ودّعت تونس أمس زعيم التيار الشعبي القومي الناصري وعضو المجلس الوطني التأسيسي محمد البراهمي إلى مثواه الأخير، حيث ووري الثرى بمقبرة الجلّاز في موكب رسمي أشرف على تنظيمه الجيش التونسي وحضره آلاف المشيعين الغاضبين، في وقت لقي شخصان حتفهما في مدينة قفصة خلال احتجاجات ليلية تنديدا باغتياله، بينما أطلقت قوات الأمن قنابل الغاز لتفريق محتجين أمام المجلس التأسيسي طالبوا بحله، على إثر انسحاب 52 نائبا منه.
ونفذت قوات الأمن والجيش أمس وقفة رمزية في ساحة 14 يناير وأدى أفرادها تحية رسمية لموكب جنازة البراهمي. كما شهد محيط المقبرة وقلب العاصمة تعزيزات أمنية كبيرة خاصة من قبل وحدات عسكرية، حيث لوحظ وجود مروحيات حامت فوق شارع الحبيب بورقيبة وفوق موكب الدفن من أجل ضمان السيطرة على الوضع الأمني.
ورفع آلاف المشيعين شعارات تدعو إلى إسقاط الحكومة وحل المجلس التأسيسي وتندد بحكم الاخوان المسلمين من بينها: «لا خوف لا رعب السلطة بيد الشعب» و«العصيان العصيان حتى يسقط الإخوان» «لا تراجع لا استسلام حتى يسقط النظام». كما رفعوا الاعلام التونسية والفلسطينية وصورا للبراهمي كتب عليها «شهيد تونس والأمة العربية»
وقالت مصادر مطلعة لـ«البيان» إن أسرة البراهمي رفضت حضور أعضاء الحكومة ونواب أحزاب الموالاة في المجلس التأسيسي لموكب الدفن، كما رفضت تقبل التعازي منهم والرد على اتصال هاتفي من الرئيس المنصف المرزوقي.
وتنفيذا لوصيته، تم دفن البراهمي بجوار القيادي اليساري الراحل شكري بلعيد الذي اغتيل يوم السادس من فبراير الماضي، علما أنهما كانا ينتميان معا إلى مجلس أمناء تحالف الجبهة الشعبية المعارض.
انسحاب نواب
وبالتوازي، قرر 10 نواب في المجلس التأسيسي الانسحاب منه والدخول في اعتصام أمام مقّره، حيث كان 42 من زملائهم أعلنوا الليلة قبل الماضية انسحابهم من المجلس ودخولهم في اعتصام مفتوح أمام المجلس للمطالبة بحله وحل الحكومة وإنهاء مهمة الرئاسة.
وطالب النواب بتشكيل حكومة إنقاذ وطني برئاسة شخصية وطنية مع التزام أعضائها بعدم الترشح للانتخابات المقبلة. وطالبوا بتشكيل لجنة خبراء تسند لها مهمة كتابة الدستور.
من جهته، أعلن حزب المبادرة سحبه لنوابه من المجلس التأسيسي على خلفية اغتيال البراهمي وحالة الاحتقان التي بلغتها تونس.
قتلى وهجوم
ميدانياً، انفجرت عبوة ناسفة في سيارة تابعة للحرس الوطني في ضاحية حلق الوادي شمالي العاصمة. وقالت مصادر أمنية ان عنصرين من الحرس لاحظا وجود جسم غريب في السيارة قبل أن يستقلاها. وعندما اتجها للاتصال بزملائهما لمعالجة الوضع، انفجرت السيارة في أول حالة استهداف مباشر للأمن التونسي، فيما لقي شخصان حتفهما على الأقل في مدينة قفصة التونسية خلال احتجاجات ليلية اجتاحت عددا من المدن تنديدا باغتيال البراهمي.
رفض مساعدة
رفضت مباركة عواينة أرملة المعارض اليساري المغتال محمد البراهمي المساعدة التي قدمها لها عمدة باريس برتراند دلانوي عند زيارته لمنزل الفقيد رفقة سفير فرنسا بتونس والمتمثلة في تخصيص منح دراسية لأبنائها في فرنسا. كما اعتبرت أرملة البراهمي المعلومات التي قدمتها وزارة الداخلية حول عملية اغتيال زوجها «مجرد فرقعة إعلامية». البيان