي أطلقت النار هي جبهة النصرة الإسلامية المتطرفة ، وأن اشتباكات وقعت بينها وبين قوات الحماية الشعبية الكردية ، وسقوط قتلى من الطرفين. ولم تتطرق مواقع الثورة السورية لهذه الاشتباكات الأولى من نوعها بين جهتين تعارضان النظام ، إلا أن موقع وكالة «فرات» الكردية للأنباء ، ذكرت أن متظاهراً قتل برصاص مجموعات مسلحة تابعة للجيش الحر.
ستة صواريخ
في مدينة حمص ، تعرض حي الخالدية ، وأحياء أخرى محاصرة من القوات النظامية ، للقصف ، بحسب ناشطين. وأظهر شريط فيديو نشر على موقع «يوتيوب» انفجارات تتوالى في أحد أحياء حمص ، بحسب ما يقول صوت مسجل على الشريط. وترتفع سحب سوداء من الدخان. ويقول الصوت: «حمص تدمر وتفجر في أول ايام العيد». وأضاف المرصد أن الجيش النظامي أطلق ستة صواريخ على حي الخالدية ، ما أدى إلى إصابة شخصين وإلحاق أضرار بمنازل.
في دمشق ، «انفجرت سيارة مفخخة داخل مبنى قيد الإنشاء في حي التضامن ، ولم ترد أنباء عن خسائر بشرية ، وانفجرت قذائف هاون في محيط مطار المزة العسكري» ، بحسب المرصد. كما أفاد المرصد عن «اشتباكات عنيفة في حي العسالي في جنوب دمشق ، والسيدة زينب في ضاحية دمشق». وذكر ناشطون أن الاشتباكات شملت أيضاً حي القدم في جنوب العاصمة. وقالت الهيئة العامة للثورة إن الاشتباكات بدأت بعد أن «قامت قوات النظام بإطلاق الرصاص على المدنيين في المنطقة».
تظاهرات وقمع
وفي الأثناء ، انتعشت التظاهرات على وقع انخفاض وتيرة القصف ، حيث خرجت تظاهرات عديدة مناهضة للنظام في مناطق سورية مختلفة ، بعد صلاة عيد الأضحى. وتدخلت القوات النظامية في بعض المناطق لتفريق المتظاهرين ، وأطلقت النار في بلدة انخل في محافظة درعا ، ما تسبب بإصابة ثلاثة أشخاص بجروح ، بحسب المرصد. وأكد رئيس المجلس العسكري الأعلى للجيش السوري الحر ، العميد مصطفى الشيخ ، أن القوات النظامية أطلقت النار أيضاً على متظاهرين في قطنا في ريف دمشق ، وفي حي القابون في جنوب دمشق ، معتبراً ذلك «خرقاً لإطلاق النار».
وقال رداً على سؤال ، إن «منع التظاهر وإطلاق النار على المتظاهرين ، يشكل خرقاً» ، مضيفاً أن المقاتلين المعارضين «أكثر هدوءاً من قوات النظام ، لأننا نريد إعطاء فرصة لوقف النار». وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان وناشطون ، إن تظاهرات سارت في بلدات في درعا ، وحي هنانو في مدينة حلب ، وريف حلب ، وأحياء الحجر الأسود والقابون وجوبر في دمشق ، وبلدات وقرى عدة في ريف دمشق وإدلب ، وريف حماة ، ودير الزور ، والرقة.
انتهاز الفرصة
قال مسؤول من الأمم المتحدة في جنيف ، إن وكالات الإغاثة التابعة للأمم المتحدة تستعد لانتهاز أي فرصة توفرها الهدنة لدخول مناطق كان من الصعب الوصول إليها وسط القتال.
وقال لـ «رويترز»: «تستعد وكالات الأمم المتحدة لتكثيف جهودها بسرعة ، خاصة في المناطق التي كان من الصعب الوصول إليها بسبب الصراع ، والتي قد يكون دخولها ممكناً ، نتيجة لهذه التطورات». وقالت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة ، إنها جهزت معدات للإسعاف الطارئ ، لتوزيعها على ما يصل إلى 13 ألف أسرة ، أي نحو 65 ألف شخص ، في مناطق لم يكن يمكن الدخول إليها من قبل ، منها حمص ومدينة الحسكة في شمال شرقي البلاد.