انطلقت في العاصمة القطرية الدوحة أمس اجتماعات وزراء الخارجية العرب، تمهيداً للقمة العربية في دورتها الرابعة والعشرين، التي تعقد يومي الثلاثاء والأربعاء، وسط «عاصفة سورية»، سبّبتها استقالة زعيم الائتلاف الوطني السوري المعارض أحمد معاذ الخطيب، بسبب دعم قطري لإعطاء مقعد سوريا في الجامعة العربية للحكومة السورية المؤقتة بدلاً من الائتلاف.
وأنهى وزراء الخارجية العرب اجتماعهم التحضيري للقمة دون اعلان قرار حول منح مقعد سوريا للمعارضة. وأكد مصدر سوري معارض أن استقالة الخطيب تعكس خلافاً مع «دول تتدخل في شؤون المعارضة خاصة قطر»، وعدم رضاه عن طريقة اختيار رئيس الحكومة المؤقتة غسان هيتو، الذي وصفه المصدر بأنّه قريب من الإخوان المسلمين.
خطوط حمر وراء الاستقالة
وأعلن معاذ الخطيب استقالته من الائتلاف عبر بيان موجه الى «الشعب السوري العظيم» نشره على صفحته الخاصة على موقع فيسبوك للتواصل الاجتماعي. وجاء في البيان: «كنت قد وعدت ابناء شعبنا العظيم، وعاهدت الله انني سأستقيل ان وصلت الأمور الى بعض الخطوط الحمراء، وانني ابر بوعدي واعلن استقالتي من الائتلاف الوطني، كي استطيع العمل بحرية لا يمكن توفرها ضمن المؤسسات الرسمية».
اتفاق وخلاف
من جهته، اكد مصدر عربي دبلوماسي رفيع شارك في الاجتماع الوزاري لوكالة «فرانس برس» ان الوزراء اكدوا على «الالتزام بقرار مجلس الجامعة الصادر في السادس من مارس بدعوة الائتلاف السوري المعارض لتشكيل هيئة تنفيذية لشغل مقعد سوريا في القمة»، لكنّه أوضح أنّ الاجتماع انفضّ دون اتخاذ قرار حول مسألة منح مقعد سوريا للمعارضة، فيما «ترك مشاركة الائتلاف في القمة لرئيس القمة امير قطر بالتشاور مع القادة العرب».
تحفّظ عراقي جزائري
وافادت مصادر دبلوماسية لوكالة «فرانس برس» بأنّ الجزائر والعراق تحفظتا على هذه الخطوة، فيما اكد لبنان النأي بنفسه عن اي قرار يتعلق بالملف السوري. إلا أن مسألة مشاركة المعارضة ومقاربة الملف السوري في القمة عموما تعقدتا جراء استقالة معاذ الخطيب.
وقال مصدر سوري معارض ان «الخطيب لا يريد ان يشكل غطاء لسياسات دول تتدخل في شؤون المعارضة وخاصة قطر». واضاف أنّ «لدى الخطيب مآخذ على انتخاب هيتو القريب من الإخوان».
دعوة قطرية
وقال رئيس الوزراء القطري وزير الخارجية الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني انه يأسف لاستقالة زعيم الائتلاف الوطني السوري المعارض وحضّه على إعادة النظر في قراره.
وكان مندوب المعارضة السورية لدى قطر اكد في وقت سابق من نهار امس ان ائتلاف المعارضة السورية تلقى دعوة للمشاركة في القمة العربية. وقال نزار الحراكي قبل الإعلان عن استقالة الخطيب ان «الائتلاف تلقى دعوة رسمية لحضور القمة العربية ومن المنتظر وصول (رئيس الائتلاف) الشيخ معاذ الخطيب ورئيس الحكومة المؤقتة غسان هيتو والوفد المشارك الثلاثاء».
وكان الاجتماع الوزاري تأجّل أكثر من مرة، إذ لم ينعقد إلا في الساعة الثانية عشرة، بينما كان من المفروض أن يكون في الساعة العاشرة، على خلفية خلافات وإعطاء فسحة من الوقت لمزيد من التشاور حول الملف السوري، وبحسب مصادر مطلعة ومتابعة كانت نقطة الخلاف هي: «هل يتم منح المقعد لهيتو أم لمعاذ الخطيب؟».
وقالت المصادر إنّ قطر ضغطت لصالح اعطاء المقعد لصالح الحكومة المؤقتة بينما نبّه المتحفّظون إلى «نقطة قانونية» مهمة، وهي أنّ «هيتو لم يعلن عن تشكيل حكومة، وبالتالي لا يمكن منح مقعد لحكومة لا تضم وزراء»، في حين كان هناك اتجاه يرى ان المقعد يجب أن يمثله الائتلاف الوطني برئاسة معاذ الخطيب.
وكان رئيس الوزراء القطري الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني جدّد في الاجتماع التأكيد على الدعوة الى مشاركة المعارضة في القمة، وقال انه يتطلع الى مشاركة الخطيب وهيتو.
وطالب الشيخ حمد بـ «وقفة عربية قوية مع الشعب السوري الشقيق الذي يقاتل من اجل الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية ويتشرد الملايين من ابنائه داخل سوريا وخارجها، في واحدة من أكبر المآسي الإنسانية في التاريخ بينما يقف مجلس الأمن الدولي عاجزا عن القيام بواجبه ومسؤوليته تجاه شعب يتعرض للقتل والإبادة».
تحذير عراقي
وفي كلمة افتتاح الاجتماع، أكد هوشيار زيباري وزير خارجية العراق على موقف بلاده تجاه الأزمة السورية، وقال إن العراق «لن يكون مع أي ديكتاتورية مهما كانت عناوينها واتجاهاتها كما لن يكون مع أي فوضى يمكن أن تحدث في سوريا أو في المنطقة عموماً».
وجدد زيباري التحذير من التداعيات الخطيرة لاستمرار الأزمة السورية على أمن وسلامة دول المنطقة.
4 ملفات
من جانبه، قال الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي إن القضايا التي ستبحثها القمة ستكون محددة، وحصرها في القضية الفلسطينية وتطورات الأزمة السورية وتطوير الأداء على صعيد العمل العربي المشترك وتطوير الجامعة العربية.
واعتبر العربي أن تحقيق الحل السياسي للأزمة في سوريا ما زال ممكناً، إذا توفر الموقف العربي الموحد والمتماسك، واصفا الوضع السوري الحالي بالكارثي.
ونقل عن العربي قوله خلال الجلسة الافتتاحية: «يحدونا الأمل في إمكانية تحقيق الحل السياسي، الذي يجنب الشعب السوري المزيد من الويلات»، مضيفاً أن «عدم استجابة النظام السوري لتطلعات شعبه في التغيير والإصلاح الديمقراطي الحقيقي وإعماله آلة البطش والتدمير ونزيف الدم أوصلانا الى هذا الوضع الكارثي».
وأكد على ضرورة التركيز على «مجلس الأمن الذي يجب أن يصدر قرارا ملزما بوقف إطلاق النار وإرسال قوات حفظ سلام، والاستفادة من التطورات الإيجابية التي طرأت مؤخرا على المعارضة السورية وتحليلها التحليل السليم».
أولوية عربية
دعا رئيس وزراء ووزير خارجية قطر القادة العرب إلى وحدة الكلمة في ظل التحديات التي تمر بها الأمة العربية حالياً وأكد على أنّ فلسطين تبقى أولوية عربية.
وحول جدول أعمال القمة قال بن جاسم، الذي تترأس بلاده الدورة الحالية للقمة خلفاً للعراق، إن «القضية الفلسطينية ستظل القضية المركزية على جدول الأعمال حتى يتحقق حل شامل وعادل يفضي إلى قيام دولة فلسطينية».