في تطور عكس عمق مأزق الحكم الذي تردت فيه تونس في أزمة غير مسبوقة، هدد الرئيس التونسي المنصف المرزوقي بالاستقالة من منصبه في حال لم يتوصل الائتلاف الحاكم إلى اتفاق بشأن التعديل الوزاري الذي طال انتظاره.. فيما لوّح حزب المؤتمر من أجل الجمهورية الشريك في الائتلاف الحاكم في تونس بالانسحاب من الائتلاف الحاكم، تزامناً مع استقالة المستشار القانوني للرئيس التونسي من منصبه ليكون بذلك المستشار الرابع الذي يرحل عن قصر قرطاج.
وقال المرزوقي، في رسالة وجّهها إلى حزب المؤتمر من أجل الجمهورية الذي كان يرأسه ويعقد هذه الأيام مؤتمراً وطنياً إنه «سيقدم استقالته إن لم يتم الاتفاق على تعديل وزاري يكون محل توافق بين الشركاء في الائتلاف الحاكم».
من جانبه، قال الأمين العام لحزب المؤتمر من أجل الجمهورية محمد عبّو خلال مؤتمر صحافي عقده، أول من أمس، في أعقاب أعمال المجلس الوطني الاستثنائي لحزبه، إنه «لا يستبعد انسحاب الرئيس المؤقت منصف المرزوقي من رئاسة البلاد إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق يرضي جميع الأطراف حول مسألة التعديل الوزاري».
وأضاف عبّو إن المرزوقي، وهو مؤسس حزب المؤتمر من أجل الجمهورية، دخل «في مرحلة البحث عن التوافق»، وهدّد بسحب وزراء الحزب من الحكومة الحالية التي يرأسها حمادي الجبالي الأمين العام لحركة النهضة الإسلامية.
وأكد عبو أن هذا الانسحاب سيتم «في ظرف أسبوع إن لم يتم التغيير على رأس وزارتي العدل و الخارجية، والتوقيع على وثيقة اتفاق تُحدد عمل الحكومة خلال المرحلة الراهنة». وأوضح أن «هذه الوثيقة تتضمن عدة نقاط منها: إنشاء لجنة داخل رئاسة الحكومة تتشكل من ممثلي الأحزاب المكونة للائتلاف تختص بالتشاور في القرارات السياسية والاقتصادية الهامة قبل اتخاذها وفي التسميات في المناصب العليا بما يضمن المشاركة الفعلية في الحكم و تحييد الإدارة».
وتنص الوثيقة بحسب عبو، على نقطة أخرى تتعلق بـ «فتح ملفات الفساد بشكل جدي وعلى أسس موضوعية وتطوير آليات مكافحة الفساد»، و«حماية الطاقة الشرائية للمواطنين بالضرب على أيدي المحتكرين و المهربين»، و«التسريع في التنمية الجهوية عبر قوانين تتجاوز البطء القائم». كما تتضمن أيضاً «فرض سلطة القانون على الجميع دون تمييز و عدم التدخل في القضاء»، و«إبعاد رموز النظام السابق من مراكز القرار، ودواوين الوزراء»، بالإضافة إلى «عدم رهن مستقبل البلاد في السياسات الاقتصادية والاجتماعية بأي اتفاقيات مجحفة».
وشدد، عبو، خلال مؤتمره الصحافي على أنه «في حالة عدم تحقيق هذه المطالب في غضون أسبوع، فإن قرار الانسحاب من الحكومية الحالية سيُنفذ دون الحاجة إلى الرجوع للمجلس الوطني للحزب».
ويرى مراقبون أن التهديد بالانسحاب يعكس في واقع الأمر عمق الأزمة السياسية في تونس التي تدفع باتجاه فرط عقد الائتلاف الحاكم الذي تقوده حركة النهضة الإسلامية. ويتألف هذا الائتلاف من: حركة النهضة، وحزب المؤتمر من أجل الجمهورية، وحزب التكتل من أجل العمل والحريات، وهو ائتلاف سعت حركة النهضة إلى تسويقه باعتباره «تجربة رائدة في المنطقة العربية لأنه جمع بين إسلاميين وعلمانيين»، ولكنها فشلت في ذلك.
مستشار رابع
وفي سياق الأزمة السياسية، أعلن المستشار القانوني للرئيس سمير بن عمر عن استقالته من منصبه ليكون بذلك المستشار الرابع الذي يستقيل من قصر قرطاج.
وقال بن عمر في رسالة، نشرها أمس في صفحته على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»: «وضعت استقالتي من مهامي صلب رئاسة الجمهورية بين يدي السيد رئيس الجمهورية وطلبت منه وضع حد لمهامي لأني لم أعد أرى أي جدوى من بقائي في قصر قرطاج».
ولم يوضح في رسالته الأسباب التي دفعته إلى الاستقالة، واكتفى بالقول: «اخترت التفرغ تماماً لمهامي في المجلس الوطني التأسيسي عن حزب المؤتمر من أجل الجمهورية». وربط مراقبون هذه الاستقالة بالتجاذبات السياسية التي تشهدها البلاد هذه الأيام على خلفية التعديل الوزاري المرتقب الذي بات يوصف في تونس بـ «المسلسل المكسيكي».
يُشار إلى أن سمير بن عمر هو رابع مستشار يستقيل من قصر قرطاج الرئاسي في غضون أقل من عام، حيث سبقه في ذلك المستشار الإعلامي الأول أيوب المسعودي، والوزير المستشار لدى الرئيس المكلف بالشؤون الخارجية عبدالله الكحلاوي، والمستشار الأول برئاسة الجمهورية المكلف بالملفات الاقتصادية شوقي عبيد.