في هبوط لمؤشّر التصعيد في المشهد العراقي المحتقن، اتفق قادة اعتصام الرمادي وحكومة الأنبار على إنهاء مظاهر التسلّح وعودة الشرطة لحماية الساحة، إذ قامت قوات الشرطة بتفتيش مركز الاعتصام من دون العثور على سلاح.
وفيما لجأ رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي إلى فزاعة الحرب الأهلية بلا نهاية بفعل تطوّرات المنطقة وتحدياتها الطائفية.. قدّم زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر اعتذاراً للسنّة عمّا أسماه اضطهاد حكومة شيعية لهم.
وفي تفاصيل اعتصام الرمادي والأنباء عن طي صفحته، أعلن معتصمو الأنبار التوصّل إلى اتفاق بين قادة حراكهم والحكومة المحلية وقيادة عمليات الأنبار يقضي بإنهاء كل مظاهر التسلّح بين الطرفين، وعودة الشرطة المحلية لحماية ساحة الاعتصام.
وأثمر الاتفاق قيام قوة من الشرطة المحلية في الأنبار، ترافقها لجنة من مجلس المحافظة، بتفتيش ساحة الاعتصام شمال الرمادي. وقال رئيس اللجنة الأمنية حكمت عيادة إنّ الفرقة التفتيشية «لم تعثر على أية قطعة سلاح»، لافتاً إلى أنّ «المعتصمين طالبوا الشرطة بتفتيش ساحات الاعتصام في الرمادي من أجل إطلاع الشعب العراقي على سلمية الساحة».
اجتماع مغلق
من جهته، أكّد الناطق باسم معتصمي ساحة اعتصام الرمادي عبد الرزاق الشمري، أنّ «اجتماعا مغلقا عقد بين قادة ساحة الاعتصام في الرمادي ومحافظ الأنبار قاسم الفهداوي ورئيس مجلس محافظة الأنبار جاسم الحلبوسي وقائد عمليات الأنبار الفريق الركن مرضي المحلاوي، لبحث الأزمة التي تشهدها المحافظة»، موضحاً أنّ «المجتمعين اتفقوا على إنهاء كافة المظاهر المسلّحة في المحافظة التابعة للجانبين، وعودة الشرطة المحلية إلى حماية ساحة الاعتصام في مدينة الرمادي».
ارتياح أممي
بدورها، أعربت بعثة الأمم المتحدة في العراق عن بالغ الارتياح لنتائج الاجتماع بين قادة اعتصام الرمادي ومسؤولي المحافظة، إذ أبان رئيس البعثة مارتن كوبلر، أنّ «البعثة تحترم وتثمن بشدة الالتزام الذي أبداه الجميع نحو السعي لإيجاد مخرج سلمي لهذه الأزمة الخطيرة ونزع فتيل التوتّر».
مخاوف حرب
بدوره، وفي إطلاق رسمي لأجراس الإنذار حذّر رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي أمس من أنّ نجاح محاولات تمزيق العراق ستؤدي إلى حرب لا نهاية لها، معتبرا أنّ الخطر على البلاد اليوم يأتي من المنطقة وتحدياتها الطائفية.
وقال المالكي في مؤتمر عشائري نقلته قناة «العراقية» الحكومية: «لو حصل تمزيق للعراق، على ما نسمع من طرح والله لا يكسبون شيئا، لا هم يكسبون ولا العرب ولا الاكراد ولا السنة ولا الشيعة، والله ندخل حربا لا نهاية لها»، مضيفاً أنّ تمزيق العراق لن يكون على أساس أقاليم كما يطالبون، إنما تمزيق على أساس كانتونات صغيرة وعشائر وقبائل وقوميات ومذاهب».
وأردف المالكي: «كنا نقول النظام الحاكم، لم نقل السنة ولم نقل الشيعة هذا كلام غريب عن ذوق العراقيين وتاريخهم، إذاً من هؤلاء ومن الذي جاء بهم ومن يمثلون واي بوابة من خلالها دخلوا بها الينا؟».
تعديل دستور
وشدّد المالكي على ضرورة تعديل الدستور ضمن القنوات الدستورية، معتبرا أنّ «المحاصصة الطائفية هي سبب تعطيل البرلمان والمشاكل التي تعاني منها الدولة والحكومة»، مضيفاً أنّ «الدستور لم يحتوِ على المحاصصة الطائفية، وإنما السياسيون هم من اقحموا العملية السياسية بهذه المحاصصة التي أنجبت العديد من المشاكل وتسببت بتعطيل البرلمان».
اعتذار صدري
على صعيد آخر، قدّم الزعيم الشيعي للتيار الصدري مقتدى الصدر اعتذاراً للسنّة بسبب ما أسماه تعرّضهم للاضطهاد في العراق، قائلاً: «أنا أعتذر للسنة حين تقوم حكومة شيعية باضطهادهم».
وأتى الاعتذار الصدري خلال الكلمة الافتتاحية التي ألقاها الصدر أمس بمناسبة بدء فعاليات المؤتمر الدولي حول «فاطمة الزهراء عنوان الوحدة الإسلامية»، الذى عقد في قاعة رئاسة جامعة الكوفة بمدينة النجف.
قلق أممي
أعرب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون عن بالغ القلق بشأن تصاعد أعمال العنف في أنحاء العراق، داعياً قوات الأمن العراقية إلى ممارسة أقصى درجات ضبط النفس، وجميع القادة العراقيين إلى التواصل في حوار بناء وجامع.
ودعا كي مون إلى ممارسة أقصى درجات ضبط النفس في الحفاظ على القانون والنظام، كما نادى المتظاهرون بالمحافظة على الطبيعة السلمية للاحتجاجات، مرحّباً بالاجتماع الناجح بين ممثلي المتظاهرين والمسؤولين المحليين وقوات الأمن والذي نزع فتيل التوتر في الرمادي بمحافظة الأنبار.
وأعرب مون عن قلقه بشأن القرار الأخير بسحب تراخيص عدد من القنوات التلفزيونية في العراق، حاضاً السلطات على إعادة النظر في القرار، مشيراً إلى أنّ حرية الصحافة هي الركن الأساسي للديمقراطية.