استغل وزير الخارجية الأميركي جون كيري هامش القمّة الإفريقية للاشتراط على الرئيس محمد مرسي: «إصلاحات اقتصادية مقابل مساعدات الكونغرس»، فيما لم ينس تذكير القاهرة بأنّ الإسراع في إجراء الإصلاحات مربوط بقرض صندوق النقد الدولي.
وربطت الولايات المتحدة الأميركية بين المساعدات التي تقدّمها لمصر وإجراء القاهرة إصلاحات اقتصادية ضرورية، إذ أكّد مسؤول أميركي أنّ «وزير الخارجية جون كيري حضّ مصر على الإسراع في إجراء الإصلاحات للحصول على قرض صندوق النقد الدولي.
وأشار المسؤول الأميركي إلى أنّ كيري شدّد على أنّ «تلك الإجراءات ضرورية للحصول على مساعدات إضافية» من الكونغرس الأميركي، مضيفاً أنّ ربّان الدبلوماسية الأميركية التقى الرئيس المصري على هامش القمة الإفريقية المنعقدة في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا وبحث معه الحرب في سوريا وحقوق الإنسان في مصر واقتصادها المتعثّر.
وأضاف المسؤول الكبير في وزارة الخارجية الأميركية، على هامش قمة الاتحاد الإفريقي، إنّ المصريين أكّدوا أنّهم قاموا ببعض الخطوات، لكن كيري قال: نحتاج إلى أن نثبت للكونغرس أنكم قمتم بالإصلاحات اللازمة»، لافتاً إلى أنّ وزير الخارجية الأميركي أبلغ الرئيس المصري: «كنت مدافعاً قوياً عن دعم مصر، أواصل دعم المساعدة لمصر، لكننا نحتاج لأن نرى إصلاحات تطبق وتشجع زملائي السابقين على التحرّك».
وتقاوم الحكومة المصرية التي يقودها الإسلاميون تطبيق إجراءات تقشف ضرورية للحصول على قرض صندوق النقد تشمل زيادة الضرائب وخفض دعم الوقود خشية أن تتسبب تلك الإصلاحات في اندلاع الاحتجاجات الشعبية.
لكن من شأن الحصول على تمويل صندوق النقد أن يهدئ مخاوف المستثمرين والمانحين بعد عامين من الاضطرابات السياسية منذ الإطاحة بنظام مبارك اوائل 2011 والتي تسببت في تراجع إيرادات السياحة أحد القطاعات الحيوية في البلاد.
وحصلت مصر في السنوات الأخيرة على نحو 1.3 مليار دولار من المساعدات العسكرية من واشنطن وهو دعم يعود تاريخه إلى توقيع معاهدة السلام مع اسرائيل قبل أكثر من ثلاثين عاما. لكن لا ينظر لتلك المساعدات على أنها تتوقف على الإصلاح الاقتصادي في مصر.
مصر.. آلام الاقتصاد في انتظار «مبضع» السياسة
بين صعود وهبوط وانهيارات وتعاف تأرجح المشهد الاقتصادي في مصر على مر التاريخ، فيما استبعد خبراء واقتصاديون انهياره بالكامل، بسبب ما سموه اعتماده على قطاعات متنوّعة كالقطاع السياحي والزراعي، فضلاً عن حركة التجارة الداخلية والخارجية وإيرادات قناة السويس وتحويلات المصريين بالخارج، مشيرين إلى أنّ «أي انتكاسة يواجهها لن تهوي به إلى خارج المنطقة الآمنة»، رغم التوّقعات المتشائمة التي تسود الآن.
ويشير مراقبون إلى أنّ «الاقتصاد المصري يعيش الآن في دوامة منحدرة ومثيرة للإزعاج»، من واقع الإحصاءات والأرقام الاقتصادية الصادرة عن الحكومة، لافتين إلى أنّه «ووفقاً للأرقام التي أصدرها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء فهناك ارتفاع في معدلات البطالة 13 في المئة ليبلغ نحو 3 ملايين و425 ألف عاطل، وأنّ نحو 13.7 مليون مصري يعانون من نقص الأمن الغذائي».
ويلفت المراقبون ووفقاً لتوقعات أنّ مصر في طريقها خلال عامين لأرقام أكثر فزعاً إذا ما استمر معدل النمو الاقتصادي منخفضاً، مشيرين إلى تصريحات وزير التخطيط والتعاون الدولي السابق أشرف العربي، بأنّ معدل النمو الحالي للاقتصاد لا يتجاوز 2 في المئة، مع توقّعات بزيادة معدل البطالة لأكثر من 40 في المئة، ما يعني أنّ 27 في المئة من العاملين سيفقدون وظائفهم خلال الشهور المقبلة!
ويشدّد اقتصاديون على أنّ الأوضاع الاقتصادية الراهنة لا مخرج سريعاً وعاجلاً لها إلّا عبر استجابة صندوق النقد الدولي لطلب القرض المقدّم من الحكومة بقيمة 4.8 مليارات دولار كمحاولة للحكومة لسد العجز بالموازنة العامة انتظاراً للعام المقبل، لإيجاد وسائل أخرى لسد عجز الموازنة القادمة البالغ 197.5 مليار جنيه، فيما يُحذر آخرون من خطورة القرض وشروطه!
وجعل الوضع الاقتصادي الراهن عديد اقتصاديين لا يشعرون بتفاؤل يؤدي لتعافي الوضع سريعاً، ولكن يرى معظم الاقتصاديين أنّ تحسين الوضع السياسي الحالي هو بوابة المرور من الأزمة الاقتصادية الحالية، إذ يؤكّد نائب رئيس الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي زياد بهاء الدين، أنّ ما يعيشه المواطن المصري يحتاج إلى حل سياسي في المقام الأول.
بدوره، يرى مسؤول وحدة المشاركة المصرية الأوروبية بوزارة التعاون الدولي السفير جمال بيومي، أنّ «الاضطرابات السياسية التي يشهدها الشارع لها التأثير الأكبر في الانهيار الاقتصادي وتدني المستوى المعيشي للمصريين».