سلمت روسيا، أمس، خطتها لوضع الأسلحة الكيماوية السورية تحت رقابة دولية إلى الولايات المتحدة، وتعتزم بحثها اليوم في جنيف خلال لقاء بين وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ونظيره الأميركي جون كيري، فيما أعلن الرئيس الاميركي باراك أوباما أن الوقت مازال مبكراً لمعرفة ما إذا كانت الخطة الروسية يمكن أن تجنب النظام السوري ضربة عسكرية، لكنه تعهد بإعطاء الدبلوماسية فرصة مع إبقاء «الضغط» العسكري، متجاهلاً بذلك الرد أو التعليق على طلب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بإلغاء الضربة كشرط لتفعيل المبادرة.
ونقلت وكالة «انترفاكس» عن مصدر روسي قوله أمس: إن موسكو سلمت واشنطن خطتها لوضع الاسلحة الكيماوية السورية تحت رقابة دولية وتعتزم بحثها اليوم في جنيف. كما نقلت وكالة «ايتار - تاس» الروسية للأنباء عن المصادر قولها: «سلمنا الى الاميركان خطة لفرض الرقابة الدولية على الاسلحة الكيماوية في سوريا، ونأمل بمناقشتها في جنيف».
وكان وزير الخارجية الأميركي، الذي من المقرر أن يلتقي نظيره الروسي في جنيف اليوم، قال: إن من المتوقع أن يسلمه لافروف مقترحات روسية لكي تقوم إدارة أوباما ببحثها.
الدوما يناشد
في الأثناء، ناشد مجلس الدوما (البرلمان الروسي) الكونغرس الاميركي عدم التصويت لصالح توجيه ضربة عسكرية ضد النظام السوري. وصوت مجلس الدوما بالاجماع لصالح بيان بثته وكالة أنباء «ايتار تاس» يؤكد أن المجلس يرفض عزم الادارة الاميركية وغيرها من الدول الغربية توجيه ضربة عسكرية ضد دولة مستقلة وذات سيادة دون تفويض من مجلس الأمن الدولي.
خطاب أوباما
من جهة أخرى، قال الرئيس الأميركي في خطاب إلى مواطنيه استغرق 16 دقيقة: إن «مشاهد المجزرة الكيماوية مثيرة للاشمئزاز: رجال، نساء وأطفال ممددون في صفوف، قتلوا بالغازات السامة، آخرون تخرج الرغوة من أفواههم يحاولون التقاط أنفاسهم، والد يحمل أطفاله القتلى ويتوسل اليهم أن ينهضوا ويسيروا». وأضاف: «نعرف أن نظام الأسد مسؤول. في الأيام التي سبقت 21 اغسطس، نعرف أن المسؤولين عن أسلحة الأسد الكيماوية كانوا يعدون لهجوم قرب منطقة يقومون فيها بتركيب غاز السارين.
وزعوا أقنعة ضد الغازات على رجالهم. ثم أطلقوا صواريخ من منطقة يسيطر عليها النظام في اتجاه 11 حياً كان النظام يسعى لتطهيرها من قوات المعارضة». وطلب من الأميركيين أن يشاهدوا أشرطة الفيديو المروعة للهجوم في ريف دمشق. ووسط الغموض الذي يحيط بحجم أي تدخل عسكري أميركي، حذر من أن النظام السوري «سيدفع الثمن غالياً في حال استخدمت القوة العسكرية الأميركية ضده».
الضغط العسكري
وتعهد أوباما بإبقاء القوات الاميركية في مواقعها قبالة السواحل السورية لإبقاء الضغط على نظام الاسد فيما تتواصل المساعي الدبلوماسية. وقال: «بعد البحث ملياً، قررت أن من مصلحة الامن القومي للولايات المتحدة الرد على استخدام نظام الاسد أسلحة كيماوية بضربة عسكرية محددة الهدف»، لكنه أردف مطمئناً الأميركيين: «لن أرسل جنودا اميركيين على الارض في سوريا. لن أقوم بعمل مفتوح بلا حد زمني كما في العراق وافغانستان، لن أسعى لشن حملة جوية مطولة كما في ليبيا وكوسوفو».
وقد يكون هذا التحذير الحازم موجها ايضا الى روسيا للتأكيد على أن الولايات المتحدة لن تقبل بتكتيك يهدف الى المماطلة او بدبلوماسية طويلة الامد يعتبر البعض انها ستكون نتيجة محتومة لمبادرة موسكو. وتحدث اوباما عبر التلفزيون الوطني من «القاعة الشرقية» (ايست روم) بعدما عدل خطابه في اللحظة الاخيرة على ضوء الخطة الروسية المستجدة والقاضية بوضع ترسانة الاسلحة الكيماوية السورية تحت اشراف دولي لإتلافها.
وقال متوجها الى الاميركيين من القاعة ذاتها التي اعلن منها لمواطنيه مقتل زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن في عملية نفذتها وحدة كوماندوس اميركية في مايو 2011، إنه «من المبكر القول ما اذا كان هذا الطرح سيكلل بالنجاح، وعلى اي اتفاق ان يتحقق من التزام نظام الاسد بتعهداته». وتابع: «لكن هذه المبادرة يمكن ان تؤدي الى ازالة خطر الاسلحة الكيماوية بدون اللجوء الى القوة خصوصا وأن روسيا هي من أقوى حلفاء الاسد».
ضربة محدودة
وقال اوباما: إن «القوات الاميركية لا تقوم بعمليات صغرى. حتى ضربة محدودة ستوجه رسالة الى الاسد لا يمكن لأي بلد آخر توجيهها». وإذ لفت الى انه «لا أعتقد أن علينا الاطاحة بدكتاتور جديد بالقوة»، قال: إن «ضربة محدودة يمكن ان تجعل الاسد او اي دكتاتور آخر يفكر ملياً قبل استخدام اسلحة كيماوية».
كذلك اوضح اوباما انه طلب من الكونغرس ارجاء التصويت على طلبه للسماح باستخدام القوة العسكرية في سوريا، لإعطاء فرصة للدبلوماسية. وفي مؤشر اضافي الى ان القوات الاميركية لن تشن ضربات جوية في المدى القريب، اكد اوباما انه لن يتم استخدام القوة الى ان يصدر مفتشو الامم المتحدة تقريرهم حول وقائع هجوم 21 اغسطس.
ثقة بيريز
عبر الرئيس الاسرائيلي شمعون بيريز أمس عن ثقته بأن الولايات المتحدة ستتدخل عسكريا إن لم تكن سوريا «صادقة» بشأن ترسانتها الكيميائية. وقال بيريز في بيان صادر عن مكتبه: «من الافضل دوما الحصول على نتائج عبر الدبلوماسية بدلا من الحرب لكن المسألة الاساسية حاليا تتمثل في صدق النظام السوري».
واضاف: «إن كانت سوريا صادقة واتخذت تدابير ملموسة لإزالة وتدمير الاسلحة الكيميائية على اراضيها، فإن الولايات المتحدة لن تهاجم». تل أبيب- أ.ف.ب