غطى لون الدم العاصمة المصرية القاهرة أمس، حيث لقي العشرات حتفهم خلال صدامات بين معارضي ومؤيدي الاخوان المسلمين، الذين شنوا هجوماً عنيفاً على قوات الأمن ونظرائهم المحتجين بالأسلحة الآلية، وسط نفي الداخلية استخدام الرصاص وتحميلها «الجماعة» مسؤولية الأحداث، التي فُتح بشأنها تحقيق، واتهامها بافتعال الاشتباكات لاستثمارها سياسياً، حيث أكدت أنها ستفض اعتصام رابعة العدوية «في القريب العاجل بأقل قدر من الخسائر»، في وقتٍ أفيد عن نقل الرئيس المعزول محمد مرسي قريباً إلى سجن طرة بعد توجيه اتهامات عديدة إليه.
وصرح نائب رئيس هيئة الاسعاف في وزارة الصحة المصرية محمد سلطان أمس أن «عدد القتلى في أحداث طريق النصر، غير بعيد من اعتصام رابعة العدوية لانصار مرسي، وصل الى 39 قتيلا اضافة إلى اكثر من 649 جريحاً موزعين على بعض مستشفيات القاهرة». وبدأت الاشتباكات، بعد منتصف ليل الجمعة - السبت عندما حاولت مجموعة من المتظاهرين الاسلاميين قطع مطلع جسر 6 اكتوبر، في منطقة مدينة نصر التي تبعد اكثر من ثلاثة كيلومترات تقريبا من ميدان رابعة العدوية، وهو جسر حيوي يربط شمال وشرق القاهرة بوسط المدينة وجنوبها.
فض اعتصامات
من جهته، أكّد وزير الداخلية اللواء محمد ابراهيم في مؤتمر صحافي أنّه «سيتم فض اعتصامي الإسلاميين في القاهرة في القريب العاجل وبأقل قدر من الخسائر». وأضاف إبراهيم: «نتمنى أن يتعقلوا وأن يفضوا هذا الاعتصام قبل أن نفضّه بالقوة حفاظا على الدم، لان كل من في رابعة اخوة، ويجب ان ننهي الصراع في الشارع الذي يسقط فيه كل يوم ضحايا»، مشدّدا على أنّه «سيفض بالطريقة التي لا تحدث قدراً كبيراً من الخسائر». وشدد على انه «من العيب ان يتاجر (الاسلاميون) بالدم». وأكد ابراهيم ان قوات الشرطة «فرقت المتظاهرين بالغاز عندما حاولوا قطع جسر 6 اكتوبر في حي مدينة نصر، ولكنهم عادوا فجأة الى حيث كانت قوات الشرطة متواجدة وبدأوا اطلاق الاعيرة الحية والخرطوش على القوات».
واضاف: «بعض الاهالي في المنطقة بدأوا يشتبكون معهم وحصل كر وفر وحاولنا ان نفصل بينهم حتى الصباح». وسئل عن حالات احتجاز مواطنين مصريين في اعتصامي رابعة العدوية وميدان نهضة مصر بالجيزة، فقال: «هناك ثلاث حالات تعذيب أدّت إلى الوفاة في النهضة وحالات تعذيب أخرى أفضت إلى الموت في رابعة العدوية»، موضحا أنّ المعتصمين «ألقوا القبض على هؤلاء الاشخاص اعتقادا منهم أنّهم يتجسّسون عليهم وضربوهم حتى الموت». وذكر ابراهيم أنّه «تم القبض على 73 شخصا الجمعة خلال الاشتباكات في مدينة نصر في القاهرة وعلى 15 في اشتباكات الاسكندرية».
مرسي وطرة
على صعيد متصل، رجّح إبراهيم نقل مرسي إلى سجن طرة المسجون فيه حاليا الرئيس الأسبق حسني مبارك، في أعقاب توجيه عدد من التهم له من بينها القتل. وتابع أنّ «قاضي التحقيق هو الذي سيقرّر مكان احتجاز مرسي الذي لم يكشف عن مكانه حاليا». وحين ألح الصحفيون في السؤال عن المكان الذي سينقل إليه مرسي، أجاب: «تقريبا سيبقى في طرة».
مسؤولية «الإخوان»
بدوره، شدّد الناطق الرسمي باسم الوزارة اللواء هاني عبد اللطيف على أنّ قوات الداخلية «لم تستخدم سوى الغاز المسيّل للدموع لتفريق متظاهرين في القاهرة والاسكندرية»، محمّلاً مسؤولية العنف الدامي لجماعة الاخوان المسلمين، ومحذّرا من الخروج عن الاطار السلمي للتظاهر والتعبير.
وقال عبد اللطيف إنّ «قوات الأمن لم يتجاوز تسليحها الغاز المسيل للدموع، ولم تستخدم سواه في المواجهات مع المتظاهرين»، متهماً أنصار الإخوان المسلمين بإطلاق النار وإصابة 14 ضابطاً و37 مجنداً وعنصر شرطة بجروح.
واتهم عبد اللطيف أنصار الجماعة بأنهم «أصروا على افتعال أزمة عبر تحريك مسيرة من ميدان رابعة العدوية إلى مطلع كوبري أكتوبر لقطع الطريق وتعطيل الحركة المرورية، وقاموا بإشعال الإطارات بكثافة في الكوبري والاشتباك مع أهالي منطقة منشأة ناصر القريبة باستخدام الأسلحة النارية والخرطوش، ما أسفر عن مقتل 21 وإصابة آخرين».
وأردف أنّ «قوات الأمن تحرّكت للفصل بينهما والحيلولة دون غلق الكوبري، وقامت باستخدام الغاز المسيل للدموع لتفريقهم وأبعدتهم وأعادت حركة المرور»، مضيفاً: «تؤكّد وزارة الداخلية أن كل قواتها المكلّفة حفظ الأمن في كافة الفعاليات أو مواجهة أحداث الشغب لم يتجاوز تسليحها الغاز المسيل للدموع ولم تستخدم سواه في كافة المواجهات التي جرت والتي أسفرت عن إصابة 14 ضابطا منهم اثنان بطلقات نارية بالرأس حالتهما خطرة و37 من الأفراد والجنود منهم عدد كبير بطلقات نارية وخرطوش». كذلك، أشارت تقارير إعلامية مصرية إلى شن مؤيدين للرئيس المعزول هجوماً عنيفاً على قوات الأمن بالأسلحة الآلية على طريق المطار، وسط تضارب في أعداد الضحايا. وذكرت التقارير أن الهجوم المذكور «أدى إلى فرار قوات الأمن والأهالي باتجاه الشوارع الجانبية».
فتح تحقيق
وعلى الفور، أمر النائب العام المصري هشام بركات بفتح تحقيقات موسَّعة في أحداث طريق النصر شمال شرقي القاهرة. وكلَّف بركات نيابة مدينة نصر الكُلية بدء تحقيقات موسّعة، حيث أفادت مصادر قضائية متطابقة بأنّ «النيابة العامة قرَّرت انتداب الطب الشرعي لمعاينة موقع الأحداث، ومناظرة جثامين المتوفين والاستماع لأقوال المصابين بالمستشفيات، وشهود الواقعة وإعداد تقرير مبدئي يتم تسليمه للنائب العام».
على الهامش
تحيّة الجيش
- وجَّهت القوات المسلحة المصرية «الشكر» للشعب المصري على تلبية دعوة وزير الدفاع الفريق أول عبد الفتاح السيسي بالنزول إلى الميادين والشوارع لمنحه تفويضاً لمواجهة الإرهاب. وقال الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة المصرية العقيد أركان حرب أحمد محمد علي في رسالة مقتضبة عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» قبل الفجر: «إلى الشعب المصري العظيم.. تعظيم سلام وشكراً». البيان
- السيسي مشير
شهدت مدينة العريش المصرية تظاهرات حاشدة الليلة قبل الماضية للإعلان عن تأييدها لوزيرالدفاع الفريق أول عبد الفتاح السيسي للقضاء على الإرهاب والعنف. وطالب بعض المتظاهرين الرئيس المؤقت عدلي منصور بترقية السيسي إلى رتبة المشير تعبيرا على حبهم وتقديرهم له.
إبطال قنبلة
- عثرت أجهزة الأمن على قنبلة يدوية في شارع العريش بحي الهرم في محافظة الجيزة جنوب القاهرة. وقال مدير الادارة العامة لمباحث الجيزة اللواء محمد الشرقاوي إنّ «سكان المنطقة أبلغوا الأجهزة الامنية بالعثور على جسم غريب تبيّن أنّه قنبلة يدوية»، مشيراً إلى أنّ «خبراء المفرقعات تمكّنوا من إبطال مفعولها». د.ب.أ
- 12 قتيلاً
ارتفع عدد ضحايا الاشتباكات بين مؤيدي ومعارضي الرئيس المصري المعزول محمد مرسي في مدينة الاسكندرية إلى 12 قتيلاً، بعدما تجدّدت المواجهات بين الطرفين أمس، حيث كان بلغ خمسة الليلة قبل الماضية. البيان