كشفت مؤسسة الأقصى للوقف والتراث النقاب عن مخططات تهويدية جديدة تنفذها سلطات الاحتلال على ما تبقى من مقبرة «مأمن الله» الإسلامية التاريخية في القدس، تهدف لبناء متحف أثري ومركز سياحي وحديقة كلاب ومنطقة عروض للاحتفالات، في وقت أرجأت تل أبيب منح الضوء الأخضر، الذي كان متوقعا صدوره أمس، لبناء كلية عسكرية في جبل الزيتون في الشطر الشرقي من المدينة المحتلة.
وقال رئيس مؤسسة الأقصى المهندس زكي محمد اغبارية ان إسرائيل تسعى لإقامة مشاريع تهويدية في أجزاء متفرقة من مقبرة «مأمن الله»، بقيمة تفوق الـعشرة ملايين شيكل (ما يقارب ثلاثة ملايين دولار) لتكرس سيطرتها على المقبرة. واضاف اغبارية ان بلدية الاحتلال تقوم ببناء مقهى على أرض المقبرة التاريخية، في غربي المقبرة الحالية المتبقية، كإشارة واضحة على إصرار البلدية على مواصلة تدمير وطمس هذا المعلم الإسلامي العربي حتى آخره.
كما اقتطعت مساحة خمسة دونمات من المقبرة في الزاوية الجنوبية الغربية وأحيطت بالسياج وتستعمل كمخزن للآليات والمعدات الثقيلة للمقاولين الذين يعملون في المشاريع المحيطة بالمقبرة حاليا، ومن المخطط إقامة متحف في نفس المنطقة يحكي قصة موارد المياه في القدس في التاريخ القديم.
نداء استغاثة
وأوضح اغبارية، في رسالة عاجلة بعنوان «نداء استغاثة من مقبرة مأمن الله» وجهها إلى شخصيات فلسطينية وعربية ودولية، ان هناك مخططات أخرى لبناء مبان لمحاكم الصلح والمركزية على جزء آخر من المقبرة التاريخية غربي ما يسمى بـ«متحف التسامح»، إضافة إلى مخططات لتفعيل بركة تجميع المياه في وسط المقبرة وتحويلها إلى مركز سياحي، والذي يشمل تركيب أعمدة إنارة في المقبرة، ما يترتب عليه حفر أساسات عميقة سوف تمس قطعا بحرمة الأموات المدفونين في المقبرة.
كما ان هناك مخططات لإقامة منطقة عروض للاحتفالات، وشق طريق جديد، وبناء بنى تحتية للمياه والكهرباء وغيرها، وإقامة مبنى للتحكم في أجهزة الري في المنطقة وتخصيص حديقة للكلاب.
تأجيل كلية
في موازاة ذلك، أجلّت اسرائيل منح الضوء الأخضر لبناء كلية عسكرية في جبل الزيتون في القدس الشرقية المحتلة، قبل اقل من اسبوعين على زيارة الرئيس الاميركي باراك اوباما. وذكرت إذاعة الجيش الاسرائيلي انه تم سحب هذا المشروع المثير للجدل في اللحظة الاخيرة من جدول اعمال لجنة التخطيط والبناء الاقليمي، مشيرة الى ان وزارة الداخلية رفضت الادلاء باي تعليق على هذا القرار. وبحسب الاذاعة، فان التأجيل يأتي لتجنب وقوع حادث مماثل لما وقع قبل ثلاثة أعوام عقب الاعلان عن بناء 1600 وحدة سكنية استيطانية في القدس الشرقية اثناء زيارة نائب الرئيس الاميركي جو بايدن الى البلدة القديمة.
وذكرت وسائل الاعلام ان رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو منع نشر عطاءات لوحدات سكنية استيطانية في الضفة الغربية والقدس الشرقية قبل زيارة اوباما لتجنب اي «إحراج دبلوماسي». واكدت مسؤولة في حركة «السلام الان»، المناهضة للاستيطان لوكالة فرانس برس بان التأجيل «مرتبط دون شك بزيارة الرئيس اوباما»، التي من المفترض ان تبدأ في 20 من مارس المقبل. واضافت هاغيت اوفران ان «بناء كلية عسكرية في الجانب الفلسطيني من القدس في مكان حساس ومتنازع عليه لا يمكنه سوى تقويض فكرة حل الدولتين لشعبين».
إضاءة
تعتبر مقبرة «مأمن الله» من أقدم المقابر الفلسطينية، وقد دفن فيها جمع من الصحابة والتابعين والعلماء ومن أعيان القدس الشريف على مر التاريخ، وتستهدف سلطات الاحتلال هذه المقبرة منذ نكبة فلسطين، إذ اقتطعت ما يقارب الـ 85 بالمائة من مساحتها وحولتها إلى حدائق عامة وشوارع وأقامت عليها المباني والمؤسسات والمدارس والملاعب بما يسمى «حديقة الاستقلال»، وما تبقى من مساحتها هو فقط ما يقارب الـ 23 دونما من أصل 154 دونما.