تسارعت التطورات السياسية والميدانية في اليمن خلال الساعات الـ24 الماضية، حيث اجتمع زعماء عدد من قبائل شمال صنعاء لمناقشة تمدد الحوثيين وأقروا تشكيل لجنة لمقابلة الرئيس عبد ربه منصور هادي ولجنة أخرى للإعداد لمؤتمر عام وشامل لكافة القبائل، وسط مخاوف من صدامات في ذكرى الثورة بين اتباع الحوثي وانصار تجمع الاصلاح غداً الثلاثاء، في ظل اختبار جديد للسلام بعيد توقيع اتفاق لوقف اطلاق النار في مديرية أرحب.
وأفادت مصادر قبلية يمنية أمس أن زعماء عدد من قبائل شمال صنعاء عقدوا اجتماعاً موسعاً أمس لمناقشة «لاعتداءات المتكررة من قبل الحوثيين».
وأوضحت أن المجتمعين «أقروا تشكيل لجنة تضم قرابة 60 شخصية لمقابلة الرئيس عبد ربه منصور هادي وطرح عليه عدد من النقاط»، مضيفة أن النقاط تمثلت في «فرض سيادة الدولة على كل شبر من اراضي اليمن وايقاف الحروب القائمة في بعض المناطق اليمنية واجبار الحوثيين على تسليم اسلحتهم الثقيلة، مع اجبارهم على تشكيل حزب سياسي».
وكشفت أن الاجتماع، الذي عقد في منزل زعيم قبيلة حاشد صادق الاحمر، «تمخض عن تشكيل لجنة تحضيرية للإعداد لعقد مؤتمر عام وشامل لكافة القبائل اليمنية»، مشيرة إلى أن الأحمر ألقى كلمة قال فيها إنه «في حال لم تقم الدولة بواجبها، فإن المآل سيكون حربا أهلية».
وقف النار
وفي سياق متصل، اعلن محافظ العاصمة اليمنية عبدالقادر هلال التوصل الى اتفاق لوقف اطلاق النار في مديرية ارحب شمال صنعاء بين الحوثيين ورجال القبائل.
وقال هلال، وهو عضو اللجنة الرئاسية التي كلفت بوقف القتال في ارحب: «تم التوصل الى اتفاق نهائي ينهي حالة الحرب والاشتباكات المسلحة بين انصار الحوثي وقبائل ارحب شمال صنعاء».
وينص الاتفاق على «النزول من المرتفعات وفتح الطرقات وتسليمها إلى قوات الجيش ومغادرة المقاتلين القادمين من خارج ارحب المنطقة».
وأفاد محافظ العاصمة اليمنية ان اللجنة الرئاسية «وسعت وحددت بنود الاتفاق لتنفيذها بزمن معين وتحديد الأدوار والمسؤوليات من قبل الطرفين»، مضيفاً: «لمست من الطرفين رغبة لفتح صفحة جديدة من الإخاء والتسامح والقبول بالآخر ونبذ العنف وايقاف أي تحريض».
مخاوف وذكرى
وبالتوازي، زادت المخاوف من حدوث صدامات بين اتباع الحوثي وانصار تجمع الاصلاح غدا الثلاثاء، حيث دعت قوى ثورية مدعومة من الحوثيين الى تظاهرات ضخمة للمطالبة بإسقاط الحكومة، فيما يتهم التجمع الداعين إلى التظاهرة بالعمل لصالح النظام السابق.
وقالت اوساط سياسية ان« تجمع الاصلاح ينظر الى هذه التظاهرات باعتبارها مخططا انقلابيا يدعمه النظام السابق»، فيما يؤكد الداعون إلى التظاهرة ان «الاصلاح يعمل على استكمال اخونة الدولة من خلال التمسك ببقاء رئيس الحكومة الحالية محمد سالم باسندوة وبالمحاصصة الحزبية ورفض تشكيل حكومة كفاءات وطنية».
انفجار صنعاء
ميدانياً، لقي ثلاثة أشخاص حتفهم بانفجار سيارة قرب البوابة الخلفية لوزارة النفط في العاصمة اليمنية صنعاء.
وأوضح مصدر مسؤول في وزارة النفط اليمنية في تصريح أن «انتحارياً حاول دخول مبنى وزارة النفط من البوابة الخلفية بسيارة مفخخة إلا أنه لم يتمكن من الدخول للوزارة، حيث قام بتفجير السيارة المفخخة التي يستقلها مما أدى إلى مصرعه إضافة إلى اثنين من المارين في الشارع».
حاشد تستنهض حلف السبعينات
شكّلت الهزيمة غير المتوقعة لأفراد قبائل حاشد بقيادة عائلة الأحمر على يد الحوثيين ضربة مؤلمة لهذه القبيلة التي كانت بمثابة الذراع القبلي للسلطة الحاكمة في صنعاء منذ ما بعد المصالحة بين الملكية والجمهوريين العام 1970.
ولهذا، استنفرت القوى التي شكلت الحلف القبلي والعسكري والديني بداية السبعينات في مسعى إلى ترميم هذا الحائط.
معارضة وفرصة
ومع شيوع أنباء عن اعتزام الحوثيين التقدم الى عاصمة المحافظة وعزوف الكثيرين عن الجهر بمعارضتهم للحوثيين خشية المصير الذي آلت إليه عائلة الأحمر، التي كانت تعد اقوى جماعة قبلية في اليمن، أبلغ الرئيس عبد ربه منصور هادي الحوثيين ان تجاوز خط المواجهات في عمران وارحب سيدفع بقوات الجيش إلى التدخل.
وواكبت الاجتماعات في عمران لقاءات قبلية وسياسية ودبلوماسية مكثفة لمواجهة التمدد الحوثي وانهيار حائط الصد القبلي، حيث قرر تجمع ضم زعماء القبائل في شمال صنعاء ورجال دين وسياسيين تشكيل تكتل ضاغط على هادي لفرض سيطرة الدولة في هذه المناطق التي ظلت تدار من قبل السلطة المركزية بواسطة زعماء القبائل، وهو ما يشكل فرصة مواتية للدولة للتواجد في هذه المناطق.
موازين القوى
وأكثر ما تخشاه القوى المعارضة للحوثيين هو ان يؤدي تفوقهم العسكري الى الإخلال بموازين القوى القبلية في المنطقة المحيطة بالعاصمة.
ولهذا، تعمل أطراف محلية واقليمية على منع الانهيار في صفوف القبائل التي تصف نفسها بـ«الجمهورية»، في استحضار للصراع الملكي- الجمهوري بداية الستينات، حينما وقفت قبيلة حاشد الى جانب الصف الجمهوري، فيما وقفت اخرى الى جانب الملكيين.
قوة وتحجيم
ويذهب المهتمون بالشأن اليمني الى التأكيد على أن الحوثيين يدركون خطورة التقدم اكثر نحو صنعاء، لكنهم يعلمون أيضاً انهم بهذه الانتصارات استطاعوا تقديم انفسهم كقوة رئيسية ان لم يصبحوا القوى الأكثر نفوذا في الإقليم الذي سيشكل في الشمال.
إدانة
أدان تكتل اللقاء المشترك في بيان أمس «الاختلالات الامنية واطلاق الصواريخ على العاصمة صنعاء»، واعتبر ذلك «تطورا خطيرا يستهدف اجهاض تنفيذ مخرجات الحوار»، مطالبا بـ«الكشف عن نتائج التحقيقات في الجرائم السابقة التي شكلت لها لجان تحقيق».