كشف العميد المنشق عن الجيش السوري مناف طلاس عن أن نظام الرئيس بشار الأسد وراء تمرير الأسلحة للمعارضة، في مسعى منه لتبرير القمع وإرهاب الغرب من خطر تنظيم القاعدة.
واعتبر طلاس في حوار مع برنامج الشارع العربي الذي تقدمه الزميلة زينة يازجي على تلفزيون دبي، توأم «البيان» في مؤسسة دبي للإعلام، أن سوريا قاب قوسين أو أدنى من الحرية، وأن ساعة الحسم لدمشق اقتربت.
وأشار طلاس في الحوار مع تلفزيون دبي إلى وجود ما سماه دائرة مغلقة قريبة من النظام، تجر سوريا إلى الدمار والخراب، ولا يعنيها سوى البقاء في السلطة، متهماً النظام القائم في بلاده بأنه «يأسر الطائفة والجيش وكل المؤسسات»، واستعمل السلاح لقمع الشعب، رغم حديثه عما يسمى «الممانعة والمقاومة» التي لا تتسق مع ما يقوم به ضد قمع السوريين.
وفي ما يلي تفاصيل الحوار بين تلفزيون دبي ومناف طلاس:
طول فترة صمتك أثار لغطاً لدى البعض وغيظاً لدى الآخر.. لنسمع منك ماذا جرى ولنبدأ من درعا؟
الثورة السورية تمثل انطلاقة حقيقية للأمة العربية بأسرها، وهي ستحدد هويتها. والجميع يعلم أن الثورة بدأت من درعا بمجموعة من الأطفال عبروا عن رأيهم على الجدران وفوجئوا بقمع شديد من النظام، فنزل أهلوهم يطالبون بإطلاق سراحهم، وفوجئ الأهالي بالرد العنيف، مثلما فوجئت به. وحاولت التدخل من بداية الأزمة واجتهدت لمنع عنف الأجهزة الأمنية لكن لا آذان صاغية، فهناك دائرة محيطة تريد أن تنفذ أجندة محددة تريد أن تحافظ على النظام والسلطة ومكاسبها، وهي من تجر سوريا إلى الدمار والخراب، ولا يعنيها سوى بقائها في السلطة والمنصب.
وتمنيت أن يتفاعل الرئيس بشار الأسد مع مطالب شعبه التي تتطلع للكرامة والحرية، لكنه لم ينصت إلى المطالب. وأرى أن هذه ثورة الآباء من خلال الأبناء.
هل كنت تعتقد أن هذا النظام جاء بمشروع إصلاح ثم تغير؟
كنت أتوقع أن يقدم الأسد على الإصلاح كونه شاباً، وكون الأنظمة العربية التي سقطت قديمة وكهلة، وتوقعت أن ينفك عن المرحلة الماضية. وقلت له كن مع الثوار فهم شعبك لكن الدائرة المغلقة كانت دائماً ترى أن القمع يمكن أن يطفئ الثورة، وكانت تسهل عملية القمع، ولكن نسي هؤلاء أن العالم تغير.
هل الأسد يعلم حقيقة أن من في الشارع ثوار أم لا؟
أعتقد أنه يعلم أن هؤلاء ثوار، وأنهم جزء من شعبه، لكنه ضمن الدائرة المغلقة يريد أن يقنع نفسه أن هؤلاء عصابات مسلحة.
من هذه الدائرة؟
العائلة، والأجنحة الأمنية، وجزء من دوائر العائلة المستفيدة، والذين يعتبرون أنهم بإلغائهم للآخر يمكن أن يستمروا، وهم مخطئون، لأن سوريا تستوعب الجميع.
وسوريا الآن تعاني من فقر مدقع وتخلف، والنظام مسؤول عن ذلك، لأنه حاول أن يحافظ على حفنة من المنتفعين، والباقي أموات.
دفاع
أنت كنت جزءاً من المستفيدين؟
لم أعش حالة المسؤول، وكنت جزءاً من السوريين. ولا يمكن أبداً قبول أن يصير الجيش السوري يقتل أبناء شعبه، الذين يفترض أن يحميهم، والنظام يأسر الطائفة والجيش وكل المؤسسات لصالحه، وعلى الجيش وكل المؤسسات الشريفة أن تنفك عن النظام، لأننا في مرحلة انعطاف خطيرة، وقطار الثورة قادم، وستنتصر، وسوريا تتسع للجميع، وعلى العسكريين أن يوقفوا إطلاق النار على المدنيين. و«بدعة» العصابات المسلحة بعد 50 ألف شهيد و200 ألف معتقل، ومثلهم جرحى، وأربعة ملايين مهجر، فيجب أن نطلق على السوريين كلهم أنهم صاروا عصابات مسلحة، لأن السوريين جميعهم يرفضون النظام.
ومن يقول إن هناك 70٪ من الشعب السوري يعارضون النظام فأنا أقول اسحبوا دباباتكم وسنرى الحجم الحقيقي الرافض للنظام. وعلى من يتهمون المعارضة بأنها مسلحة فإن النظام كذلك مسلح، والنظام سرق الدولة والمجتمع، واستعمل السلاح ليقمع الشعب.
هل ترى أن هناك مؤيدين للنظام؟
أنا متأكد أنه ليس هناك مؤيدين للنظام، وإذا كان هناك مؤيدون فلم لا نراهم في الساحات.
إن السوريين هبوا للساحات تعبيرا عن فرحهم بالثورة وهم يريدون ديمقراطية حقيقية أسوة بكل الدول.
معاناة حماة
ماذا عن حماة؟
ظلت حماة ثلاثة شهور تنزل للساحات تعبر عن فرحتها بالثورة، وهي مدينة لها معاناة حقيقية، وأخبرني مصدر موثوق أنه شاهد أباً عمره 50 عاماً ينزل إلى الساحات مع ابنه (20 عاما)، وهذا الأب له ثلاث أخوة قتلوا في الثمانينات في أحداث حماة. وحين سئل الأب ألا تخاف على ابنك من التظاهرات قال: ظللت 30 عاما أرى «كوابيس» في منامي ولا أريد أن يرى ابني مثلها. لو مات في الساحة أفضل من أن يعيش ميتا مثلما عشت أنا.
معالجة مختلفة.. نتائج مختلفة
هل تعتقد لو جرى معالجة الأمور بشكل آخر لاختلفت النتائج؟
هذه ثورة حقيقية قامت لمطالب حقيقية، فنحن لدينا مليونا خريج جامعي عاطلون عن العمل.
الثورة كانت ستقوم لا محالة والنظام من حوّلها لمؤامرة، والنظام لم يفكر في التعامل مع الشعب ومتطلباته واحتياجاته، والنظام كان همه أن يحولها إلى مؤامرة. وهناك بعض الروايات تقول إن بعضا من النظام مرر سلاحا للمتظاهرين حتى يثبت للغرب أن هؤلاء مسلحون، ولتشويه الثورة وتحويلها إلى ثورة تكفيرية أو دينية.. لذا حاول أن يضفي على الثورة أنها قريبة من «القاعدة». وأطالب الثوار أن يطمئنوا كافة الطوائف أن لهم مكاناً في تحرير سوريا. وسوريا قاب قوسين أو أدنى من الحرية، وأرى أن الثورة هي الأولى عربيا وهي تشبه الثورة الفرنسية.
انقلاب من الداخل؟
لماذا لم تقم بانقلاب من الداخل؟
لم أكن أستطيع أن أبقى في الداخل لأنني أردت الحل السياسي، فصدمت بالحل الأمني، واعترضت وتحديت النظام وصمت. والآن يتهمني البعض أنني انشققت متأخرا لكنهم لا يعلمون أنني تحديت النظام وقلت له إنني لن أقتل الثوار ووصلت لمرحلة حاول النظام توريطي في القتل، ولكني لا يمكن أن أقبل بذلك. ووصلت لمرحلة مفترق طرق، إما أقتل ويقال قتلوه الثوار ففضلت الخروج. وكنت مهدداً بالقتل على مدار عام ونصف وأنا في مكتبي، لأنني أعارض النظام.
هل كنت تتحدث للأسد؟
نعم يومياً أربع أو خمس مرات. وكنت أراه كل يومين مرة، وحاولت إقناعه أكثر من مرة بالحوار مع الثوار.
وماذا كانت إجابته؟
كان دائماً يحاول الهروب من السؤال، ويقول هذه مؤامرة، وهذه عصابات مسلحة، ويمكن تجاوزها. ولا يدرك أنهم يريدون الحرية والكرامة. نحن نعول على الائتلاف السوري وعلى المجالس العسكرية ضبط بعض الأخطاء لنرى سوريا الحرة بأعيننا.
الأسد كان يثق فقط في ثلاثة أشخاص؛ أنت واحد منهم.. تعليقك؟
لم أسمع بهذا من قبل.
كيف دفع النظام الثورة للتسليح؟
النظام أبدى تخوفاً من كثرة أعداد الثوار يوماً تلو الآخر خاصة في حماة، وذات مرة بحسب ما أكدته مصادر موثوقة لي، قتل 144 شخصاً عقب تظاهرات في حماة، وكانوا سلميين، وجاءت سيارتان مجهولتان قيل إنهما من جهة أمنية دون تحديد مصدر الجهة، وألقت أسلحة، وقالت للمدنيين دافعوا عن أنفسكم.. سعياً لتشويه صورتهم.
هل كنت تتوقع أن تستمر الثورة سلمية؟
كان عدد القتلى سيبلغ مليون.. هم لن يسمحوا لها بالسلمية.. فالنظام مجرم، وهو لا يسمح للناس بالتظاهر، كيف يتركهم؟
تأجيج الطائفية
كيف حاول النظام تأجيج الطائفية؟
النظام يحاول أن يخيف الأقليات ويخيّرهم: «أنا أو القاعدة».. وهو يفكر بنفس طريقة تنظيم القاعدة.. نظام إلغائي. لكن المجتمع السوري متعايش بطبعه. والثورة ليست طائفية.
كيف تورط الجيش في القتل وماذا عن مستقبله؟
الجيش حين يقتل شعبه لا يطلق عليه جيش، بل يطلق عليه «ميليشيا». وحتى لو أن الجيش الحر قتل أبرياء لا يطلق عليه جيش. ويجب على الشرفاء من كلا الطرفين الالتقاء في منطقة وسط؛ من أجل سوريا.
موقفك غامض؟!
هناك حالة من الغموض في موقفك وعلاقتك بالمعارضة؟
أنا أتواصل مع الكثير ويرحبون بي. ومن يلغيني اثنان؛ النظام، والمتطرفون في المعارضة. وأي حالة وسطية لا تستطيع أن تلغيني. ولدي تواصل مع قيادات الجيش الحر والشرفاء في كل مكان في المعارضة.
البعض يتهمك بأنك خرجت على طريقة «ذيل الأخطبوط» بالتنسيق مع النظام؟
من يقول هذا يمارس نفس سياسات النظام.. سياسة الإقصاء.. وأنا خرجت لنصرة السوريين ليس بحثاً عن المناصب.. ومن يبحث عن المناصب فليهنأ بها.
لماذا لم تنضم للجيش الحر؟
لدي تواصل مع الجميع.. وعودتي مرهونة بأمور كثيرة. ولن أكون يوماً ما «فرضاً غربياً»، ولا أقبل أن أكون مفروضاً على أحد، فضلاً أن أكون على السوريين. ولم أخرج لأفرض من الخارج. ولا يستطيع أحدد أن يحدد الدور الذي أقوم به.
هل تتوقع أن يكون هناك غالب ومغلوب أم تسوية سياسية؟
لابد أن نقف عند إسقاط النظام، وندرك أن هناك من هو مجبر بالعمل مع النظام، ويجب أخذ ذلك في الاعتبار. يجب أن نرفض الحالة الإلغائية.
ساعة الحسم
هل اقتربت ساعة الحسم في دمشق؟
نعم اقتربت ساعة حسم دمشق. رغم أن الجيش الحر إمكانياته أقل لكن إرادته أقوى. فالنظام أنهك.
النظام البديل للأسد؟
التعددية.. نظام مدني ديمقراطي لا عسكري، والمؤسسة العسكرية أن تكون مسؤوليتها تأمين الحدود والوحدة الوطنية، والمجتمع المدني هو من يحدد ما هو الحكم المقبل في سوريا. وسوريا لا تقبل حالة إسلامية متطرفة. وإسلام السوريين معتدل، ليس إلغائياً أو تكفيرياً، ولا نخاف من ذلك.
كيف تقيم دور إيران في الأزمة؟
طهران تفتعل حروباً مسبقة في سوريا.
ماذا عن أصدقاء النظام سابقاً، مثل تركيا، هل انقلبوا عليه؟
الأتراك حاولوا نصحه ووزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلوا اجتمع معه سبع ساعات، لكن كانت هناك دائرة أخرى تغير الأشياء لاحقاً. والأتراك حاولوا مساعدة النظام على تقديم إصلاحات لكنه رفض، لأنه لا يريد أن يخسر شيئاً.
ماذا تقول للأسد؟
أقول: انتهت الأمور.. بعد سقوط 50 ألف قتيل لا يمكن أن تدار الأمور هكذا، وأنصح الأسد بالخروج.. وكيف لا أدري.. والشعب هو من يقرر ذلك.. فهذه ثورته وهو من يقرر.
انتقاد
انتقد العقيد المنشق مناف طلاس دور «حزب الله» في الأزمة، واصفاً إياه بأنه «فقد البوصلة». وطالب «حزب الله» بالانحياز لإرادة السوريين أو الصمت.