شارك نحو 4500 من الأسرى الفلسطينيين في إضراب عن الطعام احتجاجاً على موت الأسير عرفات جرادات.. في حين أعلن جيش الاحتلال حال التأهب في صفوف قوات جيشه في الضفة الغربية المحتلة خوفاً من خروج المظاهرات الغاضبة، وتنفيذ إضرابات تجارية في المدن، على قتل الأسير تحت التعذيب عن السيطرة وأن تتحوّل انتفاضة ثالثة، كما دعت القيادة السياسية الإسرائيلية السلطة الفلسطينية الى «تهدئة» و«فكّت أسر» بضعة ملايين من الشيكلات المصادرة.
وأعلنت الحركة الأسيرة في سجون الاحتلال الإضراب الشامل عن الطعام حدادا على استشهاد الأسير جرادات (30 عاماً) في معتقل مجدو بعد أيام من اعتقاله.
وذكرت وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية أن كافة الأسرى في سجون الاحتلال شرعوا منذ ساعات الصباح الأولى بخوض الإضراب الشامل عن الطعام وأرجعوا وجبات الطعام حدادا على استشهاد جرادات. ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن مصلحة السجون أن الأسرى أعادوا وجبات الفطور التي تم تقديمها لهم.
وإلى جانب حالة الغضب والحزن التي عمّت المعتقلات، عمت احتجاجات واسعة مدن الضفة الغربية وقطاع غزة تنديداً. وتظاهر مئات آلاف الفلسطينيين في عدد من مدن الضفة وتواجهوا مع قوات الاحتلال التي ردّت بإطلاق الرصاص ما اسفر عن إصابة 10 شبان على الأقل.
وعدد من طلبة المدارس خلال المواجهات، التي كان أعنفها في الخليل جنوبي الضفة، حيث يتحدّر الشهيد.
كما شهدت بلدات الخليل إضراباً عاماً أغلقت خلاله الأسواق والمحلات التجارية أبوابها وعلق الدوام في المدارس والجامعات وسط أجواء من الغضب. أما في رام الله، فاعتصم المئات وسط المدينة وهم يرفعون الأعلام الفلسطينية وصور قدامى الأسرى إلى جانب لافتات تطالب بحرية الأسرى. وسلم ممثلون عن التظاهرة رسالة إلى اللجنة الدولية للصليب الأحمر في رام الله، نددوا فيها بما وصفوه بتقاعس المنظمة الدولية عن التدخل الفاعل في قضية الأسرى ووقف معاناتهم في معتقلات الاحتلال.
وتوجه المتظاهرون إلى سجن عوفر، القريب من رام الله، ورشقوا الحجارة على القوات الإسرائيلية التي ردت بإطلاق كثيف لقنابل الغاز المسيل للدموع والرصاص ما أدى إلى وقوع إصابات عدة بالاختناق. كما خرجت تظاهرات مماثلة في مدن أخرى في الضفة شهدت مواجهات مع القوات الإسرائيلية أسفرت عن إصابة عشرات الشبان بالاختناق. أما في قطاع غزة المحاصر، فتظاهر الآلاف بدعوة مشتركة من الفصائل.
وهم يرفعون الأعلام الفلسطينية وصور قدامى الأسرى ولافتات تطالب بحريتهم وتحسين أوضاعهم المعيشية، ورددوا هتافات تحث الفصائل الفلسطينية على «الانتقام» لجرادات ولجميع الأسرى في السجون الإسرائيلية.
وكان الفلسطينيون حملوا اسرائيل مسؤولية وفاة جرادات التي عزتها اجهزة الامن الاسرائيلية الى «وعكة صحية».. في حين طالب رئيس الوزراء الفلسطيني د. سلام فياض، الذي عبّر عن صدمته بوفاة جرادات، سلطات الاحتلال بكشف «الاسباب الحقيقية» للوفاة.
وجاءت وفاة جرادات في وقت ارتفع فيه عدد الأسرى الفلسطينيين المضربين عن الطعام منذ فترات مختلفة إلى 11، أبرزهم الأسير أيمن الشروانة المضرب عن الطعام منذ الأول من يوليو 2012، والأسير سامر العيساوي المضرب عن الطعام منذ الأول من أغسطس 2012.
إعلان التأهب
وفي ظل هذه الأجواء ووسط خشية من تحوّل الاحتجاجات الشعبية إلى انتفاضة ثالثة، أعلن قائد الاركان في جيش الاحتلال الجنرال بيني غانتس حال التأهب في صفوف قواته في الضفة.
وأمر غانتس قادة قوات الجيش في الضفة باستكمال كافة الاستعدادات الضرورية تحسبا لتدهور الاوضاع امنيا في تلك المنطقة.
وسيشارك كبار ضباط الجيش هذا الاسبوع في اجتماع خاص لدراسة كافة السيناريوهات المحتملة في المناطق الفلسطينية والتي يخشى الاسرائيليون من انفجار انتفاضة ثالثة فيها.
وفي موازاة التأهب العسكري، سارعت الحكومة الإسرائيلية إلى الضغط السياسي على السلطة الفلسطينية للعمل «بشكل لا يقبل التأويل» على تهدئة الخواطر.
وذكرت الإذاعة الإسرائيلية إنّ هذه الرسالة، التي رافقتها مغريات مالية، نقلها مبعوث رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو المحامي يتسحاق مولخو.. بالتزامن مع قرار بتحويل مستحقات الضرائب إلى السلطة الفلسطينية.
لكن التأهب الأمني والضغط، أو الإغراء السياسي، لم ينفّسا من حالة التوجس داخل المستويات السياسية الإسرائيلية، إذ حذّر عضو الكنيست بنيامين بن أليعازر من أن الأوضاع تسير باتجاه انتفاضة ثالثة، مرجحا أن تكون «أكثر دموية من سابقتيها».
ونبه بن أليعازر إلى ضرورة اقدام نتانياهو على قيادة «عملية سياسية في المنطقة قبل أن يملى عليه القيام بذلك».
ويتردد في وسائل الاعلام الاسرائيلية منذ فترة تأكيدات على لسان مسؤولين في اجهزة الامن تتحدث عن قرب انطلاق انتفاضة فلسطينية ثالثة ضد اسرائيل، وحذر هؤلاء من ان الفلسطينيين والاسرائيليين اصبحوا الان في نقطة تبدو انها الاقرب للمواجهة بينهم منذ عدة سنوات خاصة في ظل الاضراب المفتوح عن الطعام الذي يخوضه عدد من الاسرى.
طلب رد
طالب وزير شؤون الأسرى الفلسطيني عيسي قراقع القيادة السياسية الفلسطينية بالرد على وفاة الأسير جرادات من خلال اتخاذ قرار فوري بالانضمام إلى اتفاقيات جنيف الثالثة والرابعة بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة في 29 نوفمبر الماضي الخاص بترقية مكانة فلسطين إلى صفة دولة مراقب غير عضو.
واعتبر قراقع أن هذه الخطوة من شأنها «تكريس الحماية الدولية للمعتقلين الفلسطينيين كمعتقلي حرية لهم مكانتهم ومركزهم القانوني والشرعي ودعوة الأطراف السامية في اتفاقية جنيف للانعقاد لإلزام إسرائيل باحترام حقوق الأسرى ووقف استمرار التعامل معهم كمجرمين».
تشريح
وافقت سلطات الاحتلال على السماح لطبيب فلسطيني مختص بحضور تشريح جثمان عرفات جرادات الذي ادعت انه اصيب بنوبة قلبية.. في اكدت عائلة جرادات ان ابنها لم يكن يعاني من اي امراض وان حالته الصحية جيدة.
وقال وزير الأسرى عيسى قراقع ان السلطة الفلسطينية طلبت حضور طبيب فلسطيني للكشف عن الاسباب الحقيقية للوفاة وانها سترسل مدير معهد الطب الشرعي الفلسطيني د. صابر العالول.