نجحت القاهرة، أمس، من التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين الفصائل الفلسطينية في غزة، والاحتلال الإسرائيلي، من دون أن يتضمن رفعاً للحصار عن قطاع غزة، فيما بلغت حصيلة الشهداء الذين سقطوا جراء العدوان الإسرائيلي المستمر منذ ثمانية أيام إلى 162 شهيداً.
وأعلن وزير الخارجية المصري محمد كامل عمرو، في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيرته الأميركية هيلاري كلينتون، في ختام مباحثات أجرتها في القاهرة مع الرئيس المصري محمد مرسي مساء أمس، أن الفصائل الفلسطينية وإسرائيل توصلوا، برعاية مصرية، إلى اتفاق للتهدئة بينهم، دخل حيز التنفيذ بحلول الساعة التاسعة من مساء أمس بتوقيت القاهرة. وتلقى مرسي ثناء أميركيا كبيرا على جهوده، عبر عنها الرئيس باراك أوباما والوزيرة هيلاري كلينتون.
وقال الوزير محمد كامل عمرو إن بلاده رعت التوصّل إلى الاتفاق، انطلاقاً من مسؤولياتها التاريخية، وحرصها على استقرار الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط.
وقدَّر الجهود التي بذلتها أميركا وتركيا وقطر، والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، من أجل التوصّل إلى اتفاق التهدئة، داعياً «الجميع إلى تنفيذ ما تم التوصل إليه».
وقالت هيلاري كلينتون إن وقف إطلاق النار بين إسرائيل والفلسطينيين في غزة، جاء في لحظة حاسمة بالنسبة لبلدان الشرق الأوسط. وأضافت: «هذه لحظة حرجة بالنسبة للمنطقة. الحكومة المصرية الجديدة تضطلع بدور قيادي ومسؤول، طالما جعل هذا البلد حجر زاوية للاستقرار والسلام بالمنطقة». وشكرت كلينتون الرئيس المصري محمد مرسي على جهوده في الوساطة، وتعهدت بالعمل مع الشركاء في المنطقة «لتعزيز هذا التقدم، وتحسين ظروف شعب غزة، وتوفير الأمن لشعب إسرائيل». كما تلقى مرسي اتصالا هاتفيا من نظيره الأميركي، باراك أوباما، أثنى فيه الأخير على جهود مرسي في التوصل إلى التهدئة.
وفي القدس المحتلة، قال بيان أصدره مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إن الأخير أبلغ الرئيس أوباما أنه مستعد لمنح وقف إطلاق النار فرصة، وحذر البيان من أن إسرائيل ربما تقوم بتحرك قوي ضد غزة، إذا فشل وقف إطلاق النار. وقال البيت الأبيض، إن أوباما تحدث مع نتنياهو هاتفياً، وإنه أشاد بموافقته على وقف إطلاق النار، الذي قال مصدر مصري لرويترز إنه يتضمن إنهاء «الاغتيالات والتوغلات» في غزة، ويضمن تسهيل تنقلات الفلسطينيين من وإلى القطاع. وقال المصدر إن اتفاق وقف إطلاق النار، يشمل ضمانات مصرية. لكن من دون أن يتضمن الاتفاق رفعاً للحصار عن القطاع.
162 شهيداً
إلى ذلك، بلغ عدد شهداء الحرب الإسرائيلية 162 شهيداً، بعد استشهاد 22 فلسطينياً في غارات يوم أمس احدهم قبل دقائق من سريان الهدنة. وأعلنت اللجنة العليا للإسعاف والطوارئ في غزة أن ثلاثة شهداء من عائلة واحدة قضوا في غارة إسرائيلية على منطقة الصفطاوي، إذ استشهد طلال العسلي وابناه أيمن وهديل، في غارة على منزلهم بشارع أحمد ياسين في منطقة الصفطاوي.
واستهدفت طائرات الاحتلال الإسرائيلي عدة منازل في القطاع، إضافة إلى مقرات حكومية. وأطلقت الطائرات صاروخاً واحداً على جسر تاريخي، يربط بين مخيم النصيرات وقرية المغراقة وسط غزة، ما أدى إلى تدميره، إضافة إلى تدمير جسر وادي غزة، الذي يربط المدينة بالمحافظة الوسط على الطريق الساحلي، بشكل كامل. كما أطلقت سبعة صواريخ من الطائرات الحربية تجاه مجمع أبو خضرة الحكومي، الذي يضم مقرات لوزارات مدنية، ما أدى إلى تدميره، واشتعال النيران فيه، وألحق القصف أضراراً مادية أيضاً بعدد من المكاتب الصحافية، بينها مقر مكتب شبكة قناة الجزيرة القطرية، ومركز الدوحة، ومقر وكالة الأنباء الأميركية، كما اشتعلت النيران في أحد الأبراج المقابلة لمجمع أبو خضرة، ولعدد من مكاتب الحج والعمرة.
وشنت الطائرات الإسرائيلية خمس غارات، مستهدفة مقر الشرطة الرئيس في خان يونس جنوبي القطاع، ما أدى إلى تدميره بالكامل، وأطلقت الطائرات صواريخها تجاه أراضي فارعة شمال غرب المدينة، وقصفت موقع الخيالة.
غارات وإحصاءات
إلى ذلك، أعلن الجيش الإسرائيلي أنه شن حوالى 1500 غارة جوية بسلاح الجو على قطاع غزة منذ بدء عملية «عمود السحاب».
وقالت ناطقة باسم الجيش، إنّه «منذ الأربعاء، شن سلاح الجو نحو 1500 غارة»، أصابت نحو 1400 هدف.. في حين أوضحت أنه «أطلق من قطاع غزة باتجاه إسرائيل نحو 1466 صاروخاً، سقط منها 908 في إسرائيل، واعترضت منظومة القبة الحديدية نحو 421 صاروخاً».
وأكدت الناطقة على أنه أطلق من قطاع غزة باتجاه إسرائيل 92 صاروخاً، سقط منها في إسرائيل 42 صاروخاً، واعترضت المنظومة الحديدية 20 صاروخاً. والتحق نحو 56 ألف جندي احتياط إسرائيلي بوحداتهم على الجبهة الجنوبية على حدود قطاع غزة، من أصل 75 ألف جندي، وافق مجلس الوزراء الإسرائيلي على استدعائهم.
رد المقاومة
وأعلنت كتائب القسام مسؤوليتها عن إطلاق 10 صواريخ غراد باتجاه قاعدة حتسور الجوية الإسرائيلية، وأربعة آخرين على المجدل واسدود جنوبي إسرائيل. وأفادت الكتائب أن عدد الصواريخ التي أطلقت منذ الأربعاء الماضي بلغ 1426 قذيفة.
وأعلنت أنها تمكنت من اختراق بث القناتين الثانية والعاشرة الإسرائيليتين الليلة قبل الماضية، وبثت «الرسالة الخاصة بتهديد سلاح المدرعات الإسرائيلي». وأفادت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أن حماس نجحت في قطع بث القناة الإسرائيلية واختراقه، وعملت على بث شريط فيديو لكتائب القسام باللغة العبرية.
كلفة عمود السحاب
في الأثناء، كشفت تقارير أن العملية العسكرية الإسرائيلية المستمرة منذ أسبوع على قطاع غزة، كلفت تل أبيب ثلاثة مليارات شيكل (767 مليون دولار). وأفادت صحيفة «ذا ماركر» الاقتصادية، أن الرقم يشمل ملياري شيكل، تكلفة الجزء العسكري، في حين أن التكلفة الباقية، وتبلغ 255 مليون شيكل، هي تكلفة القطاع المدني، جراء المئات من الهجمات الصاروخية التي نفذها.
محللون لـ« البيان »: ترقب انتفاضة فلسطينية ثالثة
يتوقع مراقبون أن تنفجر انتفاضة فلسطينية ثالثة، ويرون أن الأجواء باتت مهيأة أكثر من ذي قبل لاندلاع هذه الانتفاضة.
وحسب مسؤولين ومحللين تحدثوا لـ«البيان» فإن الهجوم البري على قطاع غزة سيشكل أرضية جيدة لاندلاع انتفاضة ثالثة ومواجهات بين الفلسطينيين والعدو الإسرائيلي. ويؤكد نائب المجلس الثوري لحركة «فتح» فهمي الزعارير أن نضال الشعب الفلسطيني لن يتوقف إلا بحصوله على حقوقه المشروعة في الدولة والعودة وإطلاق سراح الأسرى، مضيفا إن أي عملية تهدئة أو مفاوضات لا يمكن ان تعني وقف النضال لان الشعب الفلسطيني مستمر في ثورته حتى نيل حقوقه كاملة وغير منقوصة.
ويشير الزعارير إلى ان الانتفاضة الاولى عام 1987 وانتفاضة الأقصى عام 2000 لم يخطط لها أحد ولكنها جاءت نتيجة رفض الشعب الفلسطيني لسياسات الاحتلال وممارساته غير الأخلاقية واستمرار تنكره للحقوق الفلسطينية ما أدى إلى المواجهة مع جنود الاحتلال ومن ثم التصعيد وصولا إلى انتفاضة جديدة في كل مرة.
غضب في الضفة
ويرى المحلل السياسي باسم برهوم أن هناك غضباً في الضفة الغربية، مشيرا إلى وجود ما سماه «مخزوناً كافياً» في الشارع لإشعال نار الانتفاضة من جديد جراء المجازر في قطاع غزة ضد المدنيين والاطفال واستمرار المعاناة على الحواجز الاسرائيلية في الضفة وسرقة الأراضي وتوسيع المستوطنات ومصادرة البيوت في القدس وتهويد المدينة وتحويلها لعاصمة اسرائيلية.
ويضيف برهوم إن الامور باتت تتعقد بسرعة كبيرة ولكن هذه الازمة نهايتها مرهون بتطور الاحداث خلال 48 ساعة ففي حال نجحت المساعي في التوصل إلى هدنة سيعود الشارع الفلسطيني إلى الهدوء من جديد أما إذا قررت اسرائيل المضي قدما في تصعيدها ضد القطاع واختارت طريق العملية العسكرية البرية عندئذ النهاية ستكون بداية لانتفاضة فلسطينية ثالثة.
ويشدد عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير صالح رأفت أن جهود القيادة الفلسطينية لا تزال مستمرة لوقف العدوان على غزة ومنع المزيد من الجرائم والمذابح بحق شعبنا الفلسطيني في القطاع، مؤكدا ان الشعب الفلسطيني في كل مكان في غزة وفي الضفة وفي القدس المحتلة وداخل الخط الاخضر وفي المهجر سيواصل الفعاليات الجماهيرية والمقاومة الشعبية ضد هذا العدوان وضد الانتهاكات الاسرائيلية.
نص اتفاق التهدئة
وقف إسرائيل لكافة الأعمال العدائية على قطاغ غزة براً وبحراً وجواً بما في ذلك استهداف الاجتياحات واستهداف الأشخاص.
تقوم الفصائل الفلسطينية بوقف كل العمليات العدائية من غزة تجاه إسرائيل، بما في ذلك إطلاق الصواريخ والهجمات على خط الحدود.
فتح المعابر وتسهيل حركة الأشخاص والبضائع وعدم تقييد حركة السكان أو استهدافهم في المناطق الحدودية والتعامل مع إجراءات تنفيذ ذلك بعد 24 ساعة من دخول الاتفاق حيز التنفيذ.
يتم تناول القضايا الأخرى إذا ما طلب ذلك.
وحددت مصر التي ترعى الاتفاق آليات لتنفيذ التهدئة بالاتفاق مع الأطراف وهي:
تحديد ساعة الصفر لدخول تفاهمات التهدئة حيز التنفيذ.
حصول مصر على ضمانات من كل طرف بالالتزام بما تم الاتفاق عليه.
عدم قيام أي طرف بخرق هذا الاتفاق، وفي حال وجود ملاحظات يتم الرجوع لمصر راعية التفاهمات.
لقطات
استهدفت طائرة إسرائيلية منزل عصام الدعليس مستشار رئيس وزراء حكومة « حماس» إسماعيل هنية، لكن المنزل كان خاوياً.
أفادت تقارير إسرائيلية أن تل أبيب تسارع من إنتاج الصواريخ اللازمة للقبة الحديدية لمواجهة صواريخ المقاومة الفلسطينية.
استهدفت إسرائيل مسجدين ودمرتهما بشكل كامل خلال غاراتها، فيما ألحقت أضراراً جزئية بـ 34 مسجداً آخر إلى جانب استهداف 6 مقابر.
استشهد مصوران تلفزيونيان بقناة الأقصى ومخرج للبرامج التعليمية بقناة «القدس» في غزة في هجومين جويين إسرائيليين على سيارتين في القطاع أول من أمس. وقتل المصوران في سيارتهما غير بعيد عن مستشفى الشفاء. وقتل مخرج البرامج في قناة القدس في سيارته بوسط القطاع.
أعلن الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند خلال مؤتمر في قصر الإليزيه مع الرئيس الإيطالي جورجيو نابوليتانو أمس أن باريس وروما تدعوان إلى «وقف إطلاق نار وهدنة» في الشرق الأوسط.
أعرب رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان عن أمله بالتوصل إلى هدنة. ونقلت وكالة أنباء «الأناضول» التركية عن أردوغان قوله في مؤتمر صحافي بأنقرة إن بلاده وقطر تساهمان في المباحثات التي تقودها مصر، معرباً عن أمله بأن تسفر المباحثات المتعلقة بغزة عن نتيجة مرضية.
كشف المدعي العام العسكري الإسرائيلي السابق العميد في الاحتياط أفيحاي مندلبليت أنه يوجد في الجيش الإسرائيلي نظام يحدد عدد القتلى المدنيين الأبرياء خلال تنفيذ عملية اغتيال ما سماه «ناشط».