أعلن سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية، عن افتتاح مركز "هداية" لمكافحة التطرف العنيف، وهو الاسم الجديد لمركز التميز الدولي لمكافحة التطرف.
وقال سموه، خلال الاجتماع الوزاري الثالث والمنتدى العالمي لمكافحة الارهاب الذي اختتم أعماله أمس في أبوظبي، إن استضافة دولة الإمارات للمركز تأتي تجسيداً لمبدأ التسامح الذي تتبناه دولة الإمارات، والذي يقف على طرف النقيض لتحييد التطرف العنيف، مشددا على أن دولة الإمارات تقوم بدورها في تنسيق جهود المجتمع الدولي من أجل التخلص من تهديدات التطرف العنيف عبر مركز هداية.
وأكد سموه أن المركز الجديد سيتابع سعيه الحثيث ليكون مركزاً دولياً يحتضن جميع الخبراء والخبرات في مجال مكافحة التطرف العنيف، بحيث يقود عملهم المشترك مع طاقم المركز إلى تعزيز النهج الذي تتبعه دول العالم من أجل مكافحة التطرف العنيف، مشيرا سموه إلى أن مركز هداية سيركز على عدة مجالات هامة، منها على سبيل المثال الدبلوماسية والمجالات الرياضية والثقافية ومكافحة التطرف العنيف عبر المناهج التربوية ونبذ الراديكالية في السجون، ودعم ضحايا الإرهاب.
وقال سموه في الكلمة التي افتتح بها المنتدى: "إن اجتماعنا الوزاري الثالث دليل واضح على استمرار التزامنا بتعميق التعاون والجهود المشتركة بيننا من أجل مكافحة الإرهاب"
وأضاف سموه: "إنه على الرغم من حداثة عهد المنتدى، إلا أنه أثبت نفسه كجهة قادرة على الاضطلاع بمسؤولياتها وتحقيق الإنجازات، وما كان لهذا أن يتحقق دون العمل الدؤوب والمساهمات القيمة.
وعبر سموه عن شكره وتقديره لوزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون ووزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو على ما أبدياه من التزام بعمل المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب وما قدماه من دعم مستمر، حيث كان لمساهماتهما الفضل في نجاح المنتدى ووصوله لمراحل هامة، مؤكداً استمرار هذا التعاون بين حكوماتنا في سياق رؤيتنا المشتركة تجاه المنتدى.
وقال سموه: "إننا جميعاً متفقون على ضرورة تعزيز الجهود الفردية والجماعية لمكافحة الإرهاب والتطرف العنيف، لافتا إلى أن خطط الإرهابيين قد تتغير ولكن خطرهم وتهديدهم هو ذاته، وهذا ما يبرز أهمية وجود منتدى يجمع معلومات وخبرات الجميع، ويتيح مشاركتها الإرهاب ظاهرة تتجاوز الحدود الوطنية ولا ترتبط بشعب معين أو دين محدد".
وأضاف سموه: "إنني أنتهز هذه الفرصة للتأكيد أن دولة الإمارات التي تستضيف هذا الاجتماع وتشارك برئاسة المجموعة العاملة لمكافحة التطرف العنيف، ملتزمة بالاستمرار في تقديم المساهمات والدعم لأجندة المنتدى".
وقال سموه: "إن التطرف العنيف يقف على طرف النقيض مع التسامح الذي تعتنقه دولة الإمارات كأحد أهم قيمها ولهذا فإنه شرف للإمارات أن تعمل على تنسيق جهود المجتمع الدولي في سبيل التخلص من تهديدات الإرهاب والتطرف العنيف في العالم، وتؤمن دولتنا بأن للمنتدى دورا محوريا في الجهود التي تبذلها دول العالم في سبيل الوصول إلى هذا المبتغى".
وأكد سمو الشيخ عبدالله بن زايد أن مكافحة التطرف العنيف ومعالجة قضاياه لا تتمان لنا إلا عندما نبذل كمجتمع دولي جهودا جماعية ونلتزم باستمرار العمل ولا ريب أن لكل دولة طريقتها في معالجة التهديدات الناجمة عن التطرف العنيف، بيد أن هنالك خطوطاً مشتركة تجمع بين مختلف مظاهره وتتيح لنا الاستفادة من خبرات بعضنا في هذا المجال. وبإمكاننا، بل وحتى ينبغي علينا، أن نشرع بوضع الممارسات الجيدة في هذا الصدد وبخلق شبكات تجمع بين العاملين في هذا الشأن. وإن هذا النوع من التعاون الدولي هو فحوى عمل مركز هداية.
وتطرق سمو وزير الخارجية إلى التعريف بالمركز، وقال: لقد عمل مركز هداية خلال الأشهر العشرة الماضية بجد مع الجهات المعنية الدولية ولقد أجرت قيادة المركز زيارات لأكثر من عشرين عاصمة، وعملت على بناء الشراكات مع عدة مؤسسات تعمل في مجال مكافحة التطرف العنيف، ووضعت تقويماً زمنياً للبرامج والمبادرات التي تسعى لتنفيذها أثناء العام الأول من انطلاق العمل.
شراكات
وقال سموه: إن المركز يدرك أهمية عقد شراكات مع جهات تتمتع بالمصداقية بغية تنفيذ التقويم الزمني للنشاطات التي وضعها لافتا إلى أنه من أبرز الشركاء في هذا الصدد مركز جنيف للسياسات الأمنية ومركز جاكارتا للتعاون في إنفاذ القانون وأكاديمية جامب سبورت في أبوظبي ومركز محمد بن نايف للمناصحة والرعاية ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا ومنظمة نساء بلا حدود.
كما أعلن سموه عن تعاون المركز الجديد مع الاتحاد الأوروبي وعدد من الجهات الأساسية في الأمم المتحدة مثل فرقة العمل المعنية بالتنفيذ في مجال مكافحة الإرهاب التابعة للأمم المتحدة ومكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة ومعهد الأمم المتحدة الإقليمي لبحوث الجريمة والعدالة معبرا عن أمله في استمرار العمل الناجح مع جميع الشركاء من أجل نجاح مركز هداية.
واشار سموه إلى أن مركز هداية ما كان ليصل إلى هذه المرحلة لولا الدعم العالمي والشركاء والذي يضمن تفرد المركز وتميزه، ما يجعل منه مركزا فعالا يأخذ بالاعتبار احتياجات أعضاء المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب، ليصبح مثالاً على العمل التعاوني.
مؤكدا أن الجميع عمل لتأسيس هذا المركز وسنعمل معاً على إنجاحه وليلعب دوراً رئيسياً في مجال عمله.
دور استباقي
من جانبه، عبر وزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو، الذي ترأس الاجتماع الوزاري الثالث للمنتدى العالمي لمكافحة الارهاب، عن سعادته بانعقاد هذا المؤتمر في دولة الإمارات العربية المتحدة، وقال: إن التغييرات السريعة في البيئة الدولية تجبرنا على القيام بدور استباقي في مواجهة التحديات الهائلة للتطرف.
واضاف أن تركيا كمنارة للاستقرار في منطقة مضطربة، لديها شعور بالمسؤولية يدفع سياستها الخارجية إلى بذل المزيد من الجهود لتوطيد الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط وفي خارجها.
وذكر وزير الخارجية التركي أن جهودنا في مكافحة الإرهاب هي جزء لا يتجزأ من استراتيجيتنا كبلد يعاني من مخاطر الارهاب والتطرف مشيرا إلى أن اجتماع أبوظبي يمنح فرصة سانحة لتقييم التقدم الذي تم احرازه منذ الاجتماع الأخير في اسطنبول. واشار أوغلو إلى أن المنتدى العالمي لمكافحة الارهاب لديه العديد من القضايا ذات الاهتمام المشترك التي تهم الجميع معبرا عن ثقته في ان الجهود المشتركة سوف تمكننا من تحقيق التوازن الصحيح بين وجهات نظر فردية، والأولويات الاستراتيجية ويجب على المنتدى العالمي مواصلة مساعيه للتركيز على الصالح العام للجميع.
وأوضح الوزير التركي أن مناقشات المنتدى التي تمت من خلال خمس مجموعات وخطة العمل المعروضة تؤكد أننا قادرون على تحقيق الأهداف المرجوة.
وقال: "إن تدشين المركز الدولي للتميز لمكافحة التطرف العنيف في أبوظبي هو خطوة هامة في هذا الصدد معبرا عن تقديره لحكومة دولة الإمارات العربية المتحدة وسمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية، على استضافة مركز هداية الذي يعد أول مركز دولي يعنى بمكافحة التطرف العنيف بكافة أشكاله ومظاهره ونحن نتطلع لمواصلة المساهمة في الأنشطة والبرامج التي يتم تطويرها من قبل المركز فضلاً عن دعمه والمساهمة في تمويله.
دعم
وأشار وزير الخارجية التركي إلى أن إنشاء المعهد الدولي للعدالة وسيادة القانون في تونس سيكون ايضا إنجازا هاما في هذا الصدد من أجل تبادل الخبرات للحفاظ على التوازن الدقيق بين توفير الأمن ودحر التطرف ونحن أيضا على استعداد لإعارة موظفين، وإرسال الخبراء وتنظيم حلقات عمل وخاصة من خلال أكاديمية العدل ووزارة العدل التركية فضلا عن أكاديمية الشرطة التركية دعما لهذا المعهد.
وقال الوزير التركي: إن اعتماد خطة العمل بشأن ضحايا الإرهاب التي نوقشت ضمن البند الثاني في هذا الاجتماع توصلت إلى تطوير وثيقة ومشروع خطة عمل سنسعى لاعتمادها لحث الدول الأعضاء بضرورة زيادة دعم الدول للضحايا وتقديم الخدمات المتكاملة لهم، لافتا إلى أن هؤلاء الضحايا أهملت احتياجاتهم لفترة طويلة.
وختم كلمته بأهمية المضي قدماً في التنفيذ العملي لخطة العمل بشأن ضحايا الإرهاب من خلال حوار مفتوح وإشراك الحكومات والبرلمانات والمجتمع المدني والشبكات الاجتماعية ووسائل الإعلام من أجل تعزيز التضامن مع الضحايا، وتحسين الفهم لاحتياجاتهم ومشاركة الأمم المتحدة والمجتمع المدني لدعمهم بصورة أفضل.
من جانبه، نقل نائب وزير الخارجية الأميركية وليام بيرنز تحيات هيلاري كلينتون ودعمها القوي والمستمر لأعمال المنتدى. وقال: نلتقي في أبوظبي في لحظة محورية في اطار حربنا ضد التطرف العنيف في عدد من المناطق حول العالم حيث أحرزنا تقدما كبيرا نتيجة للتعاون الدولي، مشيرا إلى تنظيم القاعدة في اليمن وحركة الشباب في الصومال تلقت ضربات موجعة خلال الفترة الماضية، إلا أنه أكد أن التهديدات الارهابية الخطيرة لاتزال قائمة في منطقة الساحل والقرن الأفريقي والجماعات تستخدم الارهاب لتحقيق مصالحها لبعض الوقت حيث بدأت القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي بعدد من الهجمات وكذلك عمليات الاختطاف شمال مالي والدول المجاورة.
واشار نائب وزير الخارجية الأميركي إلى أن الهدف الحالي هو إيجاد حلول طويلة الأجل لمكافحة التطرف والارهاب لأننا ندرك جميعا أن حلول طويلة الأجل ضرورية. وقال: "نحن نعلم جميعا أن النهج القمعي يعمل على تأجيج التطرف في كثير من الأحيان كما ندرك أنه يجب علينا الحد من عمليات التطرف من خلال تعزيز الفرص وتعزيز مبدأ التسامح وإبراز أصوات الرجال والنساء الذين وقعوا ضحايا للإرهاب.
وقال: نحن بحاجة إلى بناء قدرات الحكومات على مواجهة التهديدات داخل مجتمعاتهم من خلال نهج يرتكز على سيادة القانون واحترام حقوق الإنسان وعن طريق إصلاح إنفاذ القانون ونظم العدالة الجنائية، والانخراط مع المجتمعات المحلية، وتمكين المجتمع المدني، مشيرا إلى أنه لا توجد دولة واحدة يمكن أن تنجح وحدها في مكافحة التطرف بل يجب العمل كشركاء على قدم المساواة.
المنتدى يهدف لتعزيز البنية الدولية لمجابهة إرهاب القرن 21
استعرضت الجلسة العامة الوزارية التي انعقدت في أبوظبي 14 ديسمبر الجاري مجموعة من الحقائق الخاصة بالمنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب، إضافة إلى الإعلان عن آليات عمل مركز "هداية" (مركز التميز الدولي لمكافحة التطرف العنيف).
ويهدف المنتدى إلى مساعدة البلدان في جميع أنحاء العالم على بناء قدراتها وخاصة قدرات المؤسسات المدنية لمجابهة التهديدات الإرهابية ضمن حدودها وأقاليمها، إضافة إلى تعزيز الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب والتطرف العنيف.
كما يهدف لتعزيز البنية الدولية لمجابهة إرهاب القرن الحادي والعشرين والترويج لمنهج استراتيجي بعيد المدى للتعامل مع هذا التهديد، حيث يحدد المركز الاحتياجات العاجلة ويضع الحلول ويحشد الموارد للتعامل مع التحديات الرئيسية المتعلقة بمكافحة الإرهاب التي تواجه المؤسسات المدنية، ويهدف من خلال تركيزه الرئيسي على مكافحة التطرف العنيف وتعزيز العدالة الجنائية وغيرها من مؤسسات سيادة القانون، لتقليص عمليات تجنيد الإرهابيين وزيادة قدرات البلدان على التعامل مع التهديدات الإرهابية داخل حدودها وأقاليمها.
مركز مستقل
وعند تدشين المنتدى الدولي لمكافحة الإرهاب في نيويورك الذي تم في شهر سبتمبر 2011 على مستوى الوزراء، عرضت دولة الإمارات استضافة هذه المركز استجابة للرغبة المتزايدة لدى أعضاء المنتدى، وكذلك لدى المجتمع الدولي العريض في إنشاء مركز مستقل متعدد الأطراف مكرس للتدريب والحوار والتعاون والبحوث لمكافحة التطرف العنيف بكافة أشكاله ومظاهره بحيث يكون مركزاً يجمع بين الخبراء والخبرات والتجارب من الدول في كافة أنحاء العالم.
وبافتتاح المركز الدولي للتميز في مكافحة التطرف العنيف في أبوظبي ستكون هناك مؤسسة دولية مكرسة لمجابهة هذا التحدي، وسيركز تفويض المركز على ثلاثة مجالات رئيسية، هي التدريب، حيث سيتم توفير التدريب اللازم والأدوات العلمية لأصحاب المصلحة كي يتسنى لهم وضع وتطبيق برامج وسياسات فاعلة لمكافحة التطرف العنيف بكافة أشكاله، كما سيقوم المركز بتوفير منبر لتسهيل الحوار بين قادة المجتمع والمدرسين وغيرهم من المعلمين، علاوة على الفاعلين ذوي الصلة على المستويين الوطني والمحلي المنخرطين بمكافحة التطرف العنيف، كما سيقوم المركز بإجراء البحوث والتكليف بإجرائها للحصول على فهم أعمق للدوافع المتحركة للتطرف العنيف والوقوف على المنهجيات الفاعلة في مكافحته.
18 شهراً
وسيقوم المركز خلال أول فترة عمل له، والتي تمتد من 12 إلى 18 شهراً، بتركيز جهوده على بضعة مجالات رئيسية، وهي عقد جلسات لخبراء مكافحة التطرف العنيف بشكل يدعم أولويات فريق العمل المعني بمكافحة التطرف العنيف بالمنتدى الدولي لمكافحة الإرهاب، إضافة إلى وضع مناهج تدريبية مبدئية حول مكافحة التطرف العنيف وتجريمها، وفي ذات الوقت السعي لدمج وتعزيز الجهود المتعلقة بأنشطة فريق العمل المعني بمكافحة التطرف العنيف بالمنتدى الدولي لمكافحة الإرهاب، إضافة إلى تطوير مجتمع دولي معني بممارسات مكافحة التطرف العنيف، ويشمل ذلك إنشاء شبكة من مختصي مكافحة التطرف العنيف من كافة أنحاء العالم. ويعتزم المركز استضافة سلسلة من المحاضرات والأفلام إضافة إلى ورش عمل ومؤتمرات مختصة بمواضيع مكافحة التطرف العنيف ينظمها الشركاء الدوليون.
قدرة مستقلة
وسيقوم المركز بدعم من أعضاء المنتدى الدولي لمكافحة الإرهاب ودول أخرى بالإستجابة للجهود التي تنطلق من أولويات فرق العمل المعنية بمكافحة التطرف العنيف بالمنتدى الدولي لمكافحة الإرهاب، وتعزيز هذه الجهود.
ويتوقع المركز تطوير قدرة مستقلة قوية لتقييم مبادرات مكافحة التطرف العنيف التي يرعاها أعضاء المنتدى الدولي لمكافحة الإرهاب وغيرهم من شركاء المركز، ما يسهم في تعزيز العمل في مجالات الاتصالات وخدمة الرسائل المتعلقة بمكافحة التطرف العنيف، علاوة على لعب دور رئيسي في تعميق الفهم حول كيفية قيام المؤسسات ببناء نشاط ضد التطرف العنيف، كما سيوفر نقطة مرجعية وتدريبية للمسؤولين حول كيفية وضع سياسات وبرامج وأنشطة تقلل من مخاطر دخول الأشخاص الذين تطرفوا إلى مجال التطرف العنيف.
وستكون إحدى أولويات المركز بناء وتعزيز شراكات مع مراكز التدريب والأكاديميات الدولية والإقليمية، والمؤسسات الأكاديمية والبحثية المعنية وبرامج الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب، ويشكل ذلك مركز الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب الذي تم إنشاءه حديثاً، علاوة على منظمات القطاع الخاص والمنظمات غير الحكومية المعنية من كافة أنحاء العالم.