استعادت العاصمة المصرية القاهرة وميدانها الأشهر، التحرير، أمس أجواء ثورة 25 يناير قبل عامين، حيث خرج عشرات آلاف المتظاهرين للتنديد بسياسات الرئيس محمد مرسي وجماعة الاخوان المسلمين، دون أن تمر بسلام، حيث اشتبك المحتجون مع قوات الامن في شوارع المدينة التي تحولت الى ساحة حرب، ما خلف عشرات الجرحى، في حين انتشرت مدرعات الجيش في مداخل القاهرة، توازياً مع إعلان المتظاهرين الاعتصام في الميدان حتى تنفيذ مطالبهم التي تنوعت بين «إسقاط النظام» و«إسقاط الدستور» و«رحيل الحكومة»، في حين يحبس المصريون أنفاسهم اليوم السبت ترقبا لصدور الأحكام في قضية «مجزرة بورسعيد».
واحتشد عشرات آلآف المصريين أمس في ميدان التحرير وسط القاهرة للتنديد بمرسي والاخوان المسلمين في الذكرى الثانية للثورة التي اطاحت بالرئيس السابق حسني مبارك.
وخرجت مسيرات دعت اليها الحركات الشبابية وجبهة «الانقاذ الوطني المعارضة» انطلقت بعد صلاة الجمعة من عدة مساجد في القاهرة في اتجاه الميدان الذي احتشد فيه، وفي الشوارع المحيطة، به عشرات الالاف.
وهتف المتظاهرون «يسقط يسقط حكم المرشد» في اشارة الى مرشد جماعة الاخوان المسلمين محمد بديع و«ارحل ارحل» وهو نفس الشعار الذي كان يتردد في الميدان قبل عامين للمطالبة بانهاء حكم مبارك.
كما ردد المتظاهرون شعارات اخرى معادية للاخوان مثل «حكم الاخوان باطل» و«محمد مرسي باطل» و«عبد الناصر قالها زمان الاخوان ما لهم امان».
مجلس رئاسي
وشارك القياديان في جبهة الانقاذ محمد البرادعي وحمدين صباحي في مسيرة بدأت من مسجد مصطفى محمود في منطقة المهندسين متجهة الى الميدان. ودعت جبهة الانقاذ الى التظاهر رافعة شعارات عدة من بينها «لا لأخونة الدولة» و«لا للدستور» الذي وضعته جمعية تأسيسية هيمن عليها الاسلاميون و«لا لدولة الظلم و الفقر»، معلنة أنها ستعتصم في الميدان لحين الاستجابة لمطالبها. كما نادى بعض رموز المعارضة بتشكيل «مجلس رئاسية مدني.. يحل محل مُرسي لاسترداد الثورة مُجددًا وإعادة وضعها على الطريق الصحيح عقب أن انحرفت عنه ولم يتحقق شيء من مطالب الثورة»، في حين طالبت بعض القوى بتشكيل حكومة ائتلاف موسع أو حكومة موازية.
اشتباكات وصدامات
ووقعت اشتباكات في مناطق متفرقة بين المتظاهرين والشرطة أدت إلى إصابة العشرات. وجرت محاولات اقتحام عدد من أقسام الشرطة في مناطق مختلفة بالعاصمة، فيما وقعت مواجهات بالقرب من الميدان بين محتجين وقوات الامن المتمركزة خلف حاجز خرساني يغلق شارع القصر العيني الذي يحتوي عدة مؤسسات من بينها مقر مجلسي الوزراء والشورى. كما وقعت اشتباكات في شارع الشيخ ريحان المجاور استخدم فيها المتظاهرون الحجارة لترد قوات الامن بالغازات المسيلة للدموع. كما قام المئات بمهاجمة مقر الموقع الالكتروني لجماعة الاخوان المسلمين «اخوان اون لاين» الواقع في منطقة التوفيقية بوسط القاهرة بالحجارة ووقعت اشتباكات بينهم وبين آخرين.
وقطع متظاهرون الطريق امام مبنى التلفزيون «ماسبيرو» على بعد كيلومتر واحد من ميدان التحرير واوقفوا حركة السير في الاتجاهين.
حريق ونار
وفي هذه الأجواء، أضرم مجهولون النار بمحال تجارية وسط القاهرة على خلفية قيام عدد من سكان بناية برشق محتجين بالحجارة ترافق مع سماع أصوات إطلاق نار متقطع. ونشب حريق بعدد من المحال التجارية في سوق التوفيقية بمنطقة الإسعاف بعد قيام بعض من يسكنون بناية في أول السوق برشق مشاركين بمسيرة من مئات المتظاهرين كانت قادمة من منطقة دوران شبرا باتجاه ميدان التحرير.
الباب الخلفي
وفيما أطلقت الشرطة قنابل الغاز لتفريق المحتجين الذين تظاهروا أمام قصر الاتحادية، افيد عن دخول مرسي القصر من الباب الخلفي في موكب كبير ووسط تأمين مكثف تضمن تحليق طائرات عسكرية بسماء المنطقة، فيما نفت السلطات تلك الانباء. وقال الناطق الرسمي لرئاسة الجمهورية ياسر علي إن مرسي «يتابع التظاهرات من خلال غرفة عمليات الرئاسة التي ترفع تقرير كل ساعة إلى الرئيس لاطلاعه على آخر المستجدات».
وفي هذه الأجواء غير المسبوقة، قام الجيش بالدفع بعدد من المدرعات والدبابات عند مداخل القاهرة وبعض المحافظات الحيوية والطرق الرئاسية.
وأعلن الناطق باسم القوات المسلحة العقيد أركان حرب أحمد محمد علي أن الجيش قام بنشر عناصر «رمزية» على مداخل القاهرة الكبرى، مؤكداً أن ذلك الإجراء «احترازياً» وأن تلك العناصر «غير مخولة بالتعامل مع المدنيين».
وتأتي الذكرى عشية حكم قضائي اليوم يثير قلقا كبيرا في قضية مأساة بورسعيد التي قتل فيها 74 شخصا في استاد مدينة بورسعيد معظمهم من مشجعي فريق الاهلي لكرة القدم «الألتراس».
وهدد مشجعو الاهلي بالانتقام لضحايا بورسعيد ما لم يحكم القضاء «بالقصاص» من المسؤولين.