شهدت أروقة الرئاسة المصرية حراكا مكثفا طوال أمس من أجل البحث عن مخرج للأزمة الراهنة. وفيما أعلنت الرئاسة أن الحوار الذي دعت إليه شارك فيه 40 شخصية عامة وحزبية أفادت تقارير أن الرئيس محمد مرسي غادر الحوار الذي قاطعته جبهة الإنقاذ الوطنية عقب إلقائه كلمة للمجتمعين. يأتي ذلك فيما طفت للسطح بوادر تصعيد جديد إذ أعلن تحالف القوى الإسلامية رفضه إرجاء الاستفتاء على الدستور المقرر له 15 الجاري.
وعلى وقع احتجاجات مؤيدة ومناوئة للرئيس مرسي، أعلن الناطق باسم الرئاسة ياسر علي أن حوارا انطلق أمس بين مؤسسة الرئاسة و40 شخصية حزبية وعامة في مقدمتهم شيخ الأزهر
د. أحمد الطيب.
وأضاف الناطق الرئاسي عبر صفحته الرسمية على «فيسبوك» أن الحوار يأتي استجابة لدعوة مرسي لمناقشة الأوضاع الحالية وسبل التوصل إلى حل للخلاف الدائر حول الاستفتاء على مشروع الدستور والإعلان الدستوري الصادر في 21 نوفمبر 2011 وذلك بحضور مرسي ونائبه المستشار محمود مكي، فيما أشارت تقارير الى أن مرسي غادر الحوار بعد إلقائه كلمة للمجتمعين، وفوض نائبه في إدارة الحوار.
ومن بين أبرز الشخصيات المشاركة في الحوار، شيخ الأزهر د. أحمد الطيب والفقيه الدستوري د. أحمد كمال أبوالمجد.
رفض الإرجاء
وفي أجواء الاحتقان المتزايد، أعلن ائتلاف الاحزاب والقوى الاسلامية الذي يضم 13 تنظيما بينها جماعة الاخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة والاحزاب والقوى السلفية رفضه تأجيل الاستفتاء على مشروع الدستور المقرر في 15 ديسمبر الجاري.
وأكد بيان لهذه القوى تلاه نائب المرشد العام خيرت الشاطر في مؤتمر صحافي: «ضرورة اجراء الاستفتاء على الدستور في موعده دون تعديل او تأجيل».
ووقع بيان الائتلاف 13 حزبا وحركة اسلامية بينها بالخصوص الاخوان المسلمون وحزب الحرية والعدالة المنبثق عنها وحزب النور والدعوة السلفية والجماعة الاسلامية. وحذر الائتلاف مما سماه «المتلاعبين بإرادة الشعب من محاولة اغتصاب الدولة أو الانقلاب على الشرعية»، مضيفا ان «كل الخيارات مفتوحة امام القوى الاسلامية للحفاظ على الشرعية ومؤسسات الدولة المنتخبة».
وحذَّرت القوى الإسلامية مما سمته «أية محاولة لاغتصاب الدولة والانقلاب على الشرعية». وأعرب الائتلاف عن دعمه لجميع الفعاليات الرامية للحفاظ على الشرعية، معتبراً أن «الكيل فاض من الإعلام الفاسد الممول وكذبه وبهتانه وإجرامه في حق الثورة المصرية وانحيازه إلى النظام البائد ورجال المال الفاسد»، على حد تعبير الائتلاف.
تظاهرات مناوئة ومؤيدة
في هذه الأجواء، واصل مئات المتظاهرين اعتصامهم أمام قصر الاتحادية الرئاسي. وتجمع العشرات منهم أمام بوابات القصر التي تتمركز أمامها قوات الأمن المركزي مرددين عدة هتافات من بينها: «الشعب يريد إسقاط النظام».
ومن جانبه، حذر المعارض البارز، رئيس جبهة الانقاذ الوطني محمد البرادعي والذي رفض المشاركة في حوار مرسي من إراقة الدم مرة اخرى، ودعا للحفاظ على سلمية التظاهر.
وقال البرادعي في كلمة متلفزة: «أحذر من اي اشتباكات وأطلب من الجميع ان لا يدخلونا في معارك دموية لا يمكن ان نتحمل مرة اخرى ان يراق دم لا بد ان نجد طريقة سلمية للخروج من الازمة السياسية الحادة التي نشهدها».
وردت على المتظاهرين سيدة تدعى سحر محمد زكي: «الشعب يريد إسقاط الثورة المضادة»، مؤكدة أنها من المشاركين في ثورة 25 يناير لكنها ليست مع إسقاط الرئيس تخوفاً من الانقلاب العسكري وهو ما أغضب المتظاهرين الذين طردوها من محيط القصر.
جدار خرساني
وخوفا من انفلات أمني، أقامت القوات المسلحة جدارا خرسانيا جديدا للمرة الثانية أمام قصر الاتحادية في الوقت الذي يستمر فيه عدد من المتظاهرين الاعتصام بمحيط القصر.
وكان الحرس الجمهوري أقام جدارا خرسانيا حول القصر قبل تظاهرات حاشدة للمعارضة تحت شعار «الكارت الأحمر» لكن التظاهرات اخترقته.
في موازاة ذلك، واستمرارا لحالة الانقسام واصل أنصار مرسي تظاهراتهم أمام مسجد رابعة العدوية بمدينة نصر تأييداً لقراراته ولحماية ما سموها «الشرعية الدستورية»، على حد وصفهم.
وفي السياق، نشرت عناصر الأمن آليات خفيفة وعزَّزت من تواجدها حول مدينة الإنتاج الإعلامي جنوب القاهرة تحسباً لاقتحامها من جانب إسلاميين. وهدد المتظاهرون من أنصار مرسي بإعلان ما سموه «النفير العام» حال تم إسقاط مرسي. ويحتشد المتظاهرون منذ عصر أول من أمس تلبية لدعوة القيادي حازم أبو إسماعيل «لتطهير الإعلام من الفساد»، حسب تعبيره.
حصيلة التظاهرات
في الأثناء، أعلنت وزارة الصحة عن ارتفاع أعداد المصابين خلال تظاهرة أول من أمس بالقاهرة والمحافظات تحت عنوان «الكارت الأحمر» إلى 110 مصابين، نافية وقوع أي وفيات. وأوضح الناطق باسم وزارة الصحة د. أحمد عمر أن عدد المصابين بمحافظة القاهرة بلغ 25 مصابا بينهم 8 مصابين في ميدان التحرير. كما أصيب 30 شخصا أمام منزل الرئيس مرسي في مدينة الزقازيق بالشرقية.