أكد المحلل السياسي الليبي محمد أحمد الهوني، ورئيس تحرير صحيفة «العرب» التي تصدر في لندن، في حوار خص به «البيان» أن «الإخوان المسلمين باتوا خطرا يتهدّد مفهوم الدولة الوطنية وسيادة الدول في المنطقة، وهم يعملون على تنفيذ مؤامرة كبرى على جميع الأقطار العربية من دون استثناء، وخاصة دول مجلس التعاون الخليجي التي يستهدفها التنظيم الدولي للإخوان المسلمين في إطار سعيه للهيمنة على مصادر الثروة والصناديق السيادية واعتمادها في تنفيذ مشروعه التوسعي»، مثنياً على دور دولة الإمارات العربية المتحدة التي كانت «أول من تصدى لهم بكشف هذه المؤامرة».
وأضاف الهوني لـ«البيان» أن «مشروع الإخوان سرطان يحاول أن ينهش الجسد العربي، ولابدّ من مواجهته بكل الوسائل، خصوصا أنهم لا يؤمنون بقيم الحرية والديمقراطية والتعددية وحقوق الإنسان التي يتحدثون عنها في حوارهم مع الغرب وفي خطابهم العلني أمام وسائل الإعلام والفرقاء السياسيين، وإنما يهدفون بالإساس إلى تكريس ديكتاتورية أشدّ من ديكتاتورية الأنظمة السابقة التي عصفت بها رياح ما يسمّى بالربيع العربي».
استبداد جديد
وأردف قائلاً: «ما نراه اليوم في تونس ومصر بالخصوص يؤكّد أنّنا أمام استبداد من نوع جديد يستهدف بنية الدولة المدنية وقيم الحداثة ووحدة المجتمع ويعمل على تخريب الدولة من الداخل والهيمنة على مفاصلها بالتحالف مع قوى التشدد الديني وإرهاب القوى الديمقراطية الحقيقية التي تتبنى القيم الكونية لحقوق الإنسان».
وأكد الهوني أن «الإخوان وضعوا دول الخليج العربي في أجندة تآمرهم، وهم لا يرون مانعاً من التحالف مع القوى الإقليمية والدولية لخدمة مشروعهم، غير أن دول الخليج وفي مقدمتها الإمارات كانت بالمرصاد لتحركاتهم وانتبهت للخطر الذي يمثّلونه ولتحركاتهم السرية التي تستهدف السيطرة على ثروات الخليج واستغلالها في خدمة مشروعهم العابر للدول والقارات».
وتابع الهوني قائلاً: «كان كشف الإمارات لخيوط المؤامرة صدمة للجماعات الإخوانية مما عطّل مشروعهم وأصابهم بالخيبة ووجدوا أنفسهم في وضع لا يحسدون عليه بعد أن فشل مسعاهم في تحقيق أهدافهم بمنطقة الخليج العربي»، مشدداً على أن «الإخوان كانوا يحلمون بحكم المنطقة في إطار تحالف مشبوه مع قوى دولية وإقليمية، حيث سيطروا على مصر كقوة بشرية واستراتيجية، وكانوا يحلمون بالسيطرة على دول الخليج كقوة اقتصادية وكمصدر للثروات، وكان هدفهم وضع اليد على الصناديق السيادية للدول الخليجية لتمويل مشاريعهم، غير أنهم اصطدموا بصخرة صمّاء في الإمارات التي نجحت في كشف مؤامراتهم وفي نزع ورقة التوت عنهم».
مرحلة التصفية
وأشار الهوني إلى أن «كل ملاحظ لابدّ أن ينتبه الى التماهي بين الجماعات الإخوانية من حيث التفكير والممارسة، وخصوصا في محاولاتها تدجين القضاء والإعلام والأمن والتحقير من دور المرأة ونشر ثقافة التكفير والتخوين، إلى جانب تفخيخ الدساتير وعزل القوى الوطنية تحت مسمّيات شتى بدعوى أنها من الأزلام أو من الفلول وبأنها ليبرالية أو علمانية ومعادية للإسلام أو ضد إرادة الشعوب». وأردف: «وصل الأمر الى دخول مرحلة تصفية الخصوم السياسيين مثلما حدث في تونس عندما تعرّض الزعيم اليساري شكري بالعيد الى الاغتيال أمام منزله، ولم يحضر الإخوان من قيادات حركة النهضة التي تقود الائتلاف الحاكم في تونس جنازته ورفض أغلبهم حتى الترحّم عليه، ووصل الأمر بالبعض الى حرق صوره في مسيرة لحركة النهضة» نظمتها أول من أمس.
شعور بالرفض
وأوضح الهوني أن «الإخوان المسلمين شعروا أخيراً أن الشعوب رفضتهم، وهذا ما يلاحظه المهتمون بالشأن التونسي والمصري حاليا، حيث لوحظ كيف وعد قياديو حركة النهضة بمسيرة مليونية قال البعض إنها ستجمع مليوناً أو مليونين من الأنصار من كل أرجاء البلاد، ولكن ورغم تطويع جميع الإمكانيات، إلّا أن عدد المشاركين في المسيرة لم يتجاوز 16 ألفا بشهادة وزارة الداخلية التونسية التي تداركت الأمر فيما بعد وقالت إن العدد بلغ 60 ألفا وهو ما لم يصدقه المراقبون ورجال الإعلام».
خريف إخواني
اعتبر المحلل السياسي الليبي محمد أحمد الهوني أن «الربيع العربي» تحوّل إلى «خريف إخواني» عاصف.
وقال: «من يتابع المشهد الحالي يدرك أن مشروع الإخوان فشل بعد أن أدركت الشعوب حقيقتهم، ولن يكون بإمكانهم الفوز في أية انتخابات حرّة ونزيهة وديمقراطية. لذلك، هم يحاولون التحكم في مفاصل الدول، وأخونة هياكلها وأجهزتها لضمان تزوير الانتخابات، وهو ما أدركته الشعوب التي باتت جاهزة لقيادة ثورات تصحيح المسار التي ستطوي صفحة الإخوان وحلفائهم».