فيما يزدحم المشهد المصري بالتطوّرات والجدل الكبيرين، لا سيّما دستورياً، في أعقاب محطات التأجيل المتكررة لدعاوى حل الجمعية التأسيسية للدستور، وتمسّك القوى الإسلامية بالتشكيل الحالي، التقت «البيان»، نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا في مصر تهاني الجبالي، إذ شدّدت على قدرة الشعب على الثورة من أجل «دولة القانون»، نافية سيطرة الإسلاميين على الشارع، مستطردة: «مصر وشعبها أكبر من أي فصيل سياسي»، وأنّ مشروع الدستور الجديد يحاول التضييق على المحكمة الدستورية باقتناص الرئيس المصري الحق في اختيار أعضائها.
وأكّدت نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا المستشارة تهاني الجبالي أنّ «القضاة يبذلون جهوداً جبارة في إطار التصدي لمحاولات التعدي على القانون، والعصف بمبدأ دولة القانون»، لافتة إلى نجاح القضاة خلال الفترة الأخيرة في مهمتهم ومساعيهم في المحافظة على المبدأ، مشيرة إلى أنّ ذلك ظهر جلياً في أحكام بطلان انعقاد مجلس الشعب، والتصدي لقرار الرئيس مرسي بعودة انعقاد المجلس، فضلاً على قضية إقصاء النائب العام.
قدرة شعب
وبشأن محاولات بعض القوى السياسية الخروج على القانون، واتخاذ قرارات ثورية لا تمت إلى روح القانون بصلة، أشارت الجبالي في تصريحاتها لـ «البيان» إلى أنّ «الشعب المصري قادر على الثورة لدولة القانون ووضع لبناتها»، نافية أنّ تكون ثورة المصريين فقط من أجل تحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المتدهورة، مشيرة إلى أنهم يثورون أيضاً من أجل إرساء دولة القانون، موضحة أنّ ذلك تبدى من خلال تكاتف قوى ثورية وسياسية مؤخّراً للدفاع عن القانون، والتصدي لمحاولات الفصائل الإسلامية الخروج عليه، ما يعني حسب رأيها قدرة الشعب المصري على الانتصار للقانون، والتصدي لأي محاولات مقبلة للنيل منه.
سيطرة فصيل
وحول الآراء القائلة بسيطرة الإسلاميين بمفردهم على الشارع، وتشكيلهم القوة المسيطرة على الشارع المصري والمشهد السياسي، نفت الجبالي سيطرة الفصائل الإسلامية وتعبيرهم عنه، ورسمهم اختياراته وقراراته بما يضمن لهم الهيمنة والسيطرة، لافتة إلى أنّ «مصر وشعبها أكبر من أي فصيل سياسي»، وأنّ «الشارع قادر على صناعة مصر التي يريد ويتمنى، بمنأى عن رغبات أي فصيل سياسي مهما كبر حجمه أو دوره أو منصبه وقدرته على التأثير، مضيفة أنّ ذلك تبدى جلياً عند وقوف فصائل سياسية في وجه مختلف محاولات الخروج عن الشرعية والقانون مؤخّراً.
تضييق مستقبلي
وفيما أشارت الجبالي إلى احتمالات حدوث تضييق مستقبلي على أداء القضاء المصري والقضاة، وفق رؤية التيار الإسلامي حالياً، لفتت إلى أنّ «الأمر برمته قضية تهم الشعب، وهو وحده القادر على حسمها والتعبير عن احترام دولة القانون والدستور»، مردفة القول: « نحن كقضاة في مصر لا نواجه بخصومات سياسية، إنما نواجه بفكرة التضييق على دولة القانون، ومحاولات التعدي عليها».
ووصفت الجبالي هجوم الفصائل الإسلامية على المحكمة الدستورية العليا بـ «الضريبة» لتبني رأي آخر مخالف لرأيهم على المشهد السياسي، وأنّ من واجب القضاة النأي بأنفسهم عن كل ذلك، رافضة تقييم أداء الإسلاميين، باعتباره «شأناً سياسياً»، وأنّ على القاضي إبداء رأيه في إطار يخدم الوطن، ويتعلق بصميم عمله القضائي.
مسودة الدستور
وتعليقاً على المسودة الأولية للدستور، والتي تم طرحها للنقاش المجتمعي مؤخّراً، أضافت الجبالي لـ «البيان»، أنّ «الدستور الجديد يحاول التضييق على المحكمة الدستورية العليا»، لا سيما بإعطائه الرئيس المصري الحق في اختيار أعضائها، ما يعني، وبوضوح، أن السلطة التنفيذية تحاول جاهدة، وبكل ما أوتيت من قوة، السيطرة على أعمال القضاء والتغوّل على اختصاصات المحكمة الدستورية العليا، فضلاً عن محاولات من النيل من اختصاصات المحكمة وتقليصها، على خلفية الصراع الذي نشب منذ شهور، ولا تزال رحاه تدور بين المحكمة والفصائل الإسلامية.
رفض اتهام
رفضت نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا تهاني الجبالي، الزج بفصائل التيّار الإسلامي واتهامها بالهجوم الذي تعرّض له منزلها منذ أيام قلائل من قبل ملثمين، على خلفية الصراعات المحتدمة بين القضاء والإسلاميين، بسبب قرارات المحكمة الدستورية. وأردفت الجبالي القول: «من واجبي كقاضية ألّا أقدم على اتهام أي شخص إلا بدليل رسمي واضح، كما أن واجبي ألا أسيء الظن في أحد».