صعّدت المؤسسة العسكرية المصرية لهجتها حيال الأوضاع الأمنية المنفلتة ومخططات الفوضى التي أعدتها جماعة الإخوان وباتت تظهر للعيان في نزف الدماء الذي يشهده الشارع المصري، حيث دعا القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع الفريق أول عبدالفتاح السيسي جموع المصريين للمشاركة في تظاهرات حاشدة غداً الجمعة لتفويض الجيش لمواجهة العنف والإرهاب في مصر، كاشفاً تفاصيل عزل الرئيس السابق محمد مرسي استجابة لإرادة الملايين من أبناء مصر، فيما استجابت جميع القوى الثورية والوطنية والشعبية لنداء السيسي معلنة نزولها إلى الشارع، وبينما صدمت المنصورة بتفجير إرهابي قتل شرطياً وأصاب 28 بين مدني وعسكري، أصيب العشرات في اشتباكات دامية بين أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي والأهالي في القاهرة ودمياط والمنوفية ومدن أخرى.
وقال السيسي في خطاب ألقاه أمس في أثناء حضوره حفل تخرج دفعة جديدة بالكلية الحربية والدفاع الجوي: «نحن في مفترق طرق، وأقول للمصريين: كل ما أمرتم به فعلنا، ولكن بصراحة أطلب منهم طلب النزول يوم الجمعة المقبل؛ لكي يعطوني تفويضاً وأمراً بمواجهة الإرهاب والعنف». وأكد السيسي في خطاب قوي كشف فيه عن جملة من الأسرار، على أنه «كان قد تقدم بنصيحة للداعية الإسلامي السلفي البارز الشيخ أبي إسحق الحويني طالبه فيها بألا يقدم التيار الديني أي مرشح للرئاسة لأنهم يحتاجون جهداً ومعرفةً وتأهيلًا والفترة القادمة دقيقة للغاية».
شرعية الشعب
وعلى صعيد العلاقة بينه وبين الرئيس المصري المعزول محمد مرسي قال السيسي: «عرضت على الرئيس منذ خمسة شهور مبادرة الصلح الوطني ووافق، ولكنه في اليوم التالي طلب إلغاء المبادرة.. كما طرحنا على الرئيس فكرة الانتخابات المبكرة؛ للخروج من الأزمة، لكنه لم يستجب، كما قدمنا للرئيس السابق تقديرنا للموقف، ونقلنا له بإخلاص كل ما كان يحدث».
وأشار السيسي أنه كان يطلع مرسي على كل بيانات القوات المسلحة قبل صدورها، قائلاً: «لم نخدع الرئيس السابق، وأكدنا له كثيرًا أن الجيش تحت قيادته»، مشيرًا إلى أنه «مع خروج المصريين بالملايين في 30 يونيو بالملايين قام الجيش بتنفيذ إرادتهم؛ لأن الشرعية تستمد من الشعب وبالصندوق كآلية، وأن الجيش لا يؤمر إلا بإرادة وأوامر المصريين، وأنه لن يسمح لأي طرف أن يقود البلاد إلى نفق مظلم».
وبشأن المطالب الخاصة بالعدول عن خارطة الطريق التي أعلنت عنها القيادة العامة للقوات المسلحة بالاتفاق مع القوى السياسية، قال السيسي: «إن خارطة الطريق التي طرحها الجيش لن يتم التراجع عنها»، ملمحًا في خطابه كذلك إلى الشائعات التي تروج ضد القوات المسلحة وجود انقسامات وانشقاقات، قائلاً: «والله العظيم الجيش المصري على قلب رجل واحد».
استجابة فورية
وفور إذاعة الخطاب على شاشات التلفزة، توالت ردود الأفعال للقوى السياسية على خطاب الفريق السيسي الذي دعا فيه بخروج الشعب المصري لتفويضه في مواجهة الإرهاب، وأكد أغلب رؤساء وممثلي الأحزاب السياسية ضرورة تلبية دعوة وزير الدفاع من أجل التصدي للعنف والإرهاب في مصر.
من جانبها دعت حملة «تمرد» على صفحتها الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»: «جموع الشعب المصري العظيم للاحتشاد في ميادين مصر الجمعة، والمطالبة رسمياً بمحاكمة الرئيس المعزول محمد مرسي ودعم القوات المسلحة المصرية في حربها القادمة ضد الإرهاب، مع تطهير أرض مصر من عملاء الوطن»، وأضافت: «سنحارب الإرهاب شعباً وجيشاً ونحمي الثورة».
كما دعت «تنسيقية 30 يونيو» جماهير الشعب المصري، للاحتشاد. وطالبت التنسيقية بـ «حل الأحزاب الدينية والحركات السلفية المعاونة لها، وسرعة القبض على ممولي العنف والإرهابيين والمحرضين، وتجميد أرصدتهم المالية، وكذلك الكشف عن كافة المخططات الإرهابية لهم وسجلهم الدموي لتكون الحقيقة واضحة وجلية».
وناشد رئيس حزب الوفد السيد البدوي «المصريين الذين استطاعوا أن يدهشوا العالم بثورته يوم 25 يناير و30 يونيو أن يستجيبوا لنداء الفريق أول عبدالفتاح السيسي بالخروج يوم الجمعة في كافة ميادين مصر». كما أكد القيادي بجبهة الإنقاذ الوطني سامح عاشور نقيب المحامين أن «خطاب السيسي يؤكد أن الجيش يلتحف بالشعب وبإرادة الأمة، وأن الأمة تلتحف بقواتها المسلحة».
وقرر الاتحاد العام لنقابات عمال مصر المشاركة في الوقفات الجماهيرية التي ستنظم الجمعة لتفويض الجيش والشرطة للقضاء على الإرهاب والبلطجة. كما دعت حركة «أقباط من أجل مصر» كل الجماهير المصرية للنزول الجمعة المقبل إلى كل ميادين مصر لتحقيق أهم أهداف ثورة 30 يونيو، وهو القضاء على الإرهاب. كما لاقت دعوة السيسي استجابة فورية من عشرات الآلاف من النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي ومن القوى السياسية والشعبية والنقابات بكافة أصنافها.
انفجار المنصورة
من جانب آخر، قتل شرطي مصري ليل الثلاثاء الاربعاء وجرح 28 شخصاً آخرين في انفجار عبوة ناسفة في مدينة المنصورة بمحافظة الدقهلية في دلتا النيل شمال مصر، كما ذكرت الاجهزة الصحية. وقال مسؤول في ادارة الطوارئ في وزارة الصحة: «سقط قتيل و28 جريحاً في هذا الانفجار الذي وقع أمام مركز شرطة المنصورة كبرى مدن المحافظة».
وذكرت وسائل إعلام حكومية أن القتيل مجند يخدم في الشرطة. وأفادت التحقيقات الأولية للنيابة أن الانفجار تم بقنبلة موقوتة وضعت أسفل مجرى للصرف الصحي واستخدمت فيها مادة «تي.أن.تي» شديدة الانفجار. وكانت اشتباكات عنيفة جرت بين الأهالي وأنصار مرسي إثر محاولة هؤلاء مهاجمة مركز الشرطة المذكور.
اشتباكات أنصار المعزول
إلى ذلك، أصيب 15 شخصاً بجروح بليغة في اشتباكات اندلعت بمدينة شبين الكوم بمحافظة المنوفية بين أنصار الرئيس المعزول والأهالي. كما أصيب أكثر من 25 بجروح وإصابات بليغة في اشتباكات مماثلة جرت منذ ساعات الفجر الأولى في دمياط. وتظاهر مئات من المواطنين أمام قسم شرطة الدقي بجنوب القاهرة، مطالبين الأجهزة الأمنية بفض اعتصام أنصار الرئيس المصري المعزول محمد مرسي الذي يتسبب بتعطيل مصالحهم.
العربي يدين
دان الأمين العام لجامعة الدول العربية د. نبيل العربي الانفجار الذي وقع مساء أمس الأول في مدينة المنصورة بمديرية أمن الدقهلية. واستنكر الأمين العام في تصريح له أمس «هذا العمل الإجرامي الذي يستهدف مصر والذي من شأنه زعزعة الأمن والاستقرار في البلاد»، معربًا عن أمله في التوصل للجناة وتقديمهم للعدالة في أسرع وقت. القاهرة ـ البيان