كشف اللواء عبدالجليل مهدي محمد العسماوي مدير الإدارة العامة لمكافحة المخدرات بشرطة دبي عن القبض على ثلاثة من أخطر المجرمين في الدولة في عملية نوعية كبيرة تصدت فيها الإدارة وبالتعاون مع أجهزة أمنية متخصصة بمكافحة المخدرات في الدولة، ومساندة قوى التدخل السريع في كل من دبي والشارقة.
وشرطة أبوظبي. وأكد اللواء العسماوي أنه أطلق على العملية اسم "ثعلب الصحراء" لما عرف عن المتهم الأول من مكر شديد، أشبه بمكر الثعالب، إذ آثر المتهم الأول "الصحراء ملاذاً له، يمارس فيه نشاطاته الإجرامية :إخفاء وتهريباً بعيداً عن أعين الناس والمجتمع ورجال الشرطة".
واكد اللواء العسماوي ان العصابة التي ألقي القبض عليها تتكون من ثلاثة مواطنين محترفين بتهريب وترويج المخدرات، كانوا يخططون لإتمام صفقة بيع لكمية من الحشيش المخدر بينهم، مشيدا بالتعاون القوي والمتين الذي أبدته القوى المشاركة في هذه العملية التي أطلق عليها اسم "ثعلب الصحراء".
مشيراً إلى أنها تميزت عن غيرها من العمليات، بأن المتهمين يتميزون بالدهاء الشديد، مشيرا الى انهم ليسوا بصغار السن، وسجلاتهم الأمنية حافلة بالإجرام على مستوى تهريب المخدرات. ولفت العسماوي الى ان المتهم الاول حاول الهرب من رجال الشرطة مما تسبب في تعريض حياة مطارديه من قوى الأمن للخطر أثناء محاولته الفرار، والثاني كان على تنسيق وتعامل مع مجرم باكستاني، يقوم بتوريد المخدرات إليه، وكان بحوزته سلاح ناري مذخر جاهز للاستخدام أثناء عملية القبض عليه.
تعاون
وقال اللواء العسماوي: إن العملية شهدت أداء متقدماً من حيث التعاون والتنسيق بين أكثر من جهاز لمكافحة المخدرات في الدولة، وقد برز فيها جانب الاستخبارات من رصد وتبادل للمعلومات عاملاً هاماً مؤثراً، الأمر الذي هيأ لفريق العمل الأرضية الصلبة للتحرك بثقة وإقدام، إذ إن جميع تحركات المتهمين كانت مرصودة وعن كثب، وعلى نحو يكاد يكون لصيقاً بهم.
وحول تفاصيل العملية وفقا لللواء عبدالجليل مهدي تعود إلى أوائل أغسطس الماضي، التي توجت بالقبض أولاً على الرأس المدبر في الصحراء بالقرب من مدينة الفقع وبحوزته كمية ضخمة من مخدر الحشيش، وعلى اثنين آخرين ضالعين معه في نشاطاته الإجرامية، الأول يدعى (ح. س. ح) في الخمسينيات من عمره، جنسيته الإمارات، تاجر ومهرب دولي خطير للمخدرات، يتمتع بذكاء حاد، ولكنه -للأسف- غير حميد.
وحذره الشديد أشبه بنباهة وحذر الثعالب، ومعروف عنه أنه من أصحاب السوابق، وانه يقيم في مدينة العين، ولديه حظيرة بالقرب من بلدة الفقع بإمارة دبي، يستخدمها ظاهرياً لتربية الماشية، أما في الواقع، فإنها عبارة عن بؤرة يمارس من خلالها نشاطاته الشريرة مما يتعلق بالمخدرات.
وأشار العسماوي الى سوابق المتهم الاول اذ ألقي القبض عليه من قبل الأجهزة المختصة بمكافحة المخدرات في المملكة العربية السعودية، وحكم عليه بتاريخ 26/12/1997 بالسجن لمدة عشرين سنة. بالإضافة لألفي جلدة ، وكانت تهمته جلب واستيراد المواد المخدرة إلى المملكة، أما المتهم الثاني ويدعي (ف.ج.م) في الأربعينيات من عمره، إماراتي الجنسية، ويقيم في إمارة الشارقة، المهنة رجل أعمال.
وهو لا يقل مكراً ودهاء عن الأول، ومن المعروف عنه أنه ناشط خطير بتجارة وتهريب المخدرات، "من أصحاب السوابق"، إذ صدر أمر بالقبض عليه في سلطنة عمان في شهر يوليو عام 2000 بتهمة تجارة وتهريب المخدرات، وفي 31 يوليو من عام 2001 حكمت محكمة الاستئناف بالسلطنة عليه غيابياً بالسجن 10 سنوات وبغرامة مالية مقدارها 15ألف ريال عماني.
حيث أوقف المتهم بتاريخ 15/11/2003 من قبل السلطات اللبنانية بتهمة تهريب المخدرات، واعترف آنذاك بأنه قد دخل إلى لبنان عدة مرات بجواز سفر باكستاني مزور باسم جابر محمد أسلم. ونوه بأنه أدين من قبل القضاء اللبناني بالسجن 5 سنوات وغرامة 50 مليون ليرة لبنانية، ولكن بتاريخ 16/3/2005، قامت الجهات المختصة بدولة الإمارات باسترداده من السلطات اللبنانية وفقاً للاتفاقيات القائمة بين الدولتين في هذا الشأن، وكون المتهم مطلوباً لديها في عدة قضايا جنائية.
واشار اللواء العسماوي الى ان المتهم الثالث (س.ع.س) في الثلاثينات من العمر إماراتي الجنسية، يعمل لدى إحدى الجهات الحكومية، ويقيم في مدينة أبوظبي، ومعروف بنشاطاته في المخدرات والمعلومات المتوفرة بشأنه، تؤكد أنه الشخص الذي كان سيشتري كمية المخدرات من المتهم الأول.
الأحداث
وتابع اللواء العسماوي: اشتمل مسرح أحداث العملية على مساحة مكانية واسعة، ضمت جانباً من منطقة صحراوية بدبي متاخمة لبلدة الفقع، وقريبة من مدينة العين، إضافة لمدينتي أبوظبي والشارقة، أما الوقائع فبدأت في الصحراء بالقرب من بلدة الفقع، إثر ورود معلومات مؤكدة، تشير إلى أن المتهم الأول (ح. س. ح)، سيقوم بتسليم كمية من المخدرات إلى شخص مجهول بالقرب من منطقة الفقع في الخامس من سبتمبر الماضي.
فتحركت مجموعة من فريق العمل إلى المكان فورا، مما مكنهم من رصد المتهم، وهو يدخل الصحراء، ويتوجه بسيارته إلى موقع قريب من إحدى الأشجار، ويقوم باستخراج كمية من المخدرات كانت في حقيبة مدفونة في الرمال، ثم يغادر راجعاً باتجاه الفقع حيث تبين لاحقاً لمجموعة الكمين احتواء الحقيبة التي تركها في الصحراء على عدد كبير من قوالب مستطيلة الشكل، كانت تنبعث منها رائحة الحشيش، وعلى الجانب الآخر من المكان كانت ثمة مجموعة أخرى من رجال المكافحة تلاحق المتهم، وقد تمكنت من تحديد هويته باعتباره ناشطاً خطيراً في تهريب المخدرات.
وذلك خلال مروره على إحدى النقاط من الشارع العام وإلقائه حقيبة من سيارته بالقرب من إحدى الأشجار. ثم تقابله مع شخص لفترة وجيزة قبل أن يغادر المكان، ليقوم الآخر بالتقاط الحقيبة بخفة، ثم يغادر المكان متوجهاً صوب مدينة العين.
القرار والكمين
وقال مدير الإدارة العامة لمكافحة المخدرات: "بناء على المستجدات والنتائج التي وصل إليها قائد الكمين، ومراجعته للإدارة بالموقف، تم اتخاذ القرار بالاستمرار بالكمين، والقبض على المتهم الأول متلبساً، الأمر الذي تطلب من المجموعة أن تمضي الليل في الصحراء ساهرة على المكان الذي فيه حقيبة المخدرات، ونظراً لمتطلبات التحرك المرن والسريع في العملية.
والظروف البيئية الصحراوية الصعبة، فقد تم تعزيز قوة الكمين بوحدة دعم من فرقة التدخل السريع بشرطة دبي، التي قامت بمطاردته والقبض عليه وسط الكثبان الرملية العالية التي كانت تحاصره من كل صوب، ليعلن بعدئذ استسلامه صاغراً أمام قوة الحق والقانون.
وأضاف: "بعد إحضار المتهم الأول للإدارة، تابع عناصر الفريق عملهم، فقاموا وبالتنسيق مع إدارة مكافحة المخدرات بشرطة الشارقة التي استدعت بدورها مجموعة من قوة التدخل السريع للقبض على المتهم الثاني (ف.ج.م)، كون المتهم معروف بنزوعه الإجرامي وخطورته، وقد تمت مباغتته.
وهو في سيارته من قبل القوى الأمنية المشتركة في إمارة الشارقة، فعثر في حوزته على مسدس مذخر جاهز للاستخدام، واعترف المتهم الثاني لاحقاً للجهات الأمنية المختصة بأنه كان يقوم بتزويد المتهم الأول بالمخدرات، وبأنه قام بتسليمه ما يقرب من 25 كغ حشيش قبل عدة أيام.
وهو على اتصال وتنسيق مستمر مع أحد الأشخاص المقيمين في باكستان. وتابع اللواء العسماوي: "إلى ذلك فقد أدت المعلومات المتوفرة لدى الإدارة عن الثالث (س.ع.س) إلى القبض عليه بالتعاون مع شرطة أبوظبي، إذ عثر خلال تفتيش سيارته على 1كغ حشيش مخدر كان قد اشتراه قبل يوم واحد كعينة من المتهم الأول، وأحيل المتهمون الثلاثة إلى الجهات المختصة لاتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم بعد إسناد تهمة حيازة المواد المخدرة والمؤثرات العقلية، وترويجها للأول، وتهمة حيازة المواد المخدرة والمؤثرات العقلية للثاني، أما الثالث فأسندت إليه تهمة حيازة المواد المخدرة والمؤثرات العقلية وترويجها والاشتباه بتعاطيها.
مسؤولية وطنية
قال اللواء عبدالجليل مهدي مدير الإدارة العامة لمكافحة المخدرات لشرطة دبي في ختام حديثه عن العملية: إن مكافحة المخدرات عملية مركبة، وتحجيم انتشار المخدرات مسؤولية وطنية تستدعي جهود ومشاركة مؤسسات المجتمع بمختلف أطيافه التربوية والدينية والإعلامية والثقافية والفعاليات الاقتصادية، لتعزيز ثقافة الرفض الاجتماعي للمخدرات، وبخاصة لدى الشباب.
كما يتطلب الأمر من الفعاليات الاقتصادية أن تساهم في احتواء البطالة إن وجدت، وعلى الهيئات والمؤسسات الرياضية والثقافية وغيرهما مما يعنى بتنمية المجتمع، أن تعمل على تكثيف الجهود لشغل أوقات فراغ الشباب بكل ما هو مفيد ويسهم في تحريض الطاقات الإيجابية الكامنة لديهم.
وكذلك الهيئات والمنظمات الاجتماعية من حيث دورها الهام في الرعاية للأسرة. فالخير والشر صنوان في الوجود، ولكي نتغلب على الشر، لابد لنا من أن نعمل على التنشئة الأسرية الصحيحة، لأنها خط الدفاع الأول في وقاية الأبناء من الانحراف أو الشذوذ عن الفطرة الطيبة التي يعرف بها المواطن الإماراتي.وختم حديثه متوجهاً بالشكر لجميع الجهات التي شاركت بالعملية من شرطة الشارقة وأبوظبي، وفريق العمل ومدير إدارة المكافحة الدولية بالإدارة الذي قاد العملية ميدانياً على بلائهم الجيد وروحهم العالية.
شرطة الشارقة: لا تهاون مع المتهمين
أعرب العقيد علي سالم الخيال مدير إدارة مكافحة المخدرات في القيادة العامة لشرطة الشارقة عن ارتياحه للتنسيق القوي الذي حصل ما بين الإدارتين في الشارقة ودبي في مختلف مراحل عملية ثعلب الصحراء، والتبادل العميق والواسع للمعلومات بينهما، الأمر الذي أدى إلى نجاحها هذا النجاح المشرف.
وثمن جهود معالي الفريق ضاحي خلفان تميم القائد العام لشرطة دبي، ونائبه اللواء خميس مطر المزينة لدورهما الهام في مكافحة المخدرات في دبي خصوصاً والدولة عموماً. ولفت الخيال الى أن الجانب الأبرز في العملية ان المتهمين مواطنون إماراتيون.
معتبراً ما أقدموا عليه من إجرام أمراً لا يجوز السكوت عنه أبداً، أو التهاون فيه نظراً للأضرار المختلفة التي تنجم عنه. مطالباً جميع الأجهزة المختصة بمكافحة المخدرات في الدولة بالضرب ودون هوادة على أيدي من تسول لهم أنفسهم التورط في جرائم مخدرات تجارة وتهريباً وتعاطياً، مرجعا نجاح عملية ثعلب الصحراء إلى التعاون الوطيد الذي تمثل طوال فترة تنفيذ العملية ما بين الأجهزة الأمنية المختصة المشاركة من حيث تبادل المعلومات، والتخطيط، والتنفيذ، .
والرصد والمتابعة من قبل جميع الأطراف لمجريات الأمور أولاً بأول. وقال العقيد الخيال: "إننا كأجهزة أمنية مختصة بمكافحة المخدرات في الدولة ماضون وبكل حزم تحت مظلة وزارة الداخلية والنهج الصارم والواضح الذي اختطه لنا الفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، كسياسة ثابتة في التصدي وبإرادة الرجل الواحد للإجرام المنظم في تهريب المخدرات.
وما يتبعه من نشاطات إجرامية"، منوهاً بأن عملية ثعلب الصحراء مؤشر هام للجهات الأمنية المختصة، يستدعي توسيع التعاون والتفكير بوضع استراتيجيات عامة وشاملة تلبي متطلبات العمل في مجال مكافحة المخدرات.
وتوجه الخيال إلى معالي الفريق ضاحي خلفان تميم قائد عام شرطة دبي ونائبه اللواء خميس مطر المزينة بالشكر على دعمهما غير المحدود لكوادر مكافحة المخدرات ليس في دبي وحسب، وإنما في دولة الإمارات عموماً كما أشاد بدور اللواء خميس سيف بن سويف مدير عام الأمن الجنائي بوزارة الداخلية رئيس اللجنة العليا لمكافحة المخدرات في دولة الإمارات. واللواء عبدالجليل مهدي مدير الإدارة العامة لمكافحة المخدرات بشرطة دبي ورئيس الفريق المنفذ للعملية، على دوره الهام والمؤثر في نجاحها.