في موجة جديدة ضمن الهيستريا التي أصابتهم منذ 30 يونيو الماضي، أشعل عناصر جماعة الإخوان فتنة عنيفة في مصر راح ضحيتها عشرة أشخاص وأكثر من 86 جريحاً، بعد أن نفذوا أمس وأول من أمس اعتداءات دامية على نشطاء من القوى الثورية في ميدان التحرير واشتبكوا مع المدنيين من الأهالي في أحياء الجيزة وميادينها ومدينة قليوب. وفيما شيّع الآلاف أمس ضحايا الاعتداءات الإخوانية في «التحرير» وسط القاهرة مرددين هتافات مناهضة لعنف «الإخوان»، أكدت الرئاسة المصرية عبر ناطقها الإعلامي أن «مصر لن تكون سوريا ثانية».
وقال رئيس الإدارة المركزية للرعاية الحرجة والعاجلة بوزارة الصحة خالد الخطيب أن حصيلة الاشتباكات التي وقعت أول من أمس الاثنين وفجر أمس الثلاثاء بلغت 86 مصاباً وعشر حالات وفاة. وأضاف الخطيب أن «اشتباكات وقعت يوم الاثنين بميدان التحرير ومدينة قليوب أسفرت عن إصابة 44 شخصاً ومقتل أربعة. في حين أسفرت الاشتباكات التي وقعت قرب جامعة القاهرة عن مقتل ستة أشخاص وإصابة 33 آخرين». كما أدت اشتباكات وقعت فجر أمس بميدان رابعة العدوية وأمام أحد أقسام الشرطة في مدينة نصر وفي ميدان التحرير إلى إصابة تسعة أشخاص.
اشتباكات مع الأهالي
وجرت اشتباكات دامية استُخدمت فيها الأسلحة النارية والبيضاء بميداني «الجيزة» و«نهضة مصر» (جنوب القاهرة) دامت من بعد منتصف ليل الاثنين وحتى فجر أمس، بين أعداد كبيرة من جماعة الإخوان من أنصار مرسي وبين مواطنين من سكان الجيزة، حيث دارت حرب شوارع في محيط الميدانين وامتدادهما، خاصة شوارع: الجامعة ومراد والبحر الأعظم والسودان وحول مبنى حديقة الحيوان.
واندلعت الاشتباكات بين مؤيدي الرئيس المعزول محمد مرسي وأهالي الجيزة إثر اعتداءات أنصار المعزول على الأهالي استمرت لساعات، استخدم فيها أنصار المعزول من جماعة الإخوان الأسلحة النارية لإرهاب المعارضين. كما اشتعلت النيران بسيارتين «ملاكي» أمام مدرسة السعيدية بالقرب من ميدان «النهضة»، ما أدى إلى تصاعد الأدخنة الكثيفة من السيارتين. وقام أنصار الرئيس المعزول بإطلاق النيران علي الأهالي الغاضبين في محاولة لتفريقهم من أمام مدرسة السعيدية، حسب شهود العيان، الأمر الذي أدى إلى حدوث حالة من الكر والفر من جانب الأهالي وأنصار الرئيس في الشوارع الجانبية للمدرسة.
بيان الداخلية
وقالت وزارة الداخلية في بيان رسمي لها عصر أمس إن «بعض المسيرات التي نظمها أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي وجماعة الإخوان المسلمين خرجت عن النهج السلمي، وجنح المشاركون فيها إلى استخدام العنف، خاصة المناطق المحيطة بميدان التحرير وبميدان الجيزة وطريق القاهرة الإسكندرية الزراعي بالقليوبية ومدينة الفيوم».
وأضافت الوزارة أن «تلك المسيرات أدت إلى قطع الطرق وإعاقة الحركة المرورية وحدوث اشتباكات بينهم والمعتصمين بميدان التحرير وأهالي تلك المناطق، واستخدمت فيها الأسلحة النارية والخرطوش والأسلحة البيضاء، وسارعت قوات الشرطة للتدخل للفصل بين الأطراف والسيطرة على الموقف للحيلولة دون تفاقم الأوضاع، وتمكنت من ضبط 66 من مثيري الشغب (من عناصر الإخوان) وبحوزة بعضهم أسلحة نارية وبيضاء، وتم اتخاذ كافة الإجراءات القانونية قبلهم».
إلى ذلك، شيّع آلاف المتظاهرين الغاضبين في ميدان التحرير أمس جنازة شخص قتل في اشتباكات جماعة الإخوان مع الأهالي في منطقة قصر النيل، وبعد أداء الصلاة على القتيل ردد المتظاهرون هتافات تندد بأفعال جماعة الإخوان من أنصار مرسي، مؤكدين أن «لا تصالح مع الإخوان الذين تلوثت أيديهم بدماء الأبرياء من الشعب المصري».
مصر ليست سوريا ثانية
من جانبه، وفي تعليق له على الأحداث الدامية التي تشهدها مصر، أكد المستشار الإعلامي لرئيس الجمهورية أحمد المسلماني أن «مصر لن تكون سوريا ثانية، ومن يدفع في هذا الطريق خائن وعميل».
وقال المسلماني، في تصريح له أمس «إن الذين يلهثون وراء الإعلام الأجنبي ويركضون خلف عواصم للغرب لتزييف حقائق الثورة والدولة لن ينالوا غير الخزي والعار»، وتابع: «يريدون أن نكون سوريا ثانية، وهم واهمون».
في السياق، هنأ الإمام الأكبر شيخ الأزهر أحمد الطيب شباب «جبهة 30 يونيو» بنجاح ثورة 30 يونيو، مؤكداً أن «ما حدث ليس انقلاباً، ولكنها إرادة شعبية»، ومشدداً على ضرورة الانتهاء من المرحلة الانتقالية في أسرع في وقت وهي إجراء انتخابات رئاسية في غضون ثلاثة شهور. وأوضح شيخ الأزهر موقفه لشباب الثورة أنه استند في رأيه إلى القاعدة الفقهية التي تقول إن «ارتكاب أخف الضررين واجب شرعي».
من جانب آخر، اتهمت منظمة العفو الدولية قوات الأمن المصرية بالتخلي عن الأقباط والفشل في التدخل لتأمين الحماية لهم وتركهم تحت رحمة الحشود الغاضبة أثناء أحداث العنف الطائفية في مدينة الأقصر. وقالت المنظمة إن «أربعة رجال من المسيحيين المصريين قتلوا، وأُصيب أربعة آخرون بجروح خطيرة في هجوم وقع يوم 5 يوليو الجاري، واستمر زهاء 18 ساعة». وأضافت أن «قوات الأمن المصرية المتواجدة في المنطقة قامت بمحاولات فاترة لإنهاء العنف وفشلت في استدعاء تعزيزات كافية، على الرغم من المناشدات المتكررة من السكان المحليين والزعماء الدينيين للتدخل».
دعوة واشنطن
دعا البيت الأبيض إلى إنهاء كل الاعتقالات السياسية في مصر، معتبراً أنه لا بد من حل وضع الرئيس المصري المعزول محمد مرسي بطريقة تتماشى مع حكم القانون وتسمح بضمان أمنه الشخصي. وسئل الناطق باسم البيت الأبيض جاي كارني عن تعليق على المؤتمر الصحافي الذي عقدته عائلة مرسي للمطالبة بالإفراج عنه فقال: «نحن ندعو لإنهاء كل الاعتقالات السياسية، ونعتقد بأن على كل الأطراف أن تكون حرة للمشاركة في مستقبل مصر السياسي، وهذا يشمل الرئيس مرسي». وأضاف كارني: «لا بد من حل وضعه بطريقة تتماشى مع حكم القانون وتسمح بحماية أمنه الشخصي، وقد أوضحنا ذلك في محادثاتنا مع سلطات الحكومة المصرية الانتقالية».
علاقات مع فلسطين
أكد السفير المصري لدى فلسطين ياسر عثمان متانة العلاقة بين الشعبين المصري والفلسطيني وعدم تأثرها بأية أصوات معزولة تحاول النيل من هذه العلاقة أو الإساءة إليها. وقال عثمان في تصريحات له أمس بمناسبة ثورة 23 يوليو إن «القضية الفلسطينية في قلب كل مصري، ومصر مستمرة بقوة في إسناد الحقوق الفلسطينية». وأشاد بموقف القيادة الفلسطينية والشعب الفلسطيني بقواه المختلفة الداعم لخيارات الشعب المصري وثورته والرافض للتدخل بالشأن الداخلي لمصر.