وسط جدل محتدم بين الفصائل والتيارات المصرية بشأن النتائج الأولية للمرحلة الأولى من الاستفتاء حول الدستور، رفضت اللجنة العليا للانتخابات في مصر الاتهامات الموجهة إليها بالتلاعب بنتائج الاستفتاء.. في حين دعت جبهة الإنقاذ الوطني للاحتشاد اليوم بميدان التحرير وجميع ميادين المحافظات احتجاجا على ما وصفته بـ «عملية التدليس المفضوحة» في مليونية «منع تزوير إرادة الناخبين»، تزامناً مع توجيه المحكمة الدستورية العليا انتقاداً حاداً لبيان صادر عن مؤسسة الرئاسة يتهمها بالتآمر.
وعلى ضوء النتائج الأولية غير الرسمية التي أظهرت تأييد 57 في المئة من المصريين لمشروع الدستور الجديد، رفضت اللجنة العليا للانتخابات اتهامات ست منظمات حقوقية بالتلاعب بنتائج المرحلة الأولى من الاستفتاء على مشروع الدستور، ومطالبتها بإعادتها.
ونفت اللجنة، على لسان أمينها العام زغلول البلشي، وقوع مخالفات تخل بنزاهة العملية الانتخابية أو تؤثر في نتائجها، وذلك بعد أن طالبت ست منظمات حقوقية مصرية ومؤسسات مجتمع مدني بإعادة التصويت على الاستفتاء، معتبرة أن هناك خروقا أدت لبطلانه.
دعوات للتظاهر
في غضون ذلك، دعت جبهة الإنقاذ الوطني جموع الشعب دعت جبهة الإنقاذ الوطني إلى تنظيم مليونية حاشدة اليوم، تحت عنوان «منع تزوير إرادة الناخبين»، وحمّلت الجبهة اللجنة العليا للانتخابات مسؤولية الانتهاكات والتجاوزات والمخالفات التي شابت المرحلة الأولى للاستفتاء على الدستور، والتي بلغت بحسب تقدير المراكز الحقوقية 7400 مخالفة، تحرر عنها 1500 محضر.
وذكرت الجبهة في مؤتمر صحافي عقد بمقر حزب الوفد بمحافظة الجيزة أن عملية التصويت في الاستفتاء تعرضت لـ«تدليس فاق ما مارسه النظام السابق».
وحملت الجبهة اللجنة العليا للانتخابات المشرفة على الاستفتاء مسؤولية التحقيق في ما وصفته بعمليات «التزوير والتجاوزات»، كما حملتها مسؤولية تلافي «الانتهاكات السابقة» في المرحلة الثانية المقرر إجراؤها السبت المقبل، حيث شملت الجولة الأولى من الاستفتاء عشر محافظات هي: القاهرة والإسكندرية والشرقية والغربية والدقهلية وأسيوط وسوهاج وأسوان وشمال سيناء وجنوب سيناء، وتضم هذه المحافظات نحو 26 مليون ناخب مسجل، في حين تقرر أن تبدأ المرحلة الثانية السبت المقبل في بقية المحافظات البالغ عددها 17.
في هذا الصدد، قال عضو جبهة الإنقاذ الوطني عبد الغفار شكر: «ندعو المصريين إلى التظاهر اليوم لإسقاط مشروع الدستور».
بدوره، قال عضو الجبهة حسين عبد الغني: «جاءتنا إحصائيات من جهات محايدة أن التصويت بلا كان اكثر من التصويت بنعم».
وقفة احتجاجية
في الأثناء، نظمت مجموعة من الشباب بمحافظة السويس وقفة للتعريف بما يرونه «مخاطر» يتضمنها مشروع الدستور الجديد.
وقال مصدر محلي بمحافظة السويس (شرقي العاصمة القاهرة) في تصريحات لوكالة «يونايتد برس انترناشونال» إن مجموعة من الشباب نظَّموا وقفة بميدان الأربعين لشرح المواد الي يتضمنها مشروع الدستور المصري الجديد، وما يعتبرونه «مخاطر» يتضمنها عدد من تلك المواد.
وأضاف المصدر أن المتواجدين بالميدان ردَّدوا هتافات «الشعب يريد إسقاط الإخوان»، و«يسقط دستور الإخوان»، و«عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية.. كرامة إنسانية» ، وكتبوا عبارات مناهضة لجماعة الإخوان المسلمين في مصر على جدران بنايات بالميدان وبأرضية الشارع.
المحكمة الدستورية تنتقد الرئاسة
إلى ذلك، انتقدت المحكمة الدستورية العليا في مصر بحدة أمس بيانا صادرا عن مؤسسة الرئاسة باللغة الانجليزية، معتبرة أنه مسيء بحقها «وأنه يكيل الاتهامات لها دون أدلة».
وقال نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا، الناطق باسمها المستشار ماهر سامي، في بيان صادر عن الجمعية العامة للمحكمة إن «المحكمة قد هالها أن تصدر مؤسسة الرئاسة بياناً بهذا المحتوى من الافتراءات».
ورأى سامي أن البيان الرئاسي الذي صدر يوم الجمعة الماضي وكان موجهاً للإعلام الأجنبي وتم نشره أيضا باللغة العربية على صفحة الناطق باسم الرئاسة «يثير الريب والشكوك في أحكام المحكمة الدستورية العليا دون أن يقدم دليلاً واحداً».
وجدد الناطق مطالبة المحكمة كل من اتهمها أو أيا من أعضائها بتقديم الأدلة التي تثبت اشتراك قضاتها في مؤامرة لإسقاط مؤسسات الدولة على نحو ما أشيع.
جدل متصاعد
وفي هذه الأجواء، حدد وكيل مؤسسي حزب الدستور محمد البرادعي شروطا تحت اسم «الفرصة الأخيرة» للخروج من الأزمة الطاحنة التي تعصف بها مصر الآن تتمثل في إلغاء الاستفتاء الذي وصفه بأنه سيئ السمعة، وبدء حوار مع القوى السياسية في محاولة لرأب الصدع.
وأكد البرادعي ضرورة استعادة القانون وتكليف حكومة بها كفاءات قادرة على الإدارة. وكتب البرادعي على تويتر: «الفرصة الأخيرة: إلغاء الاستفتاء سيئ السمعة والدخول في حوار لرأب الصدع، حكومة كفاءات قادرة علي الإدارة، استعادة دولة القانون».
في الأثناء، استمر التنديد بالاعتداء على مقر حزب الوفد مساء السبت الماضي وعنونت صحيفة «الوفد» «المجرمون» ونشرت صورة من قاد الهجوم وصورة السلفي حازم أبو إسماعيل الذي أشير إليه بأصابع الاتهام.
وفي الاتجاه ذاته كتب مصطفى بكري في صحيفة «الأسبوع» تحت عنوان: «إنها الحرب» قائلاً: «لن أناشد الرئيس ولن أطلب منه التدخل لحماية الوطن والشعب فالرئيس طرف وإلا قولوا لي أين هو موقفه؟ ولماذا يلتزم الصمت؟» حيال عنف بعض الإسلاميين.
وزير الدفاع المصري: الانقسام يهدد الاقتصاد والسلم الاجتماعي
حذر وزير الدفاع والإنتاج الحربي المصري الفريق أول عبدالفتاح السيسي من أن الانقسام الذي تشهده البلاد يؤثر على الاقتصاد ويهدد السلام الاجتماعي .
وحذَّر السيسي في كلمة ألقاها خلال لقائه ضباط وجنود سلاح الإشارة أمس من أن «ما تواجهه مصر من انقسامات يؤثر على الاقتصاد ويهدِّد السلام الاجتماعي للمواطنين، ما يستلزم من جميع طوائف المجتمع الحفاظ على وحدة الصف ونبذ جميع الخلافات وتغليب المصلحة العليا للوطن فوق أي اعتبارات أخرى».
وقال إن «الدور الذي ساهم به رجال القوات المسلحة، خلال عملية تأمين الاستفتاء على الدستور السبت الماضي صاغ تاريخاً جديداً للعلاقة القوية بين الشعب وجيشه، التي كانت في أبهى صورها خلال نزول الشعب المصري بكل طوائفه للمشاركة بإيجابية في الاستفتاء بعد أن اطمأن لنزول الجيش لحمايته وتأمين مقار اللجان».
وشدد السيسي على أن القوات المسلحة هي الصمام الحقيقي للحفاظ على أمن واستقرار الشعب والمجتمع.
وعبر وزير الدفاع والإنتاج الحربي المصري عن حرص القوات المسلحة المصرية «على التعاون والتنسيق الكامل مع وزارة الداخلية للحفاظ على أمن الوطن واستقراره وصون مقدساته»، مقدِّراً «دور الشرطة المدنية في حماية المواطنين».
يشار إلى أن عناصر القوات المسلحة المصرية تقوم بتأمين عملية الاستفتاء على مشروع الدستور المصري الجديد التي جرت مرحلته الأولى السبت الماضي في 10محافظات، وتتواصل بالمرحلة الثانية والأخيرة السبت المقبل بباقي المحافظات.