قالت المديرة التنفيذية لبرنامج الأغذية العالمي آرثرين كزين، إن دبي أصبحت أحد أهم 5 مراكز لوجستية في العالم بالنسبة للعمليات الإنسانية المشتركة التي تنفذها الأمم المتحدة، وذلك بفضل موقعها الجغرافي الممتاز، وبنيتها التحتية المتينة، وما تتمتع به من استقرار وأمن.
وأشارت في حديث لـ «البيان» إلى أن اختيار دبي كأول مدينة في منطقة الشرق الأوسط تستضيف الاجتماع السنوي للإدارات العليا في البرنامج الذي يجمع مديري البرنامج من 90 مكتباً حول العالم، جاء تقديراً للدور الكبير الذي ظلت تلعبه دبي في مجال العمل الإنساني.
المدينة الإنسانية
وأشادت كزين بفكرة المدينة العالمية للخدمات الإنسانية بدبي، التي تقدم لبرنامج الأغذية العالمي أكثر من 40 ألف متر مربع من المرافق المتعددة، وبذلك، يعتبر البرنامج أكبر مستخدم للخدمات اللوجستية التي توفرها المدينة لمنظمات الأمم المتحدة والهلال والصليب الأحمر، والمنظمات الإنسانية الدولية الأخرى، والتي بدورها توفر المساعدات الإنسانية في حالات الطوارئ من أجل التنمية ومساعدة الفقراء في البلدان النامية.
ويعمل أكثر من 100 موظف من مقر برنامج الأغذية العالمي بدبي، والذين يقومون بتقديم المساعدات الغذائية والاتصالات في حالات الطوارئ والأزمات في العديد من بلدان العالم.
وتترأس المدينة سفيرة الأمم المتحدة للسلام سمو الأميرة هيا بنت الحسين حرم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي.
وتضم المدينة 9 منظمات من الأمم المتحدة، وأكثر من 40 منظمة إنسانية دولية، وتحتل موقعاً استراتيجياً يقع بين مطار آل مكتوم الدولي الجديد وميناء جبل علي.
وأشارت كزين إلى الدور المحوري الذي تلعبه المدينة في دعم الأعمال اللوجستية لبرنامج الأغذية العالمي، الذي يمتلك فيها مساحات تخزينية ضخمة لاستقبال وترحيل مواد الإغاثة الغذائية، وأجهزة تنقية المياه والخيام ومعدات الاتصالات والأدوات الأخرى الهامة لعمليات المساعدات الإنسانية، والتي يتم شحنها إلى مناطق الكوارث والأزمات المختلفة.
طبيعة الاجتماع
وعن طبيعة الاجتماع الذي تستضيفه دبي، قالت كزين إنه يتطرق إلى سبل معالجة القضايا الحرجة، مثل ارتفاع أسعار الغذاء عالمياً، والصراعات في سوريا وجمهورية الكونغو الديمقراطية، واستمرار سوء التغذية المزمن في أجزاء كبيرة من أفريقيا وجنوب الصحراء وجنوب آسيا، وبحث السبل اللازمة لتأمين الدعم لمواصلة الأعمال الإغاثية، في ظل تراجع المساعدات المالية المقدمة من قبل المانحين التقليديين.
الأمن الغذائي
ورسمت كزين صورة قاتمة لأوضاع الأمن الغذائي في العالم، وقالت إن «هنالك العديد من المناطق التي تعاني أوضاعاً مأساوية، حيث يواجه السكان صعوبة كبيرة في الحصول على احتياجاتهم الغذائية الأساسية، وذلك إما لتراجع القدرة الشرائية بسبب الارتفاع المتواصل في أسعار الغذاء، أو تدهور فرص الإنتاج في بعض الأماكن، مثل دول الساحل والصحراء في أفريقيا، والتي تتعرض لهزات متواصلة، نتيجة تراجع هطول الأمطار أو تردي الأوضاع الأمنية»، مشيرة إلى وجود قلق كبير بشأن أوضاع الأمن الغذائي في دول محددة في شرق آسيا وأفريقيا، ما دفع برنامج الأغذية العالمي للعمل بشكل جاد مع الحكومات والمنظمات في تلك البلدان لزيادة القدرات الإنتاجية لدى السكان المحللين، ورفع درجات الوعي في ما يتعلق بتحقيق الأمن الغذائي.
وأكدت كزين في هذا الصدد أن برنامج الأغذية العالمي يعمل من خلال الأنشطة المختلفة التي ينفذها على تأسيس فلسفة الاعتماد الذاتي، من خلال تمكين السكان المحليين من امتلاك القدرة على زيادة إنتاج الغذاء وتنمية مناطقهم، إضافة إلى المساعدة في تأهيل المناطق الرعوية. كما أوضحت أن البرنامج يعمل على المدى البعيد على تأهيل المجتمعات الفقيرة من خلال دعم التعليم وصرف إعانات غذائية للطلاب الملتحقين بالمدارس في تلك المجتمعات.
أوضاع سوريا
وحول الأوضاع الإنسانية في سوريا، قالت كزين إن تردي الأوضاع الأمنية خلال الفترة الأخيرة أثر كثيراً في سير العمليات الإغاثية والإنسانية، ما أجبر البرنامج على تغيير استراتيجياته بما يتماشى مع طبيعة الأوضاع، مشددة على أنه، ورغم تلك الصعوبات، تمكن البرنامج في نوفمبر من إيصال مساعدات غذائية مقدرة إلى نحو 1.5 مليون شخص من المتأثرين بالأحداث الجارية في سوريا. وأوضحت أن البرنامج يخطط لمواصلة عملياته، والتأقلم مع المستجدات التي تصاحب اتساع دائرة العنف، والتي تجبر الكثيرين على النزوح من مدنهم الرئيسة واللجوء إلى أماكن أخرى داخل وخارج البلاد.
تحديث الآليات
وتحدثت كزين عن آليات العمل داخل برنامج الأغذية العالمية، في ظل تفاقم الأوضاع الإنسانية في العديد من بلدان العالم، وقالت إن البرنامج يقوم بتحديث آلياته الخاصة بالاستجابة للعمليات الطارئة والعمل الإغاثي في مناطق الكوارث والأزمات، حيث يتم التركيز على الجوانب التأهبية، إضافة إلى عمليات الاستجابة المباشرة، إلى جانب عمليات الاستجابة المستمرة التي ينفذها البرنامج من خلال المشروعات الحالية، وتلك الجديدة المخطط لتنفيذها في البلدان المتأثرة بالأزمات.
مضيفة القول إن هذه الآلية تحدد أيضاً الجوانب المتعلقة بالدعم اللوجستي اللازم لتنفيذ عمليات التجاوب مع الأزمات الطارئة من خلال عملية الدعم اللوجستي التي تشمل دعم القدرات اللوجستية، إضافة إلى عمليات الإسناد الإغاثي الإنساني الجوي. ويعتبر التنفيذ الكامل للعمليات الإغاثية واللوجستية الخاصة عنصراً أساسياً لتمكين برنامج الأغذية العالمي وشركائه من الوصول إلى المحتاجين في المناطق المختلفة.
أزمات طاحنة
ويواجه برنامج الأغذية العالمي، وفقاً لكزين، تحديات كبيرة. وإضافة إلى مناطق الكوارث والأزمات في مختلف أنحاء العالم، تهدد الأزمات التي شهدتها دول في آسيا وأفريقيا والشرق الأوسط خلال عام 2012، الأمن الغذائي لعشرات الملايين.
ويخطط برنامج الأغذية العالمي لتقديم مساعدات غذائية في تلك المناطق من خلال آليتي التغذية والدعم الغذائي في المناطق المتأثرة. وتتفاقم الأوضاع سوءاً، حيث تتراجع معدلات إنتاج الغذاء، وترتفع أسعار السلع الغذائية الأساسية بشكل كبير، في حين لا تزال بعض الدول تحاول الخروج من كارثة الجفاف التي ألمت بها مؤخراً، الأمر الذي جعل أغلبية السكان يعيشون بآليات ومداخيل محدودة للغاية، للتأقلم مع أوضاعهم الغذائية المتردية.