Quantcast
Channel: IPTV Flash News
Viewing all articles
Browse latest Browse all 34185

أفلاج العين.. تقسيم حصص الماء بقياس الظل

$
0
0

أينما وجدت المياه وجدت الحياة، وحيث توجد المياه تتوالد القصص والحكايات. ومدينة العين اشتهرت بوفرة مياهها وينابيعها ومنها جاء اسمها " العين" نسبة إلى كثرة عيون المياه الموجودة فيها وجعلت منها واحة غناء وسط الصحراء. وقد برع الأقدمون من أهل المدينة، في إيجاد طرق للحصول على المياه من أجل ري مزارعهم، و ابتكروا نظام "الأفلاج"، والكلمة تحمل دلالتين، التقسيم، ومجرى النهر، وكل شيء شققته إلى نصفين فقد فلجته، والفلج نظام لتوزيع المياه لمن لهم مصلحة فيه. ولكل فلج في مدينة العين قصة وحكاية، لكونها رمزاً تراثياً يربط الحاضر بالماضي وألقت الكثير من الضوء على نمط الحياة قديماً، وارتبطت نشأة الأفلاج واستخدامها في الري بنشأة المباني التاريخية التي تشتهر بها مدينة العين، حيث شيدت مجموعة كبيرة من الحصون والقلاع والأبراج لحماية موارد المياه والأراضي في تلك الواحات.

قصة الأفلاج

سلطان الكويتي رئيس قسم الأفلاج في بلدية العين روى حكايته مع الأفلاج "للبيان" وقد تجاوز عمره 90 عاما، ومازال يقوم صباح كل يوم بزيارة الأفلاج ومتابعة شؤونها، التي يعدها جزءا من تفاصيل حياته اليومية، منذ أن ولّاه المغفور له، بإذن الله، الشيخ زايد مهمة الإشراف على الأفلاج في العام 1968.

يقول كان يوجد لكل فلج "عريف" يرأسه شخص يطلق عليه "أبو الفلج" وهو رجل ذو خبرة في مجال تقسيم حصص مياه الفلج وتوزيعها بين أصحاب الملك في المزارع، ويتم توزيع الحصص حسب قياس الظل بالقدم، حيث يقف العريف في الشمس ويضع خطاً مكان وقوفه وخطاً آخر في آخر الظل، ليحدد طول ظله، ثم يقسم الظل بالأثر، ويقول لفلان أنت لك مدة قدمين من الظل ومن بعدها يسير الماء، لفلان وله كذا قدم من الماء، وهكذا حسب كل حصة يمتلكها كل صاحب ملك، وعند انتهاء مدة حصة الأول من السقي يغلق عامده (قناته) وفتح عامد الثاني، وهكذا إلى أن يسقي جميع أصحاب المزارع حسب حصصهم، والحصص يكون منها "أصل"، وهو المحسوب للملك والمملوك بالإرث ومتوارث أبا عن جد، وهناك المشترى، وهي حصص يتم تمليكها بالشراء، حيث يقوم البعض ببيع أو إيجار حصصهم لآخرين أكثر منهم ملكا وزرعاً، ويكون البائع أو المؤجر غير محتاج لتلك الحصص لقلة ملكه أو لقلة زرعه، و يبع حصته أو بعض منها أو تأجيرها.

حفرالفلج

وحول النظام الاجتماعي الذي يتكون حول الفلج الذي كان سببا في تطوير الحياة الاجتماعية والاقتصادية يقول سلطان الكويتي وهو يرشف قهوته وبيده حبات من التمر، كان للفلج قدسية وحرمة، وكانت النقطة التي تبرز فيها قناة الفلج على السطح تسمى "النطلة" وتشكل المصدر الرئيس لمياه الشرب، ويقع بئر مياه الشرب قريبا من المسجد، حيث يلحق به مكان من أجل الوضوء، وبعد ذلك توجه مجارى المياه، وفي المرحلة الأخيرة يتم توجيه المياه عبر قنوات عديدة إلى حيث مزارع النخيل.

أما أساليب الحفر فإن بعض الأهالي كانوا يرفضون دخول الأفلاج بسبب تعرضهم للمخاطر، وتبدو مهارة الذين كانوا يحفرون تلك المجارى الجوفية في قدرتهم على توجيه مساراتها، بحيث يلتقي بعضها مع بعض خصوصاً أن ضبط مستوياتها يتم بالعين المجردة، و يشق بهذه الطريقة نفق محدد بحيث يحتاج الإنسان أن يندس فيه زحفاً على جنبه، ويتم حفر فتحات التهوية السطحية على طول المجرى الجوفي للفلج طبقاً لضرورات التهوية ولإزالة المخلفات الناتجة عن الحفر، كما يتم بناء حواف مرتفعة حول الفتحات لتجنيبها أضرار مياه السيول والتي كان يطلق عليها "السقاف".

ويضيف الوالد سلطان في حفر الأفلاج تكون البداية عند "الأمهات"، وهي منابع الماء والتي تنبع من أسفل جبل حفيت حيث يتم الحفر، ولمعرفة مكان الأمهات يستعان بأهل الخبرة من أبناء المنطقة، ويتوارثون الخبرة والدراية في معرفة أمهات الأفلاج ومواطن المياه أسفل الأرض عن طريق الفراسة والحدس.

طقوس إحياء الافلاج الميتة

كان أهالي العين يتبعون طقوساً لإحياء الفلج إذا ردم بالرمال، وعملية إحياء الفلج من المناسبات التي تعكس حجم التعاون والتكافل ا بين الأهالي، فعندما يموت الفلج يتم إعلان الأهالي الذين يتوافدون وكل منهم يحمل "مسحاة" وهي عبارة عن فأس صغيرة و"جفير" وهو وعاء مصنوع من الخوص توضع فيه الرمال التي يجري رفعها من الفلج.

ويقوم عريف الفلج بإحضار التمر والقهوة وينحر ذبيحة لِيولِم للأهالي القائمين على تنظيف الفلج والذين يستأنفون عملهم عقب تناول الغداء حتى الغروب، وإذا ما فرغوا يقضون الليل عند الفلج حتى الصباح ليستكملوا عملهم حتى يتم رفع الرمال منه نهائياً.

 

عملية استكشافية

 

يروي الكويتي تفاصيل عملية إعادة إحياء الفلج الذي غطته الرمال حيث تبدأ العملية بـ"الخواضة" ومعناها النزول من منبع الفلج وتتبع مساره لاستكشاف مجراه ورصد مواقع تكدس الرمال بداخله، ويحمل القائمون على تنظيف الفلج عصيا لقتل الثعابين والزواحف الأخرى التي تصادفهم في داخل مجرى الفلج، بالإضافة إلى مصابيح بدائية صغيرة أو أسرجه يتم إشعالها بالكبريت، وبعد هذه الرحلة الاستكشافية داخل الفلج الميت يقوم الأهالي المكلفون بصيانته وإخبار عريف الفلج بأماكن تجمع المياه.

 

توزيع «البادة» وحدة قياس كمي

 

 

كان يتم توزيع مياه الأفلاج على المزارع بمعرفة عريف الفلج الذي كان يعتمد بدوره في ذلك على حركة النجوم والأثر لعدم وجود ''الساعات'' التي تستخدم الآن على نطاق واسع في تحديد الوقت، ووفق النظام المتبع يقسم اليوم منذ لحظة الشروق وحتى الغروب، حيث كان يقسم لفترات سميت في تلك الأيام بـ ''باداة'' وذلك من خلال تقصي الفترة الزمنيـــة التي تفصل بين الغروب والشروق لفترات منتظمة.

وكانت ''الباداة'' تقسم بدورها إلى أربعة أقسام يسمى كل منها ربيّعاً والذي يقسم بدوره إلى ستة أسداس، وكان نصيب بعض الأهالي من مياه الري يكفيهم، أما البعض الآخر فكانت مخصصاته من مياه الري لا تفي باحتياجات مزارعه فيلجأ لتعويض ذلك إلى ''المشاع'' وهو عبارة عن أربع ''بادات'' وكان إيجار "البادة " الواحدة وقتها 48 درهماً، وإيجار الربع 12 درهماً وإيجار السدس ثمانية، ويتولى عريف الفلج جمع حصيلة الري بالمشاع وتخصيصها لعمليات صيانة وتنظيف الأفلاج. وتقوم لجنة الأفلاج ببلدية العين بحفر الآبار و''السلول'' وهي المجاري التي تربط بين ''النقبة'' وهي فتحة البئر وعمل الصيانة اللازمة للأفلاج داخل وخارج المدينة.

 

احصائية أشهر الأفلاج

 

يوجد في مدينة العين 300 فلج تقريباً، جف معظمها والأفلاج المتبقية لا تزيد على 27 فلجاً، وغير معروفة الأعمار تماماً، وأهم الأفلاج الموجودة حالياً هي: العيني، الهيلي، القطارة، الداوودي، الجاهلي، الجيمي، المعترض، المويجعي، مزيد. ويسمى فلج العيني بفلج الصاروج، لأنه ينبع من منطقة مراغ شرقي العين، وهو من الأفلاج الكبيرة، ويسير تحت الأرض ضمن قنوات كبيرة عليها عدد من الفتحات لتسهيل عملية تنظيف المياه ومراقبتها، ثم تتفرع ضمن أعمدة أسمنتية بعرض قدمين وارتفاع قدم لتقوم بسقاية النخيل والمزارع بمنطقة العين، وطول هذا الفلج 9 كيلومترات.

وفلج الهيلي وينبع من منطقة العوهة شمال العين، ويعد من أعمق الأفلاج، 30 مترا وتلحق به خمس فتحات غنية بالماء، تسير فيها المياه تحت الأرض مسافات كبيرة بطريقة الميل، إلى أن تصل سطح الأرض، حيث توزع في أعمدة أسمنتية حديثة الصنع لتروي النخيل والمزارع، ويبلغ طول هذا الفلج 12 كيلومتراً.

وينبع فلج القطارة من منطقة صعرا جنوب البريمي، ويصل للعين ضمن قنوات تحت الأرض، وفي منطقة القطارة يظهر على سطح الأرض، ويبلغ طوله 8 كيلومترات، كما ينبع فلج الداوودي من منطقة شبيحات شرقي العين، وهو يغذي منطقة الداوودي، ويبلغ طوله 7 كيلو مترات، وقل منسوب المياه به حاليا، وبتوجيهات من المغفور له، بأذن الله، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، تم حفر 87 بئراً لتغذية هذا الفلج، تبلغ المسافه بين البئر والأخرى 6 أمتار وعلى عمق 24 متراً لكل بئر. فيما ينبع فلج الجيمي من منطقة القاعة شرقي العين، ويسير في قنوات تحت الأرض يظهر بعدها على سطح الأرض في منطقة الجيمي، وتجري المياه بعدها ضمن (قنوات) تمر بالمزارع لتغذيتها ويبلغ طول هذا الفلج 6 كيلومترات.

وفلج المعترض الذي ينبع من بيت المحابيس القديم، شرقي مدينة العين ويغذي منطقة المعترض التي سميت باسمه، ويبلغ طوله 6 كيلو مترات. وفلج المويجعي بوسط المدينة وطوله 6 كيلومترات، وقد جفت مياهه حاليا. كما ينبع فلج مزيد من منطقة غربي صفافة، وشرقي جبل حفيت ويعمل على سقاية منطقة مزيد، بطول 12 كيلومتراً تقريباً. أما فلج الجاهلي فيبدأ من شرق هيلتون العين ماراً بالمربعة القديمة ويستمر حتى قلعة الجاهلي التي أطلق عليها الاسم نفسه تيمنا به، وهي ما زالت قائمة حتى الآن. وينقسم فلج الذيد في جملته إلى 20 قسماً رئيساً وكل قسم منها يعرف بـ"البادة" أي أن مجموع مياه فلج الذيد عشرون بادة، وهو ينتمي إلى ذلك النوع من الأفلاج الذي يغذيه عدد من السواعد ( الأفرع ) أهمها ساعد "المليحة" الذي يأتي من جهة الجنوب وساعد "البردي"، ويلتقيان عند منطقة "السدرات"، كما أن هناك سواعد أخرى تغذي الفلج وهي سواعد "المثموم" و"الحرملي".

 

رؤية زايد

 

كان للأفلاج " شرع" يسقون منها الناس، والشرع جمع شريعة، وهي مثل شاطيء النهر ، يمكن لكل شخص أخذ كفايته من الماء، وبعد حكم الشيخ زايد رحمه الله لإمارة أبوظبي بسنتين عام 1968، ألغى نظام الحصص وتم توظيف أشخاصاً لهم رواتب يشرفون على سقاية الشريف والضعيف بالعدل والتساوي وعين رحمه الله موظفين وبيادير (مزارعين) مهمتهم سقاية كل الأملاك حتى ترتوي وتأخذ كفايتها من السقي، ثم شكل قسم خاص لشؤون الأفلاج ليكون بديلاً عن كل عريفي الأفلاج ولكي يشرف على كل الأفلاج وعين المرحوم عبدالله بن هلال الكويتي رئيساً له، وبعد وفاته تم تعيين سلطان بن محمد الكويتي.


Viewing all articles
Browse latest Browse all 34185

Trending Articles



<script src="https://jsc.adskeeper.com/r/s/rssing.com.1596347.js" async> </script>