في خضم الوضع غير الإنساني الذي يلاقيه أبناء قطاع غزة، وفي أعقاب الغارات المتتالية التي تشنها قوات الاحتلال الإسرائيلي عليه، تقف الإدارة المصرية مكتوفة الأيدي رغم أنها اتخذت إجراءات تصعيدية قوية أخيراً، لكنها تعجز عن الحسم العملي لمعالجة تلك الأوضاع التي يعاني منها «الغزاويون»، فهي مُطالبة من ناحية باستقبال أهالي فلسطين في سيناء، ومن ناحية أخرى، فإن معايير ومبادئ الأمن القومي تقف حائلاً دون حدوث ذلك، إذ ظهر مُخطط صهيوني- أميركي لتوطين أهل غزة بسيناء كـ«وطن بديل» لهم، وهو المُخطط الذي أرّق المصريين، وأثير حوله جدل موسع خلال الفترة الأخيرة.
وجدّد الحديث بقوة عن ذلك المخطط العدوان الحالي، فيما تنبّهت لذلك وزارة الخارجية المصرية، التي راحت تُجدد نفيها القاطع بشأن السماح لتنفيذ أي مخططات إسرائيلية أميركية في سيناء، مؤكدة أن فكرة الوطن البديل لن تسمح بها مصر مُطلقاً.
ومن جانبه، يقول الخبير العسكري والاستراتيجي اللواء حسام سويلم لـ«البيان» إن الفصائل الإسلامية الصاعدة على المشهد السياسي المصري حديثًا عقب الثورة في 25 يناير، بقيادة إخوان مصر، تنفذ مخططات الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل لجعل سيناء وطنًا بديلاً، لحل المشكلة الفلسطينية، من خلال ذلك الإجراء، على حساب الشعب المصري، والأمن القومي لمصر، وهو ما يجعل الإدارة المصرية تبدو وكأنها تُنفذ أجندات الولايات المتحدة الأمريكية، وخاصة في ظل التعاون والامتزاج بين الإخوان وحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، والمحاولات المصرية لإغاثة أهالي غزة.
إلا أن مراقبين أكدوا أن الفلسطينيين لن يقبلوا بوطن بديل، ولن يتنازلوا عن أرضهم للمحتل الإسرائيلي، فيقول النائب السابق بمجلس الشعب المصري، الدكتور مصطفى النجار، إن شعب فلسطين ليس لديه الرغبة في الأساس في الخروج إلى سيناء، ويتمسك تمام التمسك بموقعه، واصفًا مُخطط الوطن البديل بأنه نوع من «الأوهام» غير القابلة للتحقق بشكل أو بآخر.
بيع أراض
وكانت انطلقت دعوات سابقة من أجل الكشف عما يتداول بشأن قيام النظام المصري الحالي ببيع أرضٍ لأهل غزة في سيناء، من أجل تنفيذ مخطط الوطن البديل تدريجياً من خلال تملكهم لأراض في المنطقة، ومن ثم حق العيش فيها واستيطانها، فيقول النائب السابق في مجلس الشعب محمد أبوحامد إن هناك دعوات لجمع مستندات تثبت قيام إخوان مصر والرئيس مرسي بتمكين أهالي غزة من أراضي سيناء لتسهيل مخطط الوطن البديل الذي طرحته إسرائيل وتحاول تنفيذه عمليًا.. وذلك رغم نفي مؤسسة الرئاسة، وتأكيدها على كون سيناء أرضًا مصرية وتحت السيادة المصرية، ولا يمكن أبدًا وبأي حال من الأحوال أن يكون هناك نقاش آخر في تلك المسألة.
واقترح مراقبون أن يتشكل الدور المصري الآن في التضامن مع أهل غزة من خلال تقديم المساعدات الإنسانية العاجلة لهم، فتقول أستاذة العلوم السياسية بالقاهرة د. هبة رؤوف إنه رغم أهمية أن تقوم مصر بدورها في استقبال أهالي غزة الذين يعيشون في أجواء غير إنسانية، إلا أن هناك مخططًا يضر بالأمن القومي المصري، لتوطين أهالي غزة في سيناء، ومن ثم فإن الحل هو تقديم حملات إغاثة عاجلة ومحكمة لهم.