اشتعلت القاهرة ومحافظات مصرية عدة بالتظاهرات المعارضة والمؤيدة لنهج الرئيس محمد مرسي، وفيما سيّر معارضو قرارات الرئيس مسيرات أطلق عليها اسم مليونية «عيون الحرية»، طوّقت تظاهرات مقابلة مقر الرئاسة تأييداً له، كمااندلعت اشتباكات بين الفريقين، أسفرت عن إصابة 12 شخصاً في مدينة الاسكندرية، وبالتزامن، أحرق متظاهرون مقار لحزب الحرية والعدالة في عدد من المحافظات، وفي الأثناء وزّع بيان يحمل توقيع ضباط في الجيش المصري يؤيّد التظاهر على من أسماهم «تجار الدين».
وتظاهر أنصار القوى المدنية والاشتراكيون والرافضون لقرارات مرسي في ميدان التحرير مطالبين بتحقيق اهداف الثورة وفي مقدمتها الحرية، هاتفين «حرية .. حرية» و«الشعب يريد إسقاط النظام»، فيما خرجت قيادات التيار المدني وعلى رأسهم محمد البرادعي وحمدين صبّاحي في مسيرات جماهيرية نحو الميدان.
في المقابل احتشد آلاف من أنصار تيّار الإسلام السياسي لاسيّما مؤيدي جماعة الإخوان وذراعها السياسي «حزب الحرية والعدالة»، بمحيط قصر الاتحادية مقر رئاسة الجمهورية تأييداً للرئيس المصري وتجديداً لبيعته ودعما لقراراته. وأقام مؤيدو مرسي منصة كبيرة على مقربة من قصر الرئاسة بضاحية «مصر الجديدة» شمال القاهرة ونصبوا مكبّرات الصوت التي يرددون عبرها هتافات مؤيدة للرئيس المصري، فيما شهدت عدة محافظات أبرزها كفر الشيخ، وسوهاج، والمنيا، وبني سويف، تظاهرات مماثلة.
إحراق مقار
وأحرق متظاهرون مقار لحزب الحرية والعدالة في 3 محافظات مصرية في منطقة القناة إثر خروج المسيرات الغاضبة، إذ أحرقت مقار حزب الحرية والعدالة في مدن بورسعيد والاسماعيلية والسويس بمنطقة قناة السويس، فيما اندلعت اشتباكات عنيفة بين مؤيدي ومعارضي مرسي في الإسكندرية والمحلة وأسيوط والسويس.
وأكّد مسؤول في حزب الحرية والعدالة، أنّ «مقر الحزب في مدينة الاسكندرية تمّ اقتحامه الجمعة بعد اشتباكات بين أنصار ومعارضي مرسي».
من جهتهم، ذكر شهود عيان أنّ نشطاء ألقوا كتباً ومقاعد من شرفة المقر وسط هتافات تقول «الشعب يريد إسقاط النظام»، و«يسقط حكم المرشد»، لافتاً إلى أنّ الاقتحام تمّ وسط غياب كامل للشرطة، وأنّ المعارك أسفرت عن إصابة 10 أشخاص بجروح.
وقال صفوان عطية أحد متظاهري القوى المدنية في الاسكندرية: «الإخوان بدأوا الهجوم علينا بعد الصلاة، وألقوا علينا الحجارة».
إصابة متظاهرين
في الأثناء، أصيب عدد من المتظاهرين في محافظة الاسكندرية في اشتباكات بمحيط مسجد القائد إبراهيم مع مؤيدين لمرسي، إذ أفادت مصادر محلية أنّ عدداً غير معلوم من المواطنين أصيبوا بمحيط مسجد القائد إبراهيم، بعد صلاة الجمعة بجروح وكدمات بفعل تراشق بالحجارة بين مشاركين في تظاهرتين.
وأكّدت المصادر أنّ الواجهة الزجاجية لمقر «حزب الحرية والعدالة» بمنطقة «محطة الرمل» تحطّم بفعل هجوم قام به عدد من المعارضين للجماعة، مشيرة إلى أنّ عناصر من الأمن قامت بتوقيف المهاجمين.
من جهته، قال مسؤول إن 12 شخصا أصيبوا في اشتباك بين متظاهرين يؤيدون مرسي ونشطاء يناهضونه في مدينة الإسكندرية الساحلية.
وقال وكيل وزارة الصحة في محافظة الإسكندرية محمد الشرقاوي، إنّ «المصابين نقلوا إلى مستشفى رأس التين بالمدينة التي تطل على البحر المتوسط».
حصار منزل
وفي خضم هياج الشارع المنقسم، تظاهر المئات من مختلف الحركات السياسية أمام منزل رئيس الوزراء المصري هشام قنديل بميدان المساحة بمنطقة الدقي، مرددين هتافات «ارحل ارحل»، مما أدى إلى توقف حركة المرور، ثم توجهوا إلى تمثال أحمد شوقي مرددين هتافات معادية للرئيس وحزب الحرية والعدالة.
العسكر على الخط
وفي تطوّر للأحداث المتفاقمة، وزّع متظاهرون بميدان التحرير بياناً حمل توقيع ضباط في الجيش المصري تضمَّن تأييداً للتظاهر ضد مرسي ومن أسموهم «تجَّار الدين».
وقال البيان: «نحن الآن نوجّه أول نداء يصدره الجيش إلى الشعب، باعتبار الشعب مصدر الشرعية الوحيدة للوطن نقسم بالله أننا لسنا خونة ولسنا عملاء لأجندات أحد، نحن أبناء مخلصون للوطن نحمي مصر بأرواحنا»، مضيفاً: «لقد استطاع الخونة الوقيعة بيننا فما كان منا إلا أن تركناكم ترون الحقيقة بأنفسكم، لقد حمينا ثورتكم وهتفتم ضدنا ومات منا من مات في الثورة ولم نعلن عن ذلك، وقُتل من جنودنا في رفح في رمضان وعندما أردنا ان نثأر لهم عزلوا قادتنا وأوهموكم بأن الجيش خائن للشعب». واستطرد البيان : «الوطن باق والأشخاص ذاهبون ومصر الآن بين أيديكم إما أن تستعيدوها وإما أن تضيع منا».
وورد في البيان: «نحن لا نريد مناصب ولا انقلاب على الشرعية، لقد أقسمنا على الحفاظ على شرف البدلة العسكرية والدفاع عن الوطن بأرواحنا.. الآن الشرعية معكم أنتم».
وحضّ البيان المتظاهرين على الوقوف مع القوات المسلحة المصرية، قائلاً : «قفوا معنا.. ثقوا برجال قواتكم المسلحة والشرطة قبل أن يضيع كل شيء ولنستعيد ما أخذوه منا، نرجو من الله وحده أن تفيقوا فليس لنا فرصة أخرى بعد ذلك»، محذّراً من أنّ من أسماهم الخونة سيقومون بتصفية قادة الجيش تحت مسمى الشرعية المستمدة من سكوت الشارع.
مخاوف أممية
أكّد الناطق باسم مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان نافي بيلاي أمس، أنّ «الإعلان الدستوري الجديد الذي أصدره الرئيس محمد مرسي يثير مخاوف كبيرة بشأن حقوق الإنسان».
وقال روبرت كولفيل في إفادة صحافية بالأمم المتحدة في جنيف: «يساورنا قلق عميق بشأن التداعيات الهائلة المحتملة لهذا الإعلان على حقوق الانسان وسيادة القانون في مصر»، مضيفاً: «نخشى أيضا من أن هذا يمكن أن يؤدي إلى وضع مضطرب جدا على مدى الأيام القليلة القادمة بدءا من اليوم في الحقيقة».
وفيما لم يحدّد كولفيل البنود الأكثر إثارة للقلق في الإعلان، إلّا أنّه أردف أنّ «الإعلان يحمل العديد من الجوانب التي تتطلب وقتا للتحليل بالكامل»، مشيراً إلى أنّ «مكتب بيلاي قد يصدر بيانا متكاملا في وقت لاحق».