يغلي الشارع المصري المنقسم على مرجل الاستفتاء على مشروع الدستور ورفض الإعلان الجديد، ففيما من المنتظر تسيير ثلاث مليونيات اليوم: اثنتان للإسلاميين تحت عنوان دعم الشرعية وثالثة للمعارضة الغاضبة على التهميش الحكومي، في الأثناء لم يجد الرئيس المصري محمّد مرسي بداً من التراجع عن قرار يفرض ضرائب على سلع استهلاكية. وفي وقت سلّم مرسي الجيش صلاحية توقيف المدنيين، أحدث نادي القضاة اختراقا في الموقف بموافقته المشروطة على الإشراف على الاستفتاء.
وألغى مرسي قراراً بزيادة الضرائب على سلع أساسية واستهلاكية بعد ساعات من اتخاذه. ونقل التلفزيون المصري عن رئيس ديوان الرئاسة السفير محمّد رفاعة الطهطاوي قوله، إنّ «الرئيس مرسي قرَّر إلغاء التعديلات الجديدة تحسباً من ارتفاع الأسعار وزيادة في تكاليف المعيشة»،
مضيفاً أنّ «الرئيس كلّف الحكومة وقف سريان التعديلات، وإجراء حوار مجتمعي حولها حتى يتضح مدى تقبُّل الرأي العام للقرارات، ويبقى الشعب صاحب الصوت الأعلى والقرار الأخير».
موافقة مشروطة
في الأثناء وفيما يشتد الصراع بين المعسكرين المنقسمين، أحدث نادي قضاة مجلس الدولة اختراقاً في الملف بإعلانه موافقة مشروطة في ما يتعلّق بإشرافه على استفتاء مشروع الدستور المقرر السبت المقبل، إذ طلب رفع الحصار على المحكمة الدستورية الذي يفرضه إسلاميون منذ أسبوع.
وقال مسؤولون في النادي في مؤتمر صحافي أمس إن مجلس الإدارة «قرر الانحياز لحماية الشعب والمحافظة على صحة تصويته وتأدية واجبه وأمانة الإشراف على الاستفتاء على الدستور الجديد بحيادية تامة شريطة تهيئة المناخ لإجراء الاستفتاء»، موضحاً أنّه تبيّن لمجلس إدارة النادي حاجة جموع المواطنين المدعوين للاستفتاء الماسة لإشراف القضاء على صناديق الاستفتاء، وأنّ «ترك الساحة لغير القضاة تفريطٌ بحق الشعب صاحب السيادة».
وشدّد النادي على أن الموافقة على الإشراف مشروطة بإنهاء أسباب الاقتتال بين المواطنين بعضهم البعض، ووقف سيل الدماء بين أبناء الوطن الواحد، وأنّ الدولة تستطيع كفالة ذلك بمنع الحشود التي تنزل إلى الشارع من الاصطدام بحشود أخرى.
فك حصار وتأمين قضاة
على الصعيد ذاته، اشترط قضاة مجلس الدولة إنهاء حالات الحصار لمؤسسات الدولة ومقار المحكمة الدستورية العليا وتمكينها من ممارسة مهمتها المقدسة بحرية واستقلال ودون ترهيب، مطالباً بتأمين اللجنة العليا للاستفتاء لإجراء الاستفتاء على الدستور ومنع الترويج للآراء أمام اللجان وحماية المواطنين المقترعين على الدستور من الاعتداء وأساليب البلطجة.
كما اشترط النادي قيام الدولة بالتأمين على حياة القضاة المشاركين في الاستفتاء بوسائل التأمين، وتمكين قضاة مجلس الدولة من مباشرة واجبهم الإشرافي على النحو الذي كفله القانون وحقهم في الانسحاب من لجانهم متى تعرضوا لما يمس كرامتهم واستقلالهم.
سلطات توقيف
وفي إطار تأمين الاستفتاء الذي لم تعد تفصل عنه سوى أيام قلائل، خوّل مرسي القوات المسلّحة سلطة الضبطية القضائية التي تتيح توقيف المدنيين خلال فترة الاستفتاء على الدستور.
وينص القرار على أن الجيش وأجهزة الشرطة وبالتنسيق الكامل معها في إجراءات حفظ الأمن وحماية المنشآت خلال الاستفتاء، موجّهاً ضباط وضباط صف القوات المسلحة بالالتزام في أدائهم لمهام الضبطية القضائية وفقا لأحكام هذا القرار بقانون بكافة واجبات مأموري الضبط القضائي المقررة في قانون الاجراءات الجنائية، بما في ذلك احالة ما يحررونه من محاضر إلى النيابة المختصة، مع عدم الاخلال باختصاص القضاء العسكري يختص القضاء العادي بالفصل في الوقائع التي حررت عنها هذه المحاضر.
تظاهرات معارضة
وفي تصعيد لاحتقان الشارع المنقسم تطايرت دعوات الحشد والحشد المضاد، إذ دعت المعارضة ممثّلة في جبهة الإنقاذ إلى التظاهر والاحتشاد اليوم مليونية بمختلف الميادين المصرية تعبيراً عن الرفض القاطع للإعلان الدستوري الجديد والاستفتاء على الدستور المقرر السبت المقبل، في وقت يواصل مئات من أنصارها الاعتصام أمام القصر الرئاسي وميدان التحرير رفضاً لقرارات مرسي.
مليونيتا «شرعية»
في السياق، تستعد قوى الإسلام السياسي لتسيير مليونيتين اليوم لدعم مشروع الاستفتاء على الدستور وشرعية والوفاق الوطني الرئيس محمّد مرسي وفق ما أعلن مسؤول في جماعة الإخوان المسلمين.
وأكّد الناطق الإعلامي باسم الجماعة محمود غزلان، أنّ «ائتلاف القوى الاسلامية سينظّم مليونيتين تحت شعار «نعم للشرعية» و«نعم للوفاق الوطني»».
وحذّر بيان للقوى الإسلامية من أسماهم «المتلاعبين بإرادة الشعب» من محاولة اغتصاب الدولة أو الانقلاب على الشرعية، لافتاً إلى أنّ كل الخيارات مفتوحة أمام فصائل الإسلام السياسي في الحفاظ على الشرعية والمؤسسات المنتخبة.