Quantcast
Channel: IPTV Flash News
Viewing all articles
Browse latest Browse all 34185

سن حرمان الأم

$
0
0

حياة مستقرة عادية كما سائر العائلات الإماراتية، كانت تحياها أسرة «أم أحمد» التي رزقت سبعاً من البنات والبنين، اثنان منهم توأم (سعيد وسعود)، إلى أن دب الخلاف بين الزوجين، وكان الطلاق النتيجة الحتمية لخلافات يومية ومشادات لم تهدأ يوماً.

رفضت الأم ترك بيتها ظناً منها أنها أحق به كونها المربية، لكن الزوج ألقى بها وبأبنائها خارج المنزل، فلم تجد سوى غرفة في بيت أسرتها تؤويها وأطفالها السبعة.

أيام صعبة وشهور عصيبة عاشتها أم الأبناء من جراء هذا الوضع المؤلم، ظلت تتقاسم العيش مع والدتها التي تعتمد على الإعانة الاجتماعية، والتي تتقاضاها كل شهر. وفي أحد الأيام فوجئت بمن يطرق بابها يريد تنفيذ أمر المحكمة بتسليم ابنتها الكبرى إلى والدها، اعترضت ورفضت التخلي عن ابنتها، كيف لا وهي التي لم تعتد فراقها يوماً واحداً. لكن الأمر بدا أقوى منها، فقالت المحكمة كلمتها. ولم تمضِ أشهر قليلة حتى أعيدت الكرّة ثم انتزع منها ابنها الثاني، والثالث، فالرابع، والخامس، هكذا كلما بلغ أحدهم السن القانونية للحضانة، انتقل إلى حضانة والده ولم يتبق معها سوى الصغيران التوأم.

تصف أم أحمد حالتها، فتقول: أجد نفسي مثل القطة التي أنجبت صغاراً تخشى عليهم من نسمة هواء، ثم جاء من ينتزعهم منها الواحد تلو الآخر، هكذا بلا رحمة.

أكثر ما بدا مؤلماً لهذه الأم، أن أولادها وبناتها الذين ربتهم على القيم والأخلاق والفضيلة، لم ينتقلوا للعيش مع جدتهم من الأب أو زوجة تنتمي إلى هذه الأرض، ولو حدث ذلك لكان المشهد أقل صعوبة عليها، لكنهم أصبحوا بين ليلة وضحاها رهينة الخادمة الآسيوية التي كانت تقوم على خدمتهم في ما مضى قبل أن يتزوجها والدهم، والتي كانت سبباً في خراب العلاقة الزوجية، حتى تنفذ ما خططت له، بأن تصبح سيدة البيت، وكان لها ما أرادت، وأصبح لزاماً على الأبناء أن ينادوها «ماما»، ولا ماما لهم سواها، وإلا تعرضوا لما لا يريدونه.

في المشهد الجديد، بات الأب واقعاً تحت تأثير وسطوة زوجته الآسيوية، فالكلمة لها، تأمر فتطاع، والويل لمن يحاول الوقوف في وجهها، أو أن يرد لها أمراً.

لم تقف أم أحمد مكتوفة الأيدي، بل حاولت بما أوتيت من قوة أن تَثبُت في وجه هذا الإعصار، وتنقذ ما يمكن إنقاذه، فأنى لبنات صغيرات أن يبقين بين يدي من تختلف عنهن في الدين والعادات والثقافة، وأن تصبح أماً لهن، وما تلك الفضائل والقيم التي من الممكن أن تربيهن عليها، وهي التي تختلف عنهن في كل شيء، فسنوات وجودها معهن في البيت، لم تكن في غير المساعدة للقيام بأعمال البيت، لا أن تكون سيدته وتستحوذ على كل شيء فيه.

محاولات الأم باءت بالفشل، وقد خسرت كل القضايا التي رفعتها في هذا الشأن على طليقها، وها هي تعيش الحرمان وألم فراق الأبناء، وألم ما تسمعه منهم وهم يذكرون زوجة أبيهم «ماما»، كلما أتوا على سيرتها في اللقاءات القصيرة التي تجمعها بهم.

تتساءل أم أحمد: هل أستحق كل هذا، وهل من المنطق أن أحرم حياتي الأسرية الهادئة وإن لم تكن مستقرة بالشكل الكافي، وهل أستحق العيش بعيداً عمن حملتهم وهناً على وهن وربيتهم وانتظرت الأمل فيهم، هل أستحق أن أحرم من سعادة رؤية صغاري وهم يكبرون، وأحلم بمستقبل ينتظرهم، وأن أحرم من وجودهم في حضني؟!

إنها مأساة أم تحتضن صغيرين لا تريدهما أن يكبرا، فتُحرم منهما بمجرد بلوغهما «سن حرمان الأم»!


Viewing all articles
Browse latest Browse all 34185

Trending Articles



<script src="https://jsc.adskeeper.com/r/s/rssing.com.1596347.js" async> </script>