وسط انقسام حاد في الشارع المصري حول مشروع الدستور الجديد، بدأ الناخبون صباح أمس الإدلاء بأصواتهم في 10 محافظات بينها القاهرة والإسكندرية المحوريتين، إذ شهدت المراكز الانتخابية إقبالاً كثيفاً من أنصار المعسكرين، وفيما اتهمت المعارضة جماعة الإخوان المسلمين بالسعي لتزوير النتائج، تمّ رصد مخالفات أبرزها وجود مراقبين للجماعة دون الآخرين، في الأثناء ضبطت محاولات تزوير في القنصلية بمدينة سيدني الأسترالية، بالتزامن.. دوى إطلاق نار واشتباكات بمحيط لجان الاستفتاء بمدينة المحلة الكبرى ما أثار حالة من الرعب والهلع في نفوس الناخبين، في السياق دعا الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي إلى دستور متوافق عليه من قبل كل الأطراف وليس «فصيلاً محدّداً».
وتوافد الناخبون صباح أمس إلى مراكز الاقتراع للإدلاء بأصواتهم حول مشروع الدستور الجديد، في ظل حالة الانقسام التي تنتظم الشارع.
واصطفت الطوابير خارج مراكز الاقتراع في القاهرة ومدن أخرى، في حين يتعاون جنود القوات المسلحة مع رجال الشرطة لتأمين لجان الاقتراع بعد احتجاجات دامية في الآونة الأخيرة.
وفي بث مباشر عرض التلفزيون المصري لقطات للرئيس محمد مرسي وهو يدلي بصوته في إحدى اللجان بحي مصر الجديدة في القاهرة.
على الصعيد ذاته، واجه المهندس خيرت الشاطر نائب المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمون عاصفة من الاحتجاجات أثناء دخوله لجنته الانتخابية للإدلاء بصوته في لجنة مدرسة طابا بمدينة نصر، إذ هُتف ضده «يسقط يسقط حكم المرشد».
ونجح مرافقو خيرت الشاطر في حمايته ومنع الاقتراب منه، فيما رددت سيدات من الناخبات الكثير من الهتافات العدائية ضد جماعة الإخوان المسلمون واتهمن الجماعة بإحراق مصر.
آراء ناخبين
قال المواطن إبراهيم محمود وهو مدرس يبلغ من العمر 54 عاماً: صوّت بـ «نعم» حتى تتمكن مصر البلد من استعادة نشاطها من جديد، فيما أشارت الطبيبة جيهان عبدالعزيز إلى تصويتها بـ «لا» موضحة أنّ «الكثير من مواد هذا الدستور غير واضحة وغير مفهومة»، لتؤيّدها نادية ربّة المنزل بقولها: «هل يعقل أن نصنع ديكتاتور بالدستور؟».
وبينما قال عبّاس عبدالعزيز والذي صوّت في مكتب اقتراع بمدرسة في حي السيدة زينب الشعبي وسط القاهرة: «صوّت بـ «لا» لأنني أكره الإخوان المسلمين.. ليسوا صادقين»، قال الناخب محمّد علي: «صوّت لمرسي في الانتخابات الرئاسية وكانت غلطة كبيرة، هذا الدستور سيئ ولا يمنع عمل الأطفال ويفتح الباب لزواج القصر»، فيما قالت المتقاعدة عنايات مصطفى: «قرأت نص الدستور وما تقوله المعارضة خاطئ، إنّه دستور جيد».
مخالفات اقتراع
رصدت غرف العمليات المشكّلة من قبل جمعيات حقوق الإنسان وجبهة الإنقاذ الوطني العديد من المخالفات في سير عملية التصويت في الاستفتاء على مشروع الدستور.
وأشارت تقارير إلى وجود مشكلات في قوائم أسماء الناخبين، إذ اختلفت قوائم الأسماء خارج اللجان مع تلك التي يتم الاستعلام عنها من موقع اللجنة العليا للانتخابات، مؤكّدة عدم توافر قضاة في بعض اللجان وإن المشرفين عليها هم موظفون فقط من النيابة العامة بالإضافة إلى رفض بعض المشرفين في إبراز تحقيق الشخصية الخاص بهم.
كما رصدت التقارير وجود مراقبين من حزب الحرية والعدالة التابع لجماعة الإخوان المسلمين في اللجان المختلفة، بينما تم رفض دخول مراقبين من غير جماعة الإخوان.
تكفير ناخبين
في السياق، قال الائتلاف المستقل لمراقبة الانتخابات، إنّ عدداً من مراقبيه منعوا من دخول لجان انتخاب في محافظات القاهرة والإسكندرية والشرقية وأسيوط، لافتاً إلى أنّ إسلاميين حضّوا الناخبين على الموافقة على مشروع الدستور أمام لجان انتخاب وداخلها ما يخالف قواعد الدعاية الانتخابية. وأضاف ائتلاف المراقبة في أول بيان يصدره عن سير التصويت، أنّ (بعض الإسلاميين قالوا لناخبين أمام لجنة في محافظة الإسكندرية إنّ من يصوّت بعدم الموافقة على مشروع الدستور «كافر»).
لا عوائق
من جهتها، ذكرت اللجنة العليا للانتخابات في مصر، أن العمل في لجان الاستفتاء على الدستور، لا يواجه عوائق، نافية تلقيها أية شكاوى من أي لجنة على مستوى المحافظات العشر التي يجري فيها الاستفتاء السبت.
وأكدت اللجنة أنها تلقت ما يفيد أن اللجان الانتخابية على مستوى المحافظات العشر التي تجرى فيها عملية الاستفتاء على الدستور، تؤدى عملها بنسبة مئة في المئة في استقبال المواطنين الذين يباشرون عملية الإدلاء بأصواتهم.
العربي مصوّتاً
شدّد الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي على ضرورة إرضاء الدستور المصري الجديد كل الأطراف وأطياف المجتمع وليس فصيلاً محدّداً وفق ما أوردت وكالة أنباء الشرق الأوسط.
وفيما رفض العربي في أعقاب إدلائه بصوته الكشف عن تصويته مع أو ضد الدستور الجديد، أشاد بالحشد الكبير الذي قدم للتصويت بقوله: «إن شاء الله النتيجة يكون لها قيمة كبيرة»، مشيراً إلى أنّ «هذا دليل على أنّ الديمقراطية تعمل في مصر».
ضبط تزوير
ضبطت قنصلية مصر في سيدني بأستراليا محاولة لتكرار التصويت في الاستفتاء على الدستور الجديد، إذ تمّ ضبط استمارات تصويت خاصة بعدد من المواطنين حضروا إلى مركز الاقتراع ووقعوا في سجلات الناخبين رغم قيامهم في الوقت ذاته بإرسال مظاريف تصويت أخرى بالبريد.
وتم ضبط حالات أخرى لمواطنين قاموا بإرسال أكثر من استمارة بمظاريف بريدية منفصلة للشخص نفسه.
اتهامات تزوير
في السياق، اتهمت جبهة الإنقاذ المعارضة جماعة الإخوان المسلمين بالسعي إلى تزوير نتائج الاستفتاء على الدستور، معربة عن بالغ قلقها وشديد استيائها مما أسمته حجم المخالفات والانتهاكات الواردة إليها بخصوص وقائع ومجريات الاستفتاء على الدستور، مشيرة إلى أنّ الوقائع التفصيلية الواردة في التقارير الخمسة الصادرة عن الغرفة حتى الآن تشير إلى أنّ وقائع المخالفات منتشرة في كل المحافظات وعبر وسائل متشابهة إلى حد كبير مما يشير إلى رغبة واضحة في تزوير إرادة الناخبين تقوم بها جماعة الإخوان المسلمين بغرض تمرير ما سمّته «دستور الجماعة».
شفيق مهاجماً
وفي سيل الاتهامات التي تلاحق الإخوان بالتزوير، شدّد المرشح الرئاسي السابق الفريق أحمد شفيق أنّ أول حالة تزوير بالقاهرة، تمثّلت في قيام الرئيس محمد مرسي بالتصويت في حي مصر الجديدة بالعاصمة المصرية، على الرغم من أن اسمه مسجل بكشوف الناخبين بالزقازيق في محافظة الشرقية، لافتاً إلى أنّ نتيجة الاستفتاء ستكون هتاف «باطل» يلاحق مرسي في كل مكان حتى في المساجد.
من جهتها، أكدت الرئاسة المصرية أن الرئيس مرسي غيّر مكان إقامته، عقب فوزه في الانتخابات الرئاسية، إلى مصر الجديدة، وبالتالي أصبحت دائرته الانتخابية في مصر الجديدة لا في الشرقية، كما كانت الحال في انتخابات الرئاسة.
إطلاق نار
اندلعت اشتباكات بالأسلحة النارية صباح أمس، بمحيط لجان الاستفتاء على مشروع الدستور الجديد بمدينة المحلة الكبرى شمال غرب القاهرة، ما أدى إلى حالة من الرعب داخل اللجان.
وقال مصدر محلي في تصريحات لوكالة «يونايتد برس انترناشونال»، إنّ «مجهولين تبادلوا إطلاق النار بمنطقة محلة البرج بمدينة المحلة الكبرى في محافظة الغربية شمال غرب القاهرة، ما أدى إلى حالة من الرعب بين المئات الذين ينتظرون الإدلاء بأصواتهم أمام مدارس بالمنطقة».
إصابات
أعلن الناطق الرسمي باسم وزارة الصحة أحمد عمر، ارتفاع عدد المصابين منذ بدء عملية الاستفتاء على مشروع الدستور صباح أمس وحتى الآن إلى 7 أشخاص.
وقال عمر إنّ محافظة القاهرة أصيب بها شخص واحد تمّ تحويله لمستشفى شبرا العام، فيما أصيب شخص واحد في الإسكندرية وتمّ تحويله لمستشفى أبوقير العام، بينما شهدت محافظة الشرقية إصابة شخص تمّ نقله لمستشفى ديرب نجم، وأصيب شخصان في كل من محافظتي الغربية والدقهلية وتمّ تحويلهما إلى مستشفيات مجاورة.
تحرير خطيب
تمكَّن عناصر من الأمن المصري قبل فجر أمس، من تحرير خطيب مسجد القائد إبراهيم بالإسكندرية بعد أن حاصره معارضون داخله لنحو 12 ساعة.
وقال أحد النشطاء بالإسكندرية إن عناصر من الشرطة تمكّنت بعد تكثيف وجودها على البوابة الخلفية لمسجد القائد إبراهيم بمنطقة الرمل من تحرير خطيب المسجد الشيخ أحمد المحلاوي ومجموعة أخرى ترافقه بعد أن حاصرهم عدد كبير من المعارضين الرافضين للاستفتاء على مشروع الدستور المصري الجديد.