خرج آلاف العراقيين في عشر محافظات جنوبي البلاد في تظاهرات حاشدة تطالب بإلغاء الرواتب التقاعدية للبرلمانيين والرئاسات الثلاث (الجمهورية والحكومة والبرلمان) وأصحاب الدرجات الخاصة، فضلاً عن تعديل رواتب الموظفين، تخللتها مواجهات مع الأمن في الجنوب أدت إلى سقوط جرحى، فيما أعلن رئيس الوزراء نوري المالكي تأييده لمطالب المحتجين.
وعلى الرغم من تأكيد وزارة الداخلية العراقية أن التظاهرات «مخالفة للقانون»، كونها غير مرخصة، ودعوتها إلى عدم المشاركة فيها، فضلاً عن إغلاقها الجسور والطرق معللة ذلك بـ «مخاوف من استهداف للمتظاهرين»، إلا أن الاحتجاجات انطلقت أمس في عشر محافظات بمشاركة الآلاف وبتنظيم منظمات مجتمع مدني وناشطين دعوا اليها من خلال مواقع التواصل الاجتماعي.
وتجمع المئات وسط بغداد على الرغم من الإجراءات الأمنية التي فرضت السلطات، يهتفون: «البرلمانيون سارقون».
وأجبرت الإجراءات التي اتخذتها الأجهزة الأمنية العراقية في المناطق المحيطة بساحة التحرير، وسط بغداد، منظمي التظاهرة إلى تغيير مكان التظاهر، من ساحة التحرير إلى ساحة الأندلس.
وأغلقت القوات الأمنية الطرق المؤدية الى ساحتي التحرير والأندلس. وشددت الجهات الأمنية في بغداد ومراكز المحافظات الأخرى إجراءاتها الاحترازية بنشر مزيد من نقاط التفتيش.
وأدت التدابير الأمنية الى أزمة سير خانقة، اضطرت عدداً من سكان العاصمة العراقية الى الذهاب الى مواقع أعمالهم سيراً على الأقدام أو التزام منازلهم.
وشهدت مدينة الناصرية، التي فرضت فيها السلطات اجراءات غير مسبوقة، تفريقا للتظاهرات بواسطة خراطيم المياه، واطلاق نار في الهواء وقطعاً للطرق.
وفي مدينة البصرة، ثالث أكبر مدن العراق، تجمع نحو الف شخص قرب مجلس المحافظة، رافعين لافتات كتب عليها «العراق وثرواته ملكها للعراقيين وليس للبرلمانيين»، و«انتخبناكم لخدمتنا، وليس لسرقتنا، من اجل العراق والعراقيين، كلا لتقاعد البرلمانيين».
وهتف المتظاهرون: «كلا للسراق» و«حقنا نطالب بيه واليوم نريده»، و«يا شعب ان الآوان حقنا لدى البرلمان».
وشهدت محافظات الكوت وبابل والنجف وكربلاء والسماوة والناصرية تظاهرات مماثلة شارك فيها الآلاف.
وقال عباس كاظم رباط، (45 عاماً) الذي يعمل مدرساً: «ليس من المعقول شخص يعمل اربع سنوات يأخذ 80 بالمئة راتبه وهذا غير معمول به دولياً». واضاف ان «الموضوع اذا استمر على حاله، بعد ثلاث دورات لن يبقى اي ميزانية للبلد».
واكد متظاهر كان يحمل العلم العراقي: «لم يصدر من البرلمان اي قانون يحمي الشعب، انما فقط قوانين لمصالحهم الخاصة فقط».
وصادق البرلمان الحالي على ميزانيته البالغة 450 مليون دولار لعام 2013، والتي اثارت جدلاً كبيراً آنذاك.
إصابات وقنابل
واستخدمت قوات الأمن العراقية القنابل الصوتية وقنابل الدخان لتفريق تظاهرة الناصرية.
وقالت مصادر أمنية ان عدداً من المحتجين أصيبوا بجروح اثر استخدام القوات الأمنية القنابل الصوتية وقنابل الدخان، واطلاق الرصاص في الهواء لتفريقهم.
كما استخدمت قوات الأمن القنابل الصوتية وخراطيم المياه لتفريق المحتجين في ذي قار، واجبرتهم على فض تظاهرتهم.
وشهدت عدة محافظات عراقية جنوبية أخرى، بينها بابل والبصرة تظاهرات مماثلة من دون حدوث مواجهات.
المالكي يساند
من جانبه، أعلن رئيس الوزراء نوري المالكي مساندته لمطالب المتظاهرين بشأن الغاء امتيازات النواب والرئاسات الثلاث.
وقال المالكي، في بيان، انه «يعلن عن مساندته لمطالب المتظاهرين بإلغاء رواتب التقاعد وتعديل رواتب الطبقات الضعيفة من الموظفين».
وجدد المالكي تأكيده «دعم هذا التوجه سواء في الحكومة أو من خلال كتلة دولة القانون في مجلس النواب ولدى الرأي العام من أجل تحقيقه».
رواتب باهظة
يستحق النائب في البرلمان العراقي حالياً عند انتهاء دورته التي تمتد اربعة أعوام راتباً تقاعدياً يصل الى 80 بالمائة من راتبه الحالي المحدد بـ 13 مليون دينار (حوالي 8500 دولار)، بينما لا يتجاوز راتب الغالبية العظمى من المتقاعدين في عموم العراق وبعد خدمة لأكثر من عشرين عاماً مبلغ 400 ألف دينار.