حقّق وزير الخارجية الأميركي نوعاً من «الاختراق» في مساعي استئناف المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين وسط ترقب بأن يتم الإعلان عن الاستئناف اليوم أو خلال أيام، معتبراً أن الفجوات بين الجانبين «ضاقت بدرجة كبيرة»، منتقداً بشكل مبطّن الاحتلال الاسرائيلي بدعوته له إلى إمعان النظر في مبادرة السلام العربية، فيما أيدت جامعة الدول العربية مساعي استئناف المفاوضات على امل «الوصول إلى حل الدولتين». وقال كيري في مؤتمر صحافي مشترك عقده مع وزير الخارجية الأردني ناصر جودة بعد اجتماعه بالوفد الوزاري العربي المعني بعملية السلام، إن الفجوات بين الاسرائيليين والفلسطينيين «ضاقت بدرجة كبيرة»، مضيفاً: «نأمل أن تستأنف المفاوضات (بين الجانبين) قريباً».
وأعرب عن ثقته بأنه «يسير على الطريق نحو استئناف محادثات السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين». وقال الوزير الاميركي: «مبادرة السلام العربية رغم أهميتها لم تلق ما تستحق». ولفت إلى أن «اسرائيل بحاجة لإمعان النظر في هذه المبادرة». وبحث العاهل الاردني الملك عبدالله الثاني مع كيري جهود تحقيق السلام في الشرق الأوسط وتطورات الأزمة السورية.
لقاء عباس
كما عقد الرئيس الفلسطيني محمود عبّاس (أبو مازن) اجتماعاً مطوّلاً مع كيري في عمّان. وقال الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبوردينة، إنّه «تمّ خلال الاجتماع مناقشة كافة القضايا التي يمكن أن تسهم في خلق المناخ المناسب للعودة للمفاوضات»، مضيفاً أنّ «عباس أكّد على ثوابت الموقف الفلسطيني والعربي المتمثل بإقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشريف، فيما أكد كيري التزام الرئيس الأميركي باراك أوباما بإقامة دولة فلسطينية على أساس حل الدولتين».
وأعلن أبوردينة، أنّه من المتوقع عرض الرئيس محمود عباس على قيادة حركة فتح اليوم ما تم مناقشته مع كيري في الأردن. كما سيكون هناك اجتماع غداً للقيادة الفلسطينية ممثلة باللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير وقادة الفصائل.
إعلان مرتقب
في السياق، أعلن مسؤول فلسطيني كبير أمس عن حدوث تقدّم في مباحثات وزير الخارجية الأميركي مع الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، مشيراً إلى أنّ «كيري سيعلن استئناف عملية السلام قبيل مغادرته المنطقة».
وقال المسؤول الذي طلب عدم الكشف عن اسمه لوكالة الصحافة الفرنسية، إنّ «كيري مصمّم على أن يعلن قبل مغادرته غداً إعادة استئناف المفاوضات».
الوفد العربي
في السياق، اعتبر الوفد العربي المعني بعملية السلام بعد لقائه كيري في عمان، أن الأفكار والمقترحات التي يحملها وزير الخارجية الأميركي لإحياء عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين تشكل «أرضية وبيئة مناسبة للبدء بالمفاوضات»، مشيراً الى أن أي اتفاق مستقبلي سيتضمن تبادلاً محدوداً للأراضي بين الجانبين. وقالت وزارة الخارجية الأردنية إن الوفد الوزاري أكد خلال اجتماعه بكيري في حضور نظيره الأردني «التزامه بتحقيق سلام عادل وشامل في الشرق الأوسط بالتعاون مع الولايات المتحدة ومع الأطراف ذات العلاقة». وأضاف البيان أن الوفد يرى في الأفكار التي طرحها كيري أمام اللجنة «أرضية وبيئة مناسبة للبدء بالمفاوضات خاصة العناصر السياسية والاقتصادية والأمنية الجديدة المهمة». وأوضح أن الوفد الوزاري أكد أن «أي اتفاق مستقبلي يجب أن يكون مبنياً على أساس حل الدولتين من خلال إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على خطوط الرابع من يونيو عام 1967 مع تبادل محدود للأراضي ذات القيمة والمساحة نفسها».
وأعرب الوفد عن أمله بأن يؤدي ذلك إلى «إطلاق مفاوضات جادة تعالج كل قضايا الحل النهائي لإنهاء الصراع وتحقيق سلام عادل وشامل بين الفلسطينيين والإسرائيليين لتنعم المنطقة بالأمن والاستقرار والازدهار»، مؤكداً «الالتزام بمبادرة السلام العربية».
ولفت البيان إلى أن الوفد العربي أكد «دعمه الكبير لجهود وزير الخارجية الأميركي لإعادة استئناف وإحياء مفاوضات سلام بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي»، كما أعرب عن تقديره للرئيس الأميركي باراك أوباما، ولكيري لـ«جهودهما والتزامهما لتحقيق السلام ولاستئناف واحياء مفاوضات سلام بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي».
يذكر أن الوفد الوزاري العربي المعني بعملية السلام يضم كلاً من مصر والأردن والسعودية وقطر وفلسطين والمغرب بالإضافة إلى الأمين العام للجامعة العربية. وشارك بالاجتماع الامين العام للجامعة العربية نبيل العربي ووزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي اضافة الى وزراء ومسؤولين من البحرين والاردن والكويت والمغرب وقطر والسعودية والإمارات، بحسب مسؤولين في وزارة الخارجية الاميركية. ومثل القاهرة في الاجتماع السفير عمر أبوالعطا، ممثل مصر الدائم في الأمم المتحدة.
ملامح رؤية
أكّد مصدر مطلع أنّ وزير الخارجية الأميركي جون كيري يسعى لتجاوز الخلاف حول الشروط المسبّقة لاستئناف المفاوضات بين الفلسطينيين وإسرائيل من خلال توجيه رسالتين منفصلتين لهما». وذكر المصدر أنّ «كيري سيوجه ضمن رؤيته لاستئناف المفاوضات رسالة للمفاوض الفلسطيني بأن تراعي المفاوضات حدود 1967 مع تبادل الأراضي، وأخرى لحكومة إسرائيل تعترف بها بيهودية دولة إسرائيل»، مضيفاً أنّ «رؤية كيري تطرح تجميداً غير معلن للاستيطان خارج القدس والكتل الاستيطانية الكبرى، وإطلاق سراح عدد من قدامى الأسرى الفلسطينيين على دفعات، وتسهيلات اقتصادية للفلسطينيين».