ما فتئ ملف الانتخابات، سواء كانت البرلمانية أم الرئاسية، يشكل جدلاً دائماً في الشارع المصري وبين القوى السياسية المُختلفة. وبزغ ذلك الجدل بوضوح منذ ثورة 25 يناير، ويتجدد حاليًا لكون مصر تعيش مرحلة انتقالية جديدة يتم خلالها إعادة تشكيل المؤسسات.
أما الجدل الأبرز فيما يتعلق بالانتخابات، فيخص خريطة الطريق التي نص عليها الإعلان الدستوري الذي أصدره الرئيس المؤقت عدلي منصور.
ففي الوقت الذي نص ذلك الإعلان على انتخاب مجلس تشريعي أولاً (الانتخابات البرلمانية) ثم إجراء الانتخابات الرئاسية بعدها لتكتمل المؤسسات الرسمية بالدولة، راح البعض يُطالب بإجراء الانتخابات الرئاسية أولًا استعجالًا للاستقرار، فيما راح آخرون يقترحون إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية معًا؛ من أجل توفير النفقات والجهد.
وعلى هامش الجدل المُثار حول توقيت إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية، يُثار جدل آخر بات حديث الساعة في الأوساط السياسية والشعبية المصرية، يتعلق بالانتخابات البرلمانية والنظام الذي تُجرى على أساسه، ما بين الفردي، أو القائمة، أو النظام المختلط.
وفي هذا الإطار، رصدت «البيان» عدداً من التوجهات المُختلفة إزاء ملف الانتخابات عبر آراء قوى سياسية مُتباينة شكلت جزءاً من الصراع السياسي الراهن بالساحة المصرية.
النظام الفردي
ويميل وزير خارجية مصر السابق محمد العرابي، رئيس حزب المؤتمر، نحو إجراء الانتخابات البرلمانية بالنظام «الفردي»، ويؤيد تقديم الانتخابات الرئاسية على البرلمانية.
ويقول العرابي لـ«البيان»: «حددنا موقفنا بوضوح في حزب المؤتمر، إذ نؤيد إجراء الانتخابات البرلمانية المُقبلة على أساس النظام الفردي أو الانتخاب الحر المباشر، لكننا حتى الآن لا نعرف النظام الذي من المُقرر أن تجري بناءً عليه الانتخابات البرلمانية المقبلة.
خاصةً أن لجنة الـ50 هي المخولة بوضع مادة الانتخابات في الدستور المُرتقب، وبعدها سيتم وضع قانون مُفصَّل بالنظام الانتخابي يرصد شكل الانتخابات وعلى أي أساس سوف تُجرى».
ويضيف أن «إجراء الانتخابات الرئاسية أولًا سوف يصب في صالح المشهد السياسي بصورة عامة، ويدفع بالتعجيل في الاستقرار، ما يترتب عليه عودة الاستثمارات الأجنبية وعودة السياحة، خاصةً أننا بذلك نقدم رسالة للمجتمع الدولي أن مصر بلغت مرحلة الاستقرار السياسي بوجود رئيس منتخب في سدة الحُكم بدلًا من الرئيس المؤقت عدلي منصور».
ورحب العرابي بإجراء« تعديلات» على خريطة الطريق بصفة عامة، مشدداً على أن الدستور «يجب أن يأتي مُحققًا لرغبات الشارع المصري وأمنياته، وأن يكون دستورًا توافقيًا في المقام الأول، بما يحقق السلام المجتمعي بين كافة أطياف المجتمع».
نظام القائمة
وفي موازاة ذلك، دافع عضو الهيئة العليا لحزب النور السلفي صلاح عبدالمعبود عن رؤية حزبه للانتخابات البرلمانية والرئاسية، قائلاً: «لا نُرحب إطلاقًا بالنظام الفردي، ونرى أن نظام القائمة هو أفضل الأنظمة التي تُجرى بناءً عليها الانتخابات البرلمانية المُقبلة.
لأن النظام الفردي الذي يدعو إليه البعض يؤدي إلى إحكام رأس المال سيطرته على الخريطة الانتخابية، كما أنه يخلق نائب خدمات لا صاحب برنامج انتخابي، وكل ما يقدمه هو بعض الخدمات لأهالي دائرته، ونحن لا نريد ذلك، بل نريد أن يكون النائب صاحب أجندة وبرنامج انتخابي مُحدد يزاول دوره في تطبيقه أسفل قبة البرلمان.
ويردف: «الذين سوف يذهبون إلى الإدلاء بأصواتهم يجب أن يقوموا بالتصويت لفكر أو لبرنامج انتخابي، وليس لأشخاص».
ويضيف: «نحن في الحزب، وضعنا فكرة النظام المختلط كبديل حال رفض إجراء الانتخابات بنظام القائمة، فإن لم يكن قائمة، فنُرحب بالنظام المختلط».
وتابع: «نعلم أن للنظام المختلط سلبياته، لكننا نعتبره أخف الضرر، فلو تم الإصرار على إجراء تلك الانتخابات بأي نظام آخر غير القائمة، فسوف نتقدم بالنظام المختلط الذي يُحقق ولو جزءا بسيطا من مطالبنا. وفي هذه الحالة، سوف نُطالب بإجراء النظام المختلط عبر ثلث فقط فردي وثلثي قائمة».
وعن موقفه إزاء المطالب بتقديم الانتخابات الرئاسية على البرلمانية، رد عبدالمعبود: «نرفض ذلك رفضًا باتًا.
خريطة الطريق نصت على أن تُجرى الانتخابات البرلمانية أولًا لتحقيق غطاء تشريعي واضح، ومن ثم تجرى الانتخابات الرئاسية»، مشدداً على أنه «تم الاتفاق على خريطة الطريق، وأي تعديل عليها غير مناسب وغير مطروح، وسوف نعارضه بشدة».
سيناريوهات مغايرة
وفي سياق مُتصل، بزغت سيناريوهات أخرى مغايرة لفكرة إجراء الانتخابات الرئاسية قبل الانتخابات البرلمانية، منها السيناريو الذي أكده حزب الحركة الوطنية، على لسان عضو الهيئة العليا ياسر قورة، والذي اقترح إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية معًا «توفيرًا للنفقات ولإتاحة الفرصة الأكبر لمناقشة الدستور والتوافق عليه قبل الانتخابات».
وفي موازاة ذلك، دافع حزب المصريين الأحرار، على لسان الناطق الرسمي باسمه شهاب وجيه، على نظام القائمة أو النظام المختلط.
وقال وجيه:« نحن في حزب المصريين الأحرار ملتزمون بخيار إجراء الانتخابات البرلمانية على أساس نظام القوائم؛ لأن القوائم تؤدي إلى تمثل حقيقي للشعب المصري والقوى السياسية وبرامجها المختلفة»،
مضيفاً:«قد يكون هناك بعض صور النظام المختلط في النظام الذي نرغبه، لكن بما يعطي أكثر الفرص للمواطنين والأحزاب السياسية، وبما يفيد المشهد السياسي المصري بوجهٍ عام خلال الفترة الراهنة، لأننا نعتقد أنه يجب أن يأتي قانون الانتخابات دستوريًا بحيث لا تتكرر فيه الأخطاء السابقة».
وأردف قائلاً: «نحن ملتزمون بكل ما جاء في خريطة الطريق التي تنص على أن تجرى الانتخابات البرلمانية أولًا، ومن ثم الرئاسية في وقتٍ لاحق».
اللجنة مخولة
ترى بعض القوى السياسية في مصر أن لجنة الخمسين المخولة لصياغة الدستور وتعديله أو وضع دستور جديد «هي المسؤولة عن تعديل خريطة الطريق، ووضع الخُطة للمرحلة المقبلة». وتشير هذه القوى إلى أنها «تؤيد اللجنة وترحب بها لأنه من حق المصريين أن يكون هناك دستور توافقي حقيقي يعبر عنهم وعن طموحاتهم».