في محاولة لاحتواء أزمة الرئاسة مع القضاء، استجاب الرئيس المصري محمد مرسي لاقتراح مجلس القضاء الأعلى بعقد مؤتمر للعدالة في غضون شهر، يناقش كافة شؤون القضاء وتحقيق استقلالهم، وذلك في اجتماع مع رؤساء الهيئات القضائية لبحث سبل حلحلة الأزمة الناجمة على خلفية قانون السلطة القضائية.
وعقب موجة عاصفة من الانتقادات، اتفق مرسي مع رؤساء الهيئات القضائية الذين التقاهم أمس في اجتماع استمر لساعات، على عقد مؤتمر للعدالة يجمع كل الهيئات والجهات القضائية بما فيهم القضاء العسكري، في موعد لا يتجاوز شهرًا.
وقال رئيس مجلس القضاء الأعلى المستشار محمد ممتاز متولي إن مرسي استحسن مشروع مؤتمر العدالة المقدم من الهيئات القضائية له ووافق على عقده الذى تبدأ جلساته في مقر رئاسة الجمهورية ابتداء من غد الثلاثاء لإعداد مشروع قوانين للسلطة القضائية التي يتوافق عليها أعضاء الهيئات القضائية والتي يقوم مرسي بتقديمها إلى السلطة التشريعية بمجلس الشورى.
وناقش مرسي في الاجتماع الذي حضره رؤساء الهيئات القضائية الست، وهم: المحكمة الدستورية العليا، ومحكمة النقض، ومحاكم الاستئناف، وهيئة قضايا الدولة، والنيابة الإدارية، ومجلس القضاء الأعلى، بالإضافة إلى رئيس هيئة القضاء العسكري، كل ما هو مطروح على الساحة السياسية خاصة ما يخص القضاء، وأثنى على كل هيئات وجهات المؤسسة القضائية.
وكان مجلس القضاء الأعلى اقترح إقامة مؤتمراً للعدالة، الأمر الذي رحبت به الرئاسة. ومن المقرر أن يناقش المؤتمر «كل ما يؤدي إلى صيانة وضمان استقلال القضاء والحفاظ على حقوق القضاة وكرامتهم ومكانتهم وبحث أسباب توفير العدالة الناجزة واستقرار الأحكام على قواعد معتبرة ثابتة».
تمسك بالاستقالة
من جانبه، قال وزير العدل المستشار أحمد مكي إنه مصمم على استقالته، رغم تلقيه رسائل من عدد من الوزراء عن نية الحكومة سحب مشروع قانون «السلطة القضائية».
وأضاف مكي، في تصريحات صحافية، إن غضبه الذي دفعه لترك منصبه، ليس من الرئاسة وحدها، مشيرا إلى أنه لا يرضى عن المعارضة والإعلام أيضا، حيث جعلت المعارضة القضاء طرفا في الخلافات السياسية، كما يسيء الإعلام أيضا للقضاء.
ورفض مكي تأكيد ما يتردد عن اتصالات من الرئاسة لإبقائه في منصبه مقابل سحب قانون «السلطة القضائية»، قائلا: «الأزمة ليست سحب قانون سلطة قضائية، لأن القضاء معرض لأن يلقى مصير وزارة الداخلية»، معتبرا أن المناخ الحالي «لا يصلح لبناء المؤسسات».
من لا يملك يتفاوض مع من لا يحكم
بدا تحرك قضاة مصر ضد مشروع جماعة الإخوان المسلمين للسيطرة على المؤسسة القضائية منقوصاً من ضلع هام في المعادلة، وهو «مجلس القضاء الأعلى»، وهو المجلس الذي يقف الآن في «ورطة» حسب ما يرى بعض المراقبين، أمام سعي القضاة في مواجهة تغول جماعة الإخوان المسلمين وسعيها نحو «أخونة المؤسسة القضائية»، إذ يتهم نادي القضاة المجلس بأنه «اتخذ مواقف مرنة»، أسهمت في ضياع حقوق القضاة، ودخل في مفاوضات مباشرة ونقاشات مُنفرداً مع مؤسسة الرئاسة، رغم كونه «لا يملك أن يتحدث باسم القضاة المُعترضين»، كما أن الرئيس محمد مُرسي نفسه لا يحكم الأزمة، والتي هي الآن مُلقاة في ملعب مجلس الشورى (الغرفة الثانية للبرلمان المصري)، ومكتب إرشاد جماعة الإخوان المسلمين.
ورفض مسؤولو مجلس القضاء الأعلى الدخول بصورة مُباشرة في عملية الاستقطاب الحادة التي يشهدها الشارع، وفضّل الالتزام بالدبلوماسية على صعيد مواجهة الأزمة، فلم ينتهج نهج دعوات التصعيد والمؤتمرات العالمية الغاضبة وهو النهج الذي انتهجه نادي القضاة لمواجهة الإخوان المسلمين ومساعيهم.
ومن المُقرر أن يجتمع المجلس غدا الثلاثاء مع نادي القضاة لبحث الأزمة بين الطرفين، في وقتٍ اتهم فيه عدد من أعضاء نادي القضاة المجلس بأنه عمل على «تمييع» الأزمة، وانحاز عملياً لصف رئاسة الجمهورية، ولم يتضامن عملياً أو بصورة رسمية مع القضاة المعترضين.
وبدا مجلس القضاء الأعلى والذي يرفض رئيسه المستشار محمد ممتاز متولي الحديث عن الأزمة الراهنة، «تائهاً» بين مختلف القوى السياسية، وبين ما يحدث الآن للقضاة، مُشتتاً بين الاجتماع مع رؤساء الهيئات القضائية والقانونية المختلفة لمناقشة مشروع السلطة القضائية، وبين اجتماعاته مع مؤسسة الرئاسة، في موقف مرن، لا يُشكل رقماً صحيحاً في موازنة أو معادلة الأزمة الحالية بصورة عملية، وهو الموقف المصحوب بعلامات استفهام قوية.
من جانبه، علّق رئيس نادي قضاة هيئة النيابة الإدارية المستشار عبدالله قنديل في تصريحات خاصة لـ«البيان» على موقف المجلس الأعلى للقضاء بالقول إن المجلس يُحاول أن يسير على الطريق الصحيح، ورتب لقاءات مع الرئيس محمد مرسي من أجل استيعاب الأزمة، ومناقشتها بكافة تفاصيلها، وبالتالي هو سائر على طريق عملي واضح، ولم ينحز لصف الرئاسة مطلقاً، لكنه يُحاول بكافة الطرق الشرعية الخروج من الأزمة الحالية ومعالجة تبعات تظاهرات تطهير القضاء الأخيرة.
موعد
30
قررت محكمة الاستئناف في مصر تأجيل نظر الطلب المقدم من النائب العام الحالي المستشار طلعت عبدالله لرد هيئة دائرة طلبات رجال القضاء في محكمة استئناف القاهرة، التي أصدرت حكمًا ببطلان تعيينه، إلى جلسة يوم غد للمرافعة. القاهرة - البيان