في قرار مفاجئ، أمر النائب العام المصري عبدالمجيد محمود بفتح تحقيق في البلاغ المقدم من أحد نواب مجلس الشعب المنحل ضد الرئيس السابق للمجلس الأعلى للقوات المسلحة المشير حسين طنطاوي بشأن ميزانية المحكمة الدستورية العليا منذ قيام الثورة وحتى الآن.. في وقت ما يزال ملف «تأسيسية» الدستور لغزاً مجهولاً قد يقود بمصر إلى مرحلة أخرى من الضبابية وسط توقعات برفض الشعب للدستور الجديد.
وأمر النائب العام بفتح التحقيق أيضاً مع رئيس المحكمة الدستورية العليا المستشار ماهر البحيري ورئيس مجلس الوزراء السابق كمال الجنزوري وإحالته للمحامي العام الأول لنيابة الأموال العامة للتحقيق في نفس القضية.
وذكرت صحيفة «الأهرام» المصرية أن وكيل اللجنة التشريعية بالبرلمان المنحل محمد العمدة قال في بلاغه إن «موازنة الدولة للعام 2012-2013 تضمنت زيادة قدرها 14 مليون جنيه في أجور وتعويضات العاملين بالمحكمة الدستورية وكذلك زيادة قدرها 10 ملايين و821 ألف جنيه في بند الأصول المالية في الموازنة نفسها». وأضاف أنه «لاحظ زيادة بند الدعم والمنح والمزايا الاجتماعية ليصبح 17 مليوناً و500 ألف جنيه عن موازنة 2011-2012، وبذلك يكون إجمالي الزيادات على موازنة المحكمة خلال العام المالي 2012-2013 قدرها 25 مليوناً و821 ألف جنيه».
وأشار العمدة إلى أن المجلس العسكري هو الذي اعتمد الموازنتين، وأن أعضاء المحكمة تهاني الجبالي وحاتم بجاتو ومحمد عماد النجار شاركوا المجلس العسكري في المرحلة الانتقالية، لذلك التمس العمدة تكليف لجنة من الجهاز المركزي للمحاسبات لبحث حقيقة الزيادات.
وفي ملف «تأسيسية» الدستور والدستور المصري الجديد المقرر طرحه للاستفتاء في غضون أسبوعين توقع مراقبون بإمكانية دخول المشهد السياسي المصري «مرحلة ثالثة من الضبابية والاضطراب» حال ما إن تم رفض الدستور الجديد، وسط حالات من الشد والجذب بين القوى وبعضها بشأن كثير من مواده.
حلقة مفرغة
وأكد مراقبون على أن القوى السياسية لن تتفق مطلقًا على أي تشكيل للجمعية، وأن البديل في حالة رفض الشعب للدستور هو قيام الرئيس بتشكيل تأسيسية جديدة، سوف يثار حولها نفس الجدل الحالي، ومن ثم الدخول في نفس الأطوار السابقة من الشد والجذب.
وأشار مراقبون إلى أن الدستور المصري لن يرى النور حال ما إن تم رفض الدستور الجديد، وخاصة أن القوى السياسية جميعها تختلف حول تشكيل التأسيسية، كما أنها لن تتفق أبدًا على أي جمعية تأسيسية جديدة، ما يدخل مصر في دوامة جديدة من الاضطراب للبحث عن تشكيل جمعية ترضي الجميع.
وأشار عضو مجلس شورى الجماعة الإسلامية في مصر عاصم عبد الماجد إلى أن البديل حال ما إن قام الشعب برفض الدستور هو أن يقوم الرئيس محمد مرسي بتشكيل الجمعية الجديدة، وفق ما هو منصوص عليه بالإعلان الدستوري الأخير والذي تعمل مصر وفقًا له الآن، لكن القوى السياسية من الليبراليين واليساريين لن يرتضوا بأي لجنة جديدة، وسوف يشككون في أعضائها وفي آليات تشكيلها، وذلك تزامنًا مع حملة انتقاد قوية يشنونها ضد مرسي في محاولة لوضع العراقيل أمامه.
وفي هذا السياق، ترفض عدد من القوى السياسية أن يشكل الرئيس مرسي الجمعية التأسيسية الجديدة، فيؤكد عضو مجلس الشعب السابق حمدي الفخراني، في تصريحات لـ«البيان»، على أن الإعلان الدستوري الحالي الذي يعطي للرئيس حق تشكيل الجمعية الجديدة مطعون فيه أمام القضاء المصري، ما يشكك في مدى دستورية أي جمعية يشكلها الرئيس مرسي.
ويؤكد مراقبون على أن مصر على أعتاب مرحلة جديدة من الفوضى والاضطراب وعدم الاستقرار؛ بسبب الاختلاف بين القوى والفصائل السياسية والذي يؤدي للخلاف الدائم حول تشكيل الجمعية التأسيسية، وهو الأمر الذي اعتبره فقهاء الدستور في مصر «إهانة للإرث الدستوري المصري».